مصادر مصرية: المجلس العسكري يسعى لرأب الصدع السياسي بـ«وثيقة مبادئ حاكمة»

مستلهمة من الإعلان الأميركي للحقوق وتبحث عن التوافق بين كل الأطراف

مصريون يتظاهرون بوسط ميدان التحرير لليوم الخامس على التوالي (إ.ب.أ)
TT

في محاولة للخروج من مأزق الانقسام السياسي الذي تتعرض له مصر بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، والجدل الدائر حول مدى أهمية إجراء الانتخابات أولا أو التبكير بصياغة الدستور أولا.. أكد المجلس العسكري أمس على إعداد وثيقة مبادئ «حاكمة» لاختيار الجمعية التأسيسية لإعداد دستور جديد للبلاد، وإصدارها في إعلان دستوري بعد اتفاق القوى والأحزاب السياسية عليها.

ولكن مصادر رفيعة المستوى كشفت لـ«الشرق الأوسط» أن الوثيقة تم الانتهاء منها بالفعل يوم 7 يوليو (تموز) الجاري، وأنها نفس الوثيقة التي تم التوافق حولها في جلسات مؤتمر الوفاق القومي، ومقرره الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء، حول المبادئ «فوق الدستورية».

وأشارت المصادر إلى أن «وثيقة الجمل» التي استغرق إعدادها قرابة الشهرين، والتي تشبه وثيقة الإعلان الأميركي للحقوق لم يعلن عنها تفاديا للغط الإعلامي. إلا أن الوثيقة تم تسريب مسودتها منذ أيام عبر وسائل إعلام مصرية، فيما وصف بأنه استطلاع للرأي العام حول مبادئها الرئيسية.

ومما يرفع من معدل التوقعات حول أن تكون «وثيقة مبادئ «حاكمة» هي نفسها «وثيقة المبادئ الحاكمة» التي أعلن عنها المجلس العسكري، التزامن بين إعلان مساعد وزير الدفاع عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة اللواء محسن الفنجري أمس عن الوثيقة، وبين لقاء أحمد الفضالي، رئيس اللجنة التشريعية التابعة لمؤتمر الوفاق القومي، مع الفريق سامي عنان، رئيس الأركان نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أول من أمس، وتأكيده (الفضالي) على عرض وثيقة المبادئ الدستورية على عنان.. إضافة إلى ما أعلنه الدكتور الجمل أمس من أن اللجان المتخصصة المنبثقة عن المؤتمر قاربت على الانتهاء من أعمالها.

وحسب محررة وثيقة مؤتمر الوفاق القومي الدكتورة منى ذو الفقار، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، فإن الوثيقة خرجت بعد مناقشات كثيرة بين المشاركين من مختلف التيارات السياسية المصرية، علما بأن مقرر المؤتمر المشارك هو اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وأوضحت ذو الفقار في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن 50 شخصا، يمثلون التيارات المختلفة المشاركة في الوفاق القومي، ساهموا في الوثيقة التي ستكون مبادئ حاكمة لتجنب انقسام البلاد بسبب الدستور أولا أم الانتخابات أولا. وقالت إن الوثيقة ستحترم نتيجة الاستفتاء الذي أقر بوجوبية إقرار الانتخابات أولا، إلا أنها في ذات الوقت ستطمئن من كانوا يريدون الدستور أولا، من خلال وضع الحد الأدنى للضمانات، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى تهدئة الأوضاع.

وأكدت ذو الفقار أن مقرري اللجان بذلوا جهودا مضنية في المفاوضات مع كل التيارات، مشيرة إلى أن أبرز ما جاء بها من بنود لـ«موازنة» الأوضاع هو أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ولكن مع مراعاة أن مبادئ شرائع غير المسلمين هي المصدر الرئيسي للتشريعات المتعلقة بأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية. واعتبرت ذو الفقار أن تلك الصياغة تحقق التوافق بين من «يتمسكون بالمادة الثانية من الدستور الحالي ويتخوفون من أن تتحول الدولة إلى العلمانية، وبين من ينادون بضرورة إتاحة فرصة للتشريع المدني لغير المسلمين.. مما يقطع الطريق على مثيري الفتنة بشكل نهائي».

وأضافت ذو الفقار أن وضع القوات المسلحة كان إحدى نقاط الخلاف، مشيرة إلى أن بعض الأصوات كانت تريد دورا أكبر للقوات المسلحة على غرار النموذج التركي، بينما الرأي الآخر كان يريد التأكيد على مدنية الدولة.. وانتهت الوثيقة إلى أن القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية أمن الوطن واستقلاله والحفاظ على وحدته وسيادته على كامل أراضيه. وأشارت إلى أن هناك خلافات ظهرت في مسألة مجانية التعليم ومقومات الدولة وشكلها الاقتصادي، ولكنها قالت: «حرصنا على وضع مبادئ وعدم الدخول في تفاصيل حتى لا نثير الخلافات. كما لم ندخل في طبيعة النظام الانتخابي أو طبيعة النظام الاقتصادي فهناك حد أدنى لا بد من الاتفاق عليه وهو ما حدث».

وأوضحت ذو الفقار أن الناتج هو مبادئ حاكمة، مضيفة أن هناك 33 دستورا حول العالم تعتمد على فكرة المبادئ الحاكمة، كما أن دستور 1923 في مصر اعتمد على نفس المبادئ.