اليمن: ردود فعل متضاربة على تشكيل المجلس الرئاسي «الانتقالي» واستمرار المظاهرات

وكالة الأنباء اليمنية: صالح يزور «كبار قيادات الدولة» في المستشفى

محتجون مناهضون لحكم الرئيس علي عبد الله صالح قيدوا أيديهم في مسيرة تطالب برحيل النظام في مدينة تعز جنوب البلاد أمس (رويترز)
TT

تباينت ردود الفعل في اليمن للإعلان عن تشكيل مجلس رئاسي انتقالي من قبل أحد فصائل الثورة الشبابية، حيث أيدت القرار قوات الجيش المؤيدة للثورة، غير أن فصائل أخرى وأحزابا سياسية رفضته دون الاعتراض على الأسماء التي جرى اختيارها. ورحب العقيد عسكر زعيل، المتحدث باسم قوات الجيش المؤيدة للثورة وباسم اللواء علي محسن الأحمر، بتشكيل المجلس وقال إن الشخصيات التي تم اختيارها «مقبولة»، في وقت أعلن «التحالف المدني للثورة» رفضه لإعلان تشكيل المجلس الرئاسي الانتقالي. وقال في بيان صادر عنه، إن «المجلس لم ينتج عن مشاورات واتفاق بما تمليه مصلحة الثورة بين مختلف القوى الفاعلة، وهو بذلك يتجاوز شباب الثورة في مختلف ساحات الحرية والتغيير بمحافظات الجمهورية وأحزاب اللقاء المشترك، وقوى الحراك الجنوبي وجماعة الحوثي ومعارضة الخارج وسواها من القوى الوطنية الفاعلة، بل إنه لم ينتج حتى عن مشاورات مع الأسماء التي تضمنها الإعلان، كما بدا ذلك من ردود فعل بعيد إشهاره». وأضاف التحالف أن «الإعلان عن المجلس يعد موقفا» يفتقر إلى المسؤولية تجاه ثورة شعبية بحجم الوطن، وأن «رفضنا الإعلان عما سمي مجلسا رئاسيا باسم الثورة لا يعبر بأي حال من الأحوال عن موقف ضد الأسماء التي وردت في الإعلان، والتي نكن لها كل تقدير واحترام، بقدر ما يعبر عن رفض قاطع لإلغاء الشراكة والتعمد الواضح لإلغاء مختلف القوى الفاعلة من قبل الجهة الصادر عنها الإعلان، وهو أمر يضر بالثورة التي قامت بالأساس ضد الاستبداد والإقصاء».

واعتبر التحالف المدني هذا المجلس بأنه «إعلان فردي» يغيب لمختلف القوى ويساعد في الوقت الراهن على تشتيت الجهود وبالتالي خدمة بقايا النظام، في الوقت الذي تتطلب فيه المرحلة الراهنة توحيد الصفوف وتعزيز الشراكة بين مختلف القوى للمضي بأهداف الثورة نحو مبتغاها. وكانت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية أعلنت أن قرار إعلان المجلس الرئاسي المؤقت ما زال «قيد الدراسة والتشاور» مع كافة القوى، في حين يلتزم تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» المعارض الصمت إزاء ما أعلن، غير أن حزب رابطة أبناء اليمن «رأي»، أول أحد أقدم الأحزاب اليمنية وأول الأحزاب التي أعلنت تأييدها للثورة الشبابية، عبر عن موقف واضح ورافض لتشكيل المجلس، رغم اختيار الرجل الثاني في الحزب عضوا في المجلس. وقال محسن بن فريد، الأمين العام وعضو «الانتقالي»، في بيان صادر عنه، إنه كان يستلزم «أولا تشكيل المجلس الوطني الانتقالي بالتساوي بين الشمال والجنوب؛ دون استثناء لأي من زملاء العمل السياسي وأن تمثل الساحات بكل مكوناتها بما لا يقل عن 40 في المائة، والأحزاب والحراك والحوثيون بالتساوي، والعلماء والشيوخ والأكاديميين.. وأن يمثل من يؤيدون الثورة في الخارج بكل أطيافهم دون استثناء إلا من ينتمي لحزب في الداخل فإنه يمثل من خلال حزبه.. إلخ؛ ثم يختار هذا المجلس الرئاسي وباقي الأطر». واعتبر بن فريد أن «مجلسا كهذا لا بد أن يكون محصلة حوارات بين الأطراف ذات العلاقة كلها وأهمها مكونات الساحات» والأحزاب المؤيدة للثورة والملتزمة بأهدافها ونهجها دون أن ينفرد به طرف أو أطراف دون أخرى، وأنه «يجب أن يتم التوافق حول الفترة الانتقالية زمنا.. وأهدافا.. وأن تحدد المسؤوليات التاريخية الواجب التصدي لها». وقال إن «موقفنا ليس بالضرورة اعتراضا على أي من الزملاء والشخصيات الواردة أسماؤهم فيما أعلن». في موضوع آخر، أعلنت السلطات اليمنية أن الرئيس علي عبد الله صالح بدأ يتحرك من فراشه جراء الإصابة التي تعرض لها في حادث التفجير في 3 من يونيو (حزيران) الماضي، وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) أن صالح قام، أمس، بزيارة عدد من المسؤولين اليمنيين الذين أصيبوا معه في حادث التفجير الذي استهدفه في مسجد قصر الرئاسة، وأن الزيارة تمت داخل المستشفى العسكري بالعاصمة السعودية الرياض، حيث يتلقى الجميع العلاج. وأضافت المصادر الرسمية أن صالح قام بزيارة لكل من رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور ورئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني ومحافظ محافظة صنعاء نعمان أحمد دويد ومساعد مدير التوجيه المعنوي للشؤون الدينية الشيخ علي محسن المطري وأحمد عبد الله المجهمه من أفراد الحراسة الخاصة الذين يتلقون العلاج في المستشفى العسكري بالرياض، جراء الحادث الإجرامي الغادر على جامع النهدين بدار الرئاسة وهم يؤدون فريضة الصلاة جمعة الأول من رجب الحرام وذلك للاطمئنان على صحتهم.

وحسب الوكالة، فقد جدد صالح «الشكر والتقدير لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، على الرعاية والاهتمام اللذين حظي بهما والمسؤولون الموجودون في مستشفيات المملكة بما يعكس عمق العلاقة الحميمة والتاريخية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين». وثمن «الموقف الأخوي والصادق للمملكة قيادة وحكومة وشعبا الداعم لوحدة وأمن واستقرار اليمن، ووقوفها إلى جانب الشعب اليمني في كل الظروف والأحوال والمساهمات الفاعلة والكبيرة في المجال التنموي». على صعيد آخر، سقط، مساء أمس، عشرات الجرحى والمصابين بحالات اختناق في مواجهات دارت بين متظاهرين مناوئين للنظام وقوات الأمن في مدينة الحديدة بغرب البلاد. وكانت مظاهرات حاشدة خرجت في الكثير من المدن اليمنية في الذكرى الـ33 لتولي الرئيس صالح مقاليد الحكم، فيما سمي «يوم الغضب» ويوم «اغتصاب السلطة»، وحسب شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» فإن المظاهرات التي خرجت في تعز، كانت هي الأكبر والأضخم، رغم الحصار الأمني والعسكري الذي تعيشه المحافظة ورغم المواجهات المسلحة التي تدور هناك منذ أكثر من شهر بين القوات الموالية للرئيس صالح والمسلحين المؤيدين للثورة. حيث شارك عشرات الآلاف في مسيرة «يوم الغضب» الأحد في المدينة بمناسبة ذكرى تولي الرئيس علي عبد الله صالح السلطة قبل 33 عاما.

وقال منظمو المسيرة إن المتظاهرين تجمعوا في الساحة الرئيسية في تعز ثاني مدن اليمن (270 كلم جنوب غربي صنعاء).

ورفع المشاركون أعلاما سوداء اللون ورددوا هتافات تندد بصالح الذي تولى السلطة في 17 يوليو (تموز) 1978.