عمر سليمان: مبارك تنحى بناء على طلبي.. وأذعت البيان بعد سفره لشرم الشيخ

قال: لا يمكن لرجال الشرطة إطلاق النار على المتظاهرين دون أوامر وزير الداخلية

عمر سليمان
TT

ألقى عمر سليمان نائب الرئيس المصري السابق بالمسؤولية عن إطلاق النار على المتظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير على وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي. وقال سليمان في التحقيقات التي أجرتها معه النيابة العامة ونشرت نصها صحيفة «المصري اليوم»: «لا يمكن لرجل الشرطة إطلاق أعيرة نارية أثناء العمليات لفض المظاهرات إلا بتعليمات وأوامر من أعلى سلطة في جهاز الشرطة، وهي وزير الداخلية»، إلا أنه أضاف «معلوماتي أن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية لم يصدرا أمرا بإطلاق النار صوب المتظاهرين، وكانت التعليمات فض المظاهرة بالطرق الاعتيادية التي ذكرتها من قبل». ولم يجد سليمان تفسيرا لقتل المتظاهرين بإطلاق أعيرة نارية وطلقات خرطوش عليهم أثناء مظاهراتهم السلمية سوى قوله «ما اعرفش وممكن يكون من العناصر الإجرامية».

وقال سليمان «في يوم 28، الذي سمي بجمعة الغضب، كان حجم المتظاهرين بأعداد ضخمة تفوق كثيرا قدرات الشرطة بصورة تعجز معها عن المواجهة. وبالتالي كان يتعين على قوات الشرطة أن تنصرف ولا تواجه هذه الحشود الضخمة لاستحالة نجاحها، وبالتالي أعتقد أن هناك سوء تقدير في هذا التصرف».

وأشار إلى أنه التقى العادلي في مركز عمليات القوات المسلحة في يوم 30 يناير (كانون الثاني) وتعرف منه على موقف جهاز الشرطة، وقال «الذي فهمته منه أن جهاز الشرطة في حالة انكسار ولن يستطيع مواجهة المتظاهرين، وضرورة أن تقوم القوات المسلحة بأعمال التأمين مع الشرطة. وأخطرت الرئيس بهذا، وأوصيته بضرورة اتخاذ موقف سياسي يذكر فيه للشعب استجابته لمطالب تغيير الدستور وعدم ترشحه هو أو نجله جمال للرئاسة في الفترة المقبلة، واستعداده لإجراء الدولة حوارا مع جميع القوى السياسية في الدولة. ووافق الرئيس على ذلك، وأعد خطابا بهذا المعنى يوم الأحد 30 يناير (كانون الثاني) 2011، ولكنه ألقاه مساء يوم 1 فبراير (شباط) حيث لاقى هذا الخطاب ارتياحا لدى غالبية الشعب».

وأوضح سليمان أن الحادثة المعروفة باسم موقعة الجمل وقعت خلال اجتماعه بممثلين عن القوى السياسية صباح يوم 2 فبراير الماضي، معتبرا أن الواقعة «أفسدت ما قدمه الرئيس استجابة لمطالب المتظاهرين»، وقال «فقد المتظاهرون الثقة في الرئيس والنظام، ثم ازداد حجم المتظاهرين بصورة أكبر بكثير، وأصبح هناك إصرار من جميع الطوائف المتظاهرة بأعداد ضخمة جدا على ضرورة عمل تفويض باختصاصات رئيس الجمهورية إلي كنائب للرئيس. وكان هذا المطلب من يوم 3 فبراير 2011، إلا أن السيد الرئيس لم يستجب إلا يوم 10 فبراير 2011. وطوال هذه الفترة فشلت جميع محاولات الحوار مع القوى الوطنية بسبب موقعة الجمل التي حدثت يوم 2 فبراير 2011».

وأشار سليمان إلى أن البيان الذي ألقاه مبارك مساء يوم 10 فبراير الماضي، والذي فوضه فيه باختصاصات رئيس الجمهورية مع تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في موقعة الجمل ولجنة أخرى لإجراء تعديلات دستورية ولجنة ثالثة لتقصي الحقائق في قتل المتظاهرين، لم يلق قبولا شعبيا.. وكان هناك إصرار على رحيل الرئيس وتخليه عن السلطة، وقال «اختار الرئيس يوم الجمعة 11 فبراير 2011 أن يتخلى عن منصب رئيس الجمهورية، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد بناء على طلب مني لتدهور الموقف الأمني في كل ميادين جمهورية مصر العربية، على أن تتم إذاعة نبأ التخلي بعد سفره إلى شرم الشيخ صباح يوم الجمعة. وفي نحو الساعة الخامسة قرأت عليه في التليفون بيان التخلي، فوافق عليه وقمت بإذاعته من خلال التلفزيون، حيث لاقى قبولا شعبيا عارما. وفي يوم 12 فبراير 2011، قمت بتوقيع قرار التخلي عن الرئاسة بصفتي نائب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت».

وأرجع سليمان تصدير مصر الغاز الطبيعي إلى إسرائيل لوجود التزام في اتفاقية السلام مع إسرائيل، المبرمة عام 1979، بأن تقوم مصر بتصدير مليوني طن بترول إلى إسرائيل بالسعر العالمي عوضا لهم عن انسحابهم من سيناء. وقال «تم تفعيل هذا الالتزام عام 1984 بعد انسحابهم عام 1982، وظل الأمر هكذا حتى عام 1998، حيث أصبحنا نستهلك معظم إنتاجنا وعجزنا عن الوفاء بهذا الالتزام. فبدأت الدولة تفكر في تصدير الغاز إلى إسرائيل بدلا من البترول، الذي توقف تصديره إليها، وفي سبيل تنمية العلاقات معها تجنبا للحرب وللإبقاء على حالة السلام».

وقال «ظل التفكير في هذا الأمر لمدة خمس سنوات تقريبا حتى عام 2003، استقر رأي رئيس الجمهورية على تنفيذ تصدير الغاز إلى إسرائيل بعد أن تشاور مع وزير البترول ورئيس الوزراء في ذلك الوقت الدكتور عاطف عبيد، لمعرفة مدى الإمكانات المتوافرة للتصدير، وكيفية تنفيذ التصدير.. هل بطريقة مباشرة من الهيئة العامة للبترول أم عن طريق شركات خاصة تقوم بالتصدير على غرار الشركات التي تقوم بتصدير الغاز إلى فرنسا وإسبانيا وإيطاليا من وزارة البترول.

واستقر الرأي على اختيار القطاع الخاص لتصدير الغاز إلى إسرائيل، كي لا يفهم أنه خطوة في طريق التطبيع بين الدولتين، وأن يكون التطبيع من خلال القطاع الخاص. وقد تزامن في الوقت نفسه طلب الأردن الغاز المصري، فوافقت مصر على التصدير للأردن من خلال القطاع الخاص، وتم تكوين وإنشاء شركة خاصة لتصدير الغاز للأردن عام 2003، وسميت شركة غاز الشرق، وهي شركة قام بتأسيسها حسين سالم والهيئة العامة للبترول بتكليف من رئيس الجمهورية، وبعد تأسيسها لم تقم بالتصدير للأردن، وطلب الرئيس من حسين سالم التنازل عن هذه الشركة للقطاع الحكومي، وأن يقوم بتأسيس شركة أخرى مع مساهمين آخرين والهيئة العامة للبترول للتصدير لإسرائيل، وسميت الشركة (شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز)».

وكشف نائب الرئيس المصري السابق عن أن حسين سالم، الذي قال سليمان إن علاقة صداقة تجمعه بمبارك منذ أكثر من 20 عاما، لم يكن سعيدا بهذا التكليف لأنه يسيء إلى شخصه لدى الرأي العام باعتباره مطبعا مع إسرائيل. مشيرا إلى أن مبارك اختار سالم لهذه المهمة لسابق تعامله مع بعض «العناصر» من المستثمرين الإسرائيليين في إنشاء مصفاة شركة «ميدور»، التي صارت بعد ذلك مملوكة بالكامل للهيئة العامة للبترول.

وقال سليمان إن لجنة التقدير في الهيئة العامة للبترول هي التي قامت بتقدير سعر تصدير الغاز لإسرائيل في ضوء العقود المماثلة، ثم رفعته لوزير البترول للموافقة عليه فقام برفعه لمجلس الوزراء، نظرا لحساسية التصدير لإسرائيل، فصدرت الموافقة من مجلس الوزراء.

وكشف سليمان عن أنه، بوصفه رئيسا للمخابرات العامة المصرية، قام بدور في تسهيل تنفيذ هذا القرار من حيث المبدأ قبل توقيع مذكرة التفاهم، من خلال الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي. وكان في ذلك الوقت يتولى رئاسة الوزراء آرييل شارون، وقال «كان الدور التفاوضي من ناحيتي في الحصول على تسهيلات من الجانب الإسرائيلي كتحديد الأرض، وتوفير الحماية، والإعفاء من الرسوم والجمارك، وذلك دون الدخول في تفاصيل العقد».

وأضاف «بعد إبرام العقد في عام 2005 قمت بدور في عام 2007 بناء على تكليف من رئيس الجمهورية بالتفاوض مع الجانب الإسرائيلي لرفع السعر المتعاقد عليه إلى 3 دولارات، وإلا فلن تقوم مصر بتصدير الغاز إلى إسرائيل. وبالفعل طلبت من إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت، فوافق عليه بصعوبة بالغة، وتم تعديل العقد برفع السعر إلى 3 دولارات».