استقالة باقان أموم من حكومة السودان الجنوبي بعد 8 أيام من إعلان ميلاد الدولة

ضغوط لحضه على سحب استقالته.. ومكتبه يؤكد استمراره كأمين عام للحركة الشعبية ويبرر الاستقالة

TT

فجر الأمين العام للحركة الشعبية ووزير السلام في حكومة السودان الجنوبي باقان أموم مفاجأة من العيار الثقيل، بتقديم استقالته بعد أسبوع واحد من استقلال الدولة الوليدة، وخمسة أيام من تكليفه بالوزارة، في خطوة أثارت كثيرا من الجدل في العاصمة جوبا. ونفى مكتبه أن يكون أموم استقال من منصبه كأمين عام للحركة الشعبية، الحزب الحاكم في الجنوب.

وفي الشمال، هدد قيادي من منطقة أبيي المتنازع عليها بين دولتي جنوب وشمال السودان بإسقاط حكومة الرئيس السوداني عمر البشير خلال أشهر، في وقت استثنت فيه الخرطوم سكان منطقة أبيي من قرار انتزاع الجنسية عن الجنوبيين.

وكشفت مصادر «الشرق الأوسط» أن الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم تقدم باستقالته من منصب وزارة السلام في أول مفاجأة من نوعها في حكومة الدولة الوليدة. وأشارت مصادر إلى أن أموم قدم استقالته لرئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت، فيما مورست ضغوط شديدة على أموم لإثنائه عن الاستقالة التي جاءت بعد تكليفه بخمسة أيام وإعلان استقلال دولة الجنوب.

وكان أموم من أبرز القيادات الجنوبية، ويشتهر بمواقفه المتشددة من المؤتمر الوطني، وقيادته لملف المفاوضات مع الحكومة حتى الأسبوع الماضي، في ما يتعلق بقضايا ترتيبات ما بعد الاستفتاء. وقد حرص بنفسه على تقديم برنامج إعلان الاستقلال في التاسع من الشهر الحالي.

وفي السياق ذاته، أكد مكتب الأمين العام للحركة الشعبية، في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن أموم بالفعل قدم استقالته من الوزارة. وقال السكرتير الصحافي عاطف كير «إن أموم استقال بالفعل»، وأشار إلى أن «دستور الحركة الشعبية لتحرير السودان نص على تفرغ أعضاء سكرتاريتها القومية بمن فيهم الأمين العام للاضطلاع بمهامهم التنظيمية، إلا أن قيادتها كانت قد كلفته بالمنصب الوزاري لمتابعة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وتهيئة الأجواء لإجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان، وهو ما أفرز ميلاد الدولة الجديدة». وأضاف «لكن ليس صحيحا ما تم، ويتم تداوله، حول استقالته من منصبه كأمين عام للحركة الشعبية لتحرير السودان». وأكد أن باقان أموم يمارس مهامه كأمين عام للتنظيم لتهيئته لمرحلة التحوّل السياسي التي أفرزها ميلاد الجمهورية الجديدة، وما يتبع ذلك من تنافس بين قواها السياسية المختلفة. وسيعقد الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان مؤتمرا صحافيا لتوضيح ملابسات وحيثيات استقالته من الجهاز التنفيذي، ولتوضيح رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان للمرحلة المقبلة.

إلى ذلك، قال القيادي البارز في منطقة أبيي، إدوارد لينو، الذي شغل في وقت سابق منصب رئيس الاستخبارات العسكرية لمتمردي الجيش الشعبي الجنوبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن حكومة المؤتمر الوطني تبقت لها أشهر قليلة وسيتم إسقاطها بقوة الجماهير. وأضاف أن الخرطوم أصبحت في أزمة شاملة، معتبرا أن استثناء دينكا نقوك من نزع الجنسية لا معنى له باعتبار أن استفتاء المنطقة لم يتم إجراؤه حتى الآن. وأضاف «لا نريد جنسية من حكومة مشكوك فيها وقامت بطرد سكان أبيي»، وقال «الجنسية التي لدينا هي جنسية أبيي، وسيتم حلها قريبا، ووقتها سنرى موضوع الجنسية»، مشيرا إلى أن سكان أبيي يمكنهم قبول الجنسية من دولة السودان الجنوبي. وأضاف أن دولة السودان الجنوبي أكدت أنها ستمنح الشماليين المقيمين في الجنوب الجنسية، عكس حكومة الشمال التي رفضت الجنسية للجنوبيين، وتابع «من الذي يمكن أن يمنحنا الجنسية في الخرطوم؟». وأضاف «لن نقبل بجنسية الخرطوم»، وأن «دولة الشمال ترفض منح الجنسية للمواطنين الجنوبيين الذين ولدوا في الشمال». واستطرد «دولة إسرائيل هي الوحيدة التي تمنح الجنسية للمواطن بأصل والدته»، مؤكدا تمسك دينكا نقوك بمنطقتهم أبيي.

وكان القيادي في قبيلة المسيرية ذات الأصول العربية محمد عمر الأنصاري قد قال في تصريحات صحافية إن تبعية أبيي للشمال أمر غير قابل للمساومة، معتبرا أن أي استفتاء يجري حول المنطقة سيأتي لصالح جمهورية السودان. وأضاف أن الرؤية باتت واضحة حول هوية أبيي الشمالية، وأكد عدم ممانعتهم منح دينكا نقوك الجنسية السودانية التي تتيح لهم البقاء في المنطقة.

من جهته، أكد القيادي بالمسيرية، نمر بابو نمر، أن عهدهم مع حكومة السودان أن منطقة أبيي تتبع للسودان، وأن هذا عهدهم مع الحكومة التي يثقون في أنها لن تخذلهم وستمضي في التمسك بالمنطقة ضمن السودان الموحد.

إلى ذلك، قال عضو المجلس التشريعي القيادي في المؤتمر الوطني زكريا اتيم، وهو من أبناء دينكا نقوك، في تصريحات للمركز السوداني للخدمات الصحافية التابع للحكومة، إن أبناء قبيلته يرحبون باتجاه المجلس الوطني الداعم لمنحهم الجنسية السودانية حال البت في قضية أبيي. وأضاف أن القبيلة تتمتع بحقوق المواطنة السودانية كافة باعتبار أن أبيي شمالية، وإلى أن يصل الشريكان إلى حل نهائي. وقال إن قرار منح الجنسية من الحكومة السودانية أثلج صدور أبناء الدينكا بأبيي، وأكد أن هذا الاتجاه البرلماني هو الذي يعجل بالحلول التي تطلبها الأطراف للمنطقة، وقال «أبيي لا تحل بالحرب، بل بالسياسة».