استقالة مقرب آخر من مردوخ بعد أن خسر ريبيكا بروكس

ينشر اعتذاره لما اقترفته مطبوعاته على صفحات صحف منافسيه ويخطط لمطبوعة ليوم الأحد مع تخفيضات للمعلنين وقد توزع مجانا

إعلان اعتذار مردوخ في صحيفة «ديلي تلغراف»
TT

بعد يوم حافل من دراما «هاكغيت» التي في خضم أسبوعها الثاني، والتي وصفها أحد المعلقين بأنها «عشرة أيام هزت بريطانيا»، وكان أخيرا وليس آخرا استقالة ريبيكا بروكس، المديرة التنفيذية لمؤسسة «نيوز إنترناشيونال» والمساعدة المفضلة لدى روبرت مردوخ، رئيس «نيوز كوربوريشن»، استقال مقرب آخر منه بعد أقل من 24 ساعة، وهو ليز هينتون الرئيس التنفيذي لشركة «داو جونز»، أحد الفروع الأميركية لمجموعته. وعمل هينتون، الذي يقال إنه قريب جدا من مردوخ، بين عامي 1995 و2007 رئيس الفرع البريطاني للمجموعة الإعلامية «نيوز إنترناشيونال»، مما يعني أن ما كان يجري في الخفاء من تنصت وقرصنة على تليفونات الآخرين، خصوصا فيما يخص بعض الأحداث المؤلمة، مثل الادعاء بالتنصت على تليفونات ضحايا الفجيرات الإرهابية في الولايات المتحدة عام 2001، وتليفون المراهقة ميلي داولر في عام 2002، وتفجيرات يوليو (تموز) عام 2005، التي فجرت جميعها فضيحة التنصت قبل 10 أيام، أن جميعها حدث خلال فترة وجوده في وظيفته كونه كان رئيسا تنفيذيا لـ«نيوز إنترناشيونال» الناشرة لصحف مردوخ، وهي «الصن» و«نيوز أوف ذي وورلد» التي أغلقت وتوقفت عن الصدور بعد 168 عاما من النشر، و«التايمز» و«صنداي تايمز».

وقال هينتون في بيان «قرأت مئات المقالات عن أخطاء مهنية حقيقية أو مفترضة ارتكبت عندما كنت رئيسا تنفيذيا لـ(نيوز إنترناشيونال) ومسؤولا عن الشركة»، مضيفا أن «الألم الذي سبب لأشخاص أبرياء لا يمكن تصوره. وجهلي بما كان يحدث على ما يبدو أمر لا أهمية له، ونظرا للظروف أعتقد أن استقالتي من (نيوز كورب) مناسبة، وأعتذر إلى الذين جرحوا بأعمال (نيوز أوف ذي وورلد)».

كما قدم اعتذارات «صادقة وبلا أي تحفظ» لوالدي ميلي داولر التي قتلت في 2002. وقد أثار الكشف عن أن مخبرا يعمل لحساب «نيوز أوف ذي وورلد» قام بمحو رسائل على الهاتف الجوال للفتاة المفقودة للإيحاء لأقربائها والشرطة بأنها على قيد الحياة الاستياء في بريطانيا.

ومنذ ذلك الحين، لم تكف الفضيحة عن التضخم، وأصبحت مجموعة مردوخ مستهدفة أو مهددة بتحقيقات في بريطانيا والولايات المتحدة.

وفتح مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقا أوليا لمعرفة ما إذا كانت عمليات تنصت غير قانونية جرت، خصوصا على هواتف ضحايا لاعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

وتعكس الاستقالة المدوية لريبيكا بروكس (43 عاما) محاولة مردوخ استعادة زمام المبادرة. بعد أن أصبحت عالة على سمعة الشركة، وهذا ما قالته أمس في استقالتها، بأن الأضواء سلطت عليها بدلا من التركيز على الأمور الأخرى التي قد تخرج الشركة وطموحاتها الاقتصادية في بريطانيا من مأزقها. وكانت الأحزاب البريطانية الكبرى شكلت جبهة موحدة نادرة الأربعاء الماضي للمطالبة بالتخلي عن مشروع شراء مردوخ مجموعة القنوات الفضائية «بي سكاي بي».

وصرحت بروكس التي عين في مكانها توم موكريدج المدير العام لـ«سكاي إيطاليا» التابعة لـ«نيوز كورب» أن «استقالتي ستمنحني الحرية والوقت اللازمين للتعاون الكامل مع التحقيقات الحالية والمقبلة».

وكان مردوخ قد وصل إلى بريطانيا في عطلة نهاية الأسبوع الماضي ليؤكد دعمه الثابت لها، التي تقدم على أنها «ابنته الخامسة».

لكن موقفها ضعف، خصوصا بعد إدارتها صحيفتين شعبيتين بريطانيتين «ذي صن» والأسبوعية «نيوز أوف ذي وورلد» التي يشتبه بأنها تنصتت على الآخرين وتدور حولها الفضيحة وتخص نحو 4 آلاف شخص من سياسيين وأفراد الأسرة الملكية وضحايا جرائم أو أقرباء جنود قتلوا في العراق أو أفغانستان.

وقال رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيد كاميرون إن رحيل «ملكة الصحافة الصفراء» هو «القرار الصائب»، بينما قال زعيم المعارضة العمالية إد ميليباند «كان يجب أن ترحل قبل ذلك».

كما قال الأمير الوليد بن طلال، ثاني أكبر مساهم في «نيوز كورب» التي لها مقار في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة «بالتأكيد كان يجب أن ترحل». وتضم مجموعة مردوخ «نيوز كورب» في الولايات المتحدة وشبكة «فوكس» وصحيفة «نيويورك بوست» وكذلك صحيفة «وول ستريت جورنال»، التي خصها أول من أمس بتصريحات اعترف فيها بأن أخطاء ارتكبت في السابق ويجب تصحيحها.

وستمثل الثلاثاء أمام لجنة الإعلام في مجلس العموم البريطاني مع مردوخ وابنه جيمس رئيس «نيوز إنترناشيونال». وكان أعضاء هذه اللجنة حملوا بغضب على 3 من قادة الشرطة البريطانية المتهمة بالاستهتار بالتحقيق والتغطية على مخبرين فاسدين، وإن تم اعتقال 9 أشخاص حتى الآن بينهم آندي كولسون الذي يسبب توقيفه إرباكا سياسيا. وكذلك نائبه في فترة توليه رئاسة تحرير «نيوز أوف ذي وورلد» نيل اليس.

وكان كالسون حتى يناير (كانون الثاني) الماضي مديرا لمكتب اتصال كاميرون. وأخيرا، سيمثل كولسون وبروكس أمام لجنة التحقيق العامة التي شكلت لكشف قضية التنصت و«تنظيم» ممارسات وسائل الإعلام.

واصل روبرت مردوخ هجومه المضاد بالاعتذار عن فضيحة عمليات التنصت. وكان مردوخ، الأسترالي - الأميركي (80 عاما) عبر في إعلانات كتبها بنفسه، ونشرتها الصحف ليست التي يملكها مثل «التايمز» وإنما المنافسة له مثل عدوه اللدود «الغارديان» التي كشفت عن خيوط الفضيحة، عن أسفه «للأخطاء الفادحة التي وقعت» وأرفق الاعتذار بوعد بإجراءات تعويض عملية.

وتعهد مردوخ في إعلانات نشرت على صفحة كاملة باتخاذ «خطوات ملموسة». وقال في إعلانه: «نأسف للأعمال الفظيعة والخاطئة التي حصلت. ونأسف للألم الذي تسببنا فيه لبعض الأفراد. ونأسف لأننا لم نعمل بالسرعة الكافية في التعامل مع الأمور. أعرف أن مجرد الاعتذار شيء غير كاف. نشاطاتنا التجارية تأسست على فكرة أن الصحافة الحرة هي قوة إيجابية في أي مجتمع. وكان علينا أن نرتقي إلى هذا المستوى. في الأيام القليلة القادمة، سنتخذ خطوات عملية ومادية لحل كل هذه الأمور ونعوض الآخرين عن أي أذى تسببنا فيه، وسوف نوافيكم بمعلومات أخرى».

والسؤال الذي يتردد على ألسنة العاملين في حقل النشر والإعلام في بريطانيا يدور حول إذ كان سيبدأ مردوخ بنشر صحيفة أسبوعية تملأ فراغ «نيوز أوف ذي وورلد»، التي وصل عدد قرائها إلى ما يقارب 8 ملايين شخص. وقالت وكالة «بلومبيرغ» أمس إنه يحضر لصحيفة أسبوعية تعد المعلنين بتخفيضات يسيل لها اللعاب، أو حتى إصدار صحيفة توزع مجانا. وكان بعض المعلنين مثل «سوبرماركت سينزبريز» وبعض الشركات الأخرى مثل «فورد» و«جنرال موتورز» بعد الكشف عن الفضيحة قد سحبوا اتفاقياتهم مع «نيوز إنترناشيونال» بسبب الفضيحة.

ويقال إن النقاش الدائر هو أن الصحيفة المزمع نشرها ستكون النسخة الأسبوعية لصحيفة «الصن»، والاحتمال أن يبدأ النشر الشهر المقبل، كما ذكر أشخاص على معرفة بالموضوع لكنهم يفضلون أن يبقوا مجهولي الهوية، لأن المشروع ما زال في بدايته ولم يعلن عنه بعد.

وقال مارك مندوزا الرئيس التنفيذي لمجموعة «ميديا بلانينغ غروب» التي تنشر إعلانات في الصحافة وتمثل شركات مثل مجموعة «إير فرانس - كي إل إم» ودار «هيوغو بوس»، سوف تمنح تخفيضات يسيل لها اللعاب خلال الأسابيع الأولى من النشر، حتى يتم تقييم حقيقي للتوزيع وسوق المبيعات. وأضاف «سيمنح الكثير من المعلنين السابقين تخفيضات كبيرة حتى يختبروا السوق في البداية ويعرفوا مدى التجاوب».

تعليق السياسيين حول الاستقالة:

- رئيس الوزراء ديفيد كاميرون: إن استقالتها هذه هو القرار الحكيم.

- زعيم المعارضة أيد ميليباند: لقد تحملت أخيرا المسؤولية واستقالت، إنه القرار الصحيح.. لا أحد في هذا البلد يحق له أن يمارس هذه السلطة من دون أي مسؤولية.

- نيك كليغ زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار في الحكومة الائتلافية: خطوة مهمة في الطريق إلى تنظيف هذه الفوضى.

- نائب رئيس الوزراء السابق اللورد جون بريسكوت: أشكر الله أننا أصبحنا أقرب إلى أن نتوصل إلى صحافة بمسؤولية.