مصر: ضباط بالجيش أدوا التحية لجنازة مهيبة لأحدث شهداء ثورة 25 يناير

معتصمو التحرير منعوا عضو المجلس العسكري من لقاء المضربين عن الطعام

TT

رفض آلاف المعتصمين بميدان التحرير بوسط القاهرة أمس الاستماع إلى كلمة من اللواء طارق المهدي عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة أراد أن يلقيها من فوق منصة بالميدان وأجبروه على الخروج، في مشهد قال عنه اللواء المهدي «يسيء إلي أنني لم أنجح». ويأتي هذا في الوقت الذي شارك آلاف المواطنين في تشييع جنازة أحدث شهيد للثورة وهو الشاب مصطفى أحمد محمود (35 عاما)، والذي وافته المنية أمس بمستشفى القصر العيني بعد شهور من رقوده بالمستشفى إثر إصابته بالرأس في أحداث 28 يناير (كانون الثاني) الماضي التي عرفت بـ«جمعة الغضب». وقام ضباط تابعون للجيش من المتواجدين في مسار الجنازة بأداء التحية العسكرية للشهيد، وهو ما أشاد به المشيعون.

وقام اللواء طارق المهدي، الذي يشرف على اتحاد الإذاعة والتلفزيون، بزيارة مفاجئة صباح أمس إلى ميدان التحرير في محاولة لإقناع نحو 15 شابا مضربين عن الطعام منذ نحو أسبوع بوقف إضرابهم. وحاول المهدي، الذي كان يصطحب فرد شرطة عسكرية واحدا غير مسلح، الصعود إلى إحدى المنصات الموجودة فهتف المتظاهرون ضده، فاضطر للذهاب إلى منصة أخرى، وقال للمتظاهرين «إنه لم يأت للميدان إلا لمحاولة إثناء المضربين عن الطعام عن إضرابهم أو أن يتم نقلهم إلى المستشفى وإنه يعتبرهم أبناءه»، مشيرا إلى «وجود بعض الخونة في الميدان». فهتف المتظاهرون ضده ووقعت عدة مشاحنات ومشاجرات بين الرافضين لسماع كلمة المهدي وآخرين.

وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن عددا قليلا من المعتصمين دعا الغالبية الرافضة لسماع كلمة المهدي إلى التريث لمعرفة ما يود قوله، إلا أن خبرا أذيع من إحدى المنصات بالميدان حول قيام الجيش بفض اعتصام للثوار بمدينة طنطا بالقوة، وهو الأمر الذي لم يتم التأكيد على صحته، بالإضافة إلى ادعاء المهدي بوجود خونة داخل الميدان بين الثوار، كان كفيلا بغلبة قرار رفض وجود المهدي، الذي غادر الميدان على الفور، ووجه المعتصمون إليه هتافات «حكم العسكر باطل»، و«يسقط يسقط حكم العسكر».

ورفع مجموعة من المعتصمين صور الضباط المنسوبين للقوات المسلحة الذين اعتقلوا في فض اعتصام التحرير، يوم 9 أبريل (نيسان) الماضي، مطالبين بالإفراج عنهم، وشكلت مجموعة من المعتصمين في الميدان طوقا حول اللواء المهدي لتأمين خروجه من الميدان.

وفور خروجه قام اللواء المهدي بإجراء اتصال هاتفي بالتلفزيون المصري، قال فيه «نريد أن نوصل صوتنا، وأن نسمع أي شيء لم نسمعه (من الثوار)، الأصل في المواضيع أن تسمعنا ماذا نقول.. ما أزعجني هو أن عددا قليلا يتحكم في الناس ويمنعهم (من سماعي)».

وأبدى المهدي غضبه الشديد من فشله في إيصال صوته للثوار وقال: «انزعجت.. في الآخر لم أنجح في المهمة ولم أصل إلى المضربين عن الطعام، لم أصل إلى الخيمة.. أسوأ ما في الموضوع أنني لم أنجح.. إنه من الأيام اللي مش كويسة بالنسبة لي». ووجه المهدي اعتذاره للمضربين عن الطعام كما شكر كل من حاول أن يحميه في الميدان، وقال إنه لا يخاف من الموت.

ودخل اعتصام الشباب في ميدان التحرير ومعظم الميادين الرئيسية في عدد من المحافظات المصرية يومه الثاني عشر، ويرفض المعتصمون فض اعتصامهم، رغم الوعود والقرارات التي اتخذها المجلس العسكري وقرب الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة. ويدعو الشباب المعتصمون المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد تلبية باقي مطالب الثورة، وأهمها الإسراع في محاكمة عناصر النظام السابق، وتطهير مؤسسات الدولة خاصة جهاز القضاء، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، ونقل الرئيس السابق حسني مبارك من مقر احتجازه بمستشفى شرم الشيخ إلى مستشفى سجن طرة باعتباره متهما جنائيا بقتل المتظاهرين.

وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط «الرسمية» إن الناشط السياسي الشاب محمد محمود فوزي أعلن أمس تعليق إضرابه عن الطعام، الذي استمر لمدة أسبوع، عقب لقائه وعدد من الناشطين المضربين عن الطعام مع أعضاء بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذين أقنعوه بالعدول عن موقفه. وقال فوزي «إنه لمس تفهما كبيرا من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمطالب الثوار، وتقديرهم للروح الوطنية العالية التي تمتعوا بها بعد أن رفض المضربون مساعدات من جهات أجنبية واتصالات تعرض عليهم المساعدة في ممارسة ضغوط على المسؤولين المصريين، وأنهم رفضوا تدخل أي دولة أجنبية».

وخرج أمس آلاف المواطنين في جنازة مهيبة لتشيع الشهيد مصطفى أحمد محمود الذي وافته المنية بمستشفى القصر العيني عن عمر يناهز 35 عاما، وذلك بعد صراع مع المرض منذ أحداث 28 يناير الماضي التي عرفت بـ«جمعة الغضب». ورفض الثوار إقامة صلاة الجنازة داخل مسجد عمر مكرم، وأقاموها في ساحة ميدان التحرير. وأفاد شهود العيان بأن ضباط الجيش المنتشرين في محيط مقر مجلس الوزراء ووزارة الداخلية أدوا التحية العسكرية للشهيد أثناء مرور الجنازة، في سلوك أشاد به المشاركون في الجنازة. كما بدأت جميع المنصات الموجودة في الميدان في إذاعة آيات القرآن الكريم واستمر ذلك حتى بعد مغادرة جثمان الشهيد ميدان التحرير. وردد المشاركون هتافات تطالب بالقصاص للشهداء.

وفي السويس واصل العشرات من الأهالي اعتصامهم أمام مبنى ديوان عام المحافظة احتجاجا على تعرض 6 مواطنين من المضربين عن الطعام للتعذيب داخل قسم شرطة السويس، وقال محمد التمساح، أحد الذين تعرضوا للتعذيب: «إنهم تعرضوا للضرب بالأرجل واليد وإطفاء السجائر في أجسادهم وتهديدهم بإطلاق الرصاص عليهم وهتك عرضهم من جانب أكثر من 30 فردا من أمناء الشرطة المتواجدين داخل القسم».

وعلى صعيد آخر، تظاهر أمس العشرات من أعضاء حركة شباب سيناء أمام فرع شركة (جاسكو) المشغلة لخط تصدير الغاز لإسرائيل مطالبين بوقف عمليات التصدير، وردد المتظاهرون هتافات تندد بعمليات تصدير الغاز لإسرائيل.