الدبابات تطوق البوكمال.. وإنزال «شبيحة» النظام بعملية جوية

تصاعد الاحتجاجات في البلدة قرب الحدود العراقية.. وحرق مقار البعث

وصول تعزيزات أمنية مكثفة لمنطقة الخالدية - حمص
TT

حاصرت دبابات الجيش السوري بلدة البوكمال قرب الحدود مع العراق أمس، بعدما تشجع عشرات الآلاف من الأشخاص بفعل انشقاقات في صفوف قوات الأمن وخرجوا إلى الشوارع هناك للتنديد بالرئيس السوري بشار الأسد.

وأفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن تظاهرات احتجاجية اندلعت يوم أمس في البلدة التابعة لمحافظة دير الزور السورية المتاخمة لمحافظة الأنبار العراقية إثر مقتل أربعة متظاهرين هناك بينهم طفل في الرابعة عشرة من عمره، فيما نقل مصدر في حدود الساعة السادسة مساء أمس قيام القوات العسكرية السورية بإنزال جوي فوق البلدة بعد أن وصلت الاحتجاجات إلى ذروتها بإحراق العديد من مكاتب الحكومة بما فيها مقرات تابعة لحزب البعث الحاكم.

وأرسل الأسد، الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية، قوات إلى مدن في أنحاء البلاد في محاولة لإنهاء أربعة أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه لكن نشطاء يقولون إن السخط يتزايد داخل الرتب الأدنى في الجيش وأغلبها من السنة. ويقول نشطاء إن أعمال القتل التي تقوم بأغلبها وحدات مغالية في الولاء تؤدي إلى انشقاقات محدودة داخل الجيش الذي يسيطر عليه ضباط أغلبهم علويون يخضعون لقيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس.

وقال سكان إن أكثر من 1000 جندي وفرد أمن تدعمهم دبابات وطائرات هليكوبتر طوقوا بلدة البوكمال الليلة قبل الماضية وهي مدينة فقيرة في شرق البلاد وبها معبر حدودي مع العراق، كما ينتشر فيها السلاح، وذلك بعد يوم من قيام عناصر مخابرات عسكرية بقتل خمسة محتجين بينهم صبي عمره 14 عاما.

وفي اتصال بأحد المصادر الخاصة داخل المدينة أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مشترطا عدم ذكر اسمه لدواع أمنية، أن الاحتجاجات وصلت ذروتها يوم أمس حيث قام المتظاهرون بإحراق العديد من مكاتب الحكومة منها مبنى البلدية ومبنى مديرية المنطقة ومقر القائمقامية واستولوا في مقر المديرية والقائمقامية على كافة الأسلحة والذخائر الموجودة فيهما، كما أحرقوا دائرة الأعلاف بالمدينة واستولوا على مركز الشبيبة التابعة لقيادة فرع الحزب هناك».

وأفاد المصدر أن انشقاقا كبيرا حصل بين صفوف القوات العسكرية التي رفضت الأوامر الصادرة إليها بإطلاق النار على المتظاهرين وأن ثلاث دبابات بكامل طاقمها قد انضمت إلى الثوار هناك، إضافة إلى العشرات من جنود الفرقة الرابعة المتمركزة قرب المدينة في محاولة منها لاقتحامها.

وأضاف المصدر أن ثماني دبابات تستعد لاقتحام المدينة، وأن القوات العسكرية قامت بحدود الساعة السادسة بالتوقيت المحلي بإنزال قوة فوق البلدة يعتقد أنهم من «شبيحة» النظام السوري بعد تعذر دخول الدبابات والمدرعات والآليات العسكرية إلى البلدة.

وحول مصير مدير المنطقة والمسؤولين الآخرين، أفاد المصدر أن هناك روايتين حول هذا الموضوع، الرواية الأولى تتحدث عن مقتل مدير المنطقة على أيدي الثوار، وأخرى تشير إلى أن حوامات عسكرية جاءت وأنقذت مدير المنطقة وعددا آخر من المسؤولين فيها من يد الثوار ونقلتهم إلى جهة مجهولة.

وكان ناشطون حقوقيون قد أفادوا بأن قوات الأمن السورية قتلت السبت تسعة متظاهرين في أنحاء مختلفة من سوريا، بينهم أربعة أشخاص في مدينة البوكمال التابعة لمحافظة دير الزور، إضافة إلى إصابة خمسة آخرين برصاص قوات الأمن السورية. وأظهرت صور بثت على مواقع الإنترنت ثلاث دبابات، قالت مواقع المعارضة إن طواقمها انشقوا عن الجيش السوري في مدينة البوكمال. وخرج أهالي المدينة للاحتفال في الشوارع بانشقاق المجموعة. وقال نشطاء إن السخط يتزايد بين جنود الجيش السوري مع استمرار القمع الذي يمارسه نظام الأسد ضد المدنيين. وأضافوا أن نحو مائة من أفراد مخابرات القوات الجوية وأفراد طواقم أربع مركبات مدرعة على الأقل انضموا إلى صفوف المحتجين في البوكمال عقب قيام أفراد المخابرات العسكرية بقتل أربعة محتجين من بينهم صبي عمره أربعة عشر عاما، يوم أمس.

وأكدت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من النظام أمس أن الجيش السوري يستعد لاقتحام مدينة البوكمال شرق سوريا التي تشهد وضعا «متفجرا» بسبب قيام «مجموعات إرهابية مسلحة» بإشعال الاضطرابات في هذه المنطقة على الحدود مع العراق. وكتبت الصحيفة أن «الوضع الأمني تفجر في مدينة البوكمال، بينما يبدو أن الجيش يستعد للتدخل على حدود سوريا الشرقية مع العراق».

وأضافت نقلا عن «مراقبين» أن «رد السلطات السورية كان حاسما بإرسال الجيش إلى بؤر التوتر الحدودية لأنها تخشى من أن تنشأ حركة تمرد مسلحة في إحدى المناطق الحدودية حيث تستطيع أن تحصل على خطوط تموين لوجستي ودعم سياسي». في المقابل، أكدت صحيفة «الوطن» أن الوضع عاد إلى طبيعته في مدينة حماه شمال سوريا التي شهدت في الأسابيع الأخيرة تظاهرات ضخمة ضد نظام بشار الأسد. وكتبت الصحيفة «أثمرت الجهود المكثفة والحثيثة التي بذلها محافظ حماه الجديد أنس عبد الرزاق الناعم مع مشايخ المدينة يوم الخميس الماضي، بإنهاء حالة العصيان المدني التي دامت 13 يوما».

وأضافت «منذ يوم الجمعة تركت المجموعات الحواجز، وبعضها قام برفعها وإزالة أنقاضها وبقاياها لتبدأ شركات القطاع العام ومؤسسات الدولة بالتعاون مع الأهالي منذ صباح أمس (السبت) بحملة واسعة النطاق لإزالة الحواجز ومخلفاتها من الشوارع الرئيسية». وكان سكان حماه أقاموا حواجز لمنع قيام الجيش بعملية عسكرية. وقتل ما لا يقل عن 25 مدنيا منذ 5 يوليو (تموز) في هذه المدينة التي أرسلت إليها دمشق دباباتها ردا على تظاهرة ضخمة للمعارضين شارك فيها نحو 500 ألف شخص بحسب منظمات حقوقية.