أعداء تلفزيون «فوكس» يتحركون

مشكلات مردوخ تنتقل إلى «وول ستريت»

مواطنون يمرون أمام مدخل «وول ستريت» في نيويورك أمس (أ.ب)
TT

مع توسع مشكلات روبرت مردوخ، صاحب أكبر إمبراطورية صحافية في العالم، من بريطانيا إلى الولايات المتحدة، بدأ معارضوه في ترتيب صفوفهم ضده، وخاصة ضد تلفزيون «فوكس» اليميني المتحالف مع الحزب الجمهوري، الذي صار مصدر دخل كبير، وصارت قيمة الإعلانات في برامجه ومسلسلاته هي الثانية بعد قيمة الإعلانات في المنافسات الرياضية.

ومن المفارقات، أن التوظيف اليميني لتلفزيونات وصحف مردوخ سيكون مصدر مشكلات له، ربما أكثر من مشكلات قانونية، مثل التجسس على هواتف سياسيين ومشاهير ومواطنين عاديين؛ للحصول على أخبار مثيرة، بالإضافة إلى التذمر وسط المستثمرين وحاملي أسهم شركة «نيوز» المسجلة في نيويورك، والمسيطرة على تلفزيونات وإذاعات وصحف مردوخ. وقال مراقبون في واشنطن إنه، بعد قرار مردوخ بالتنازل عن المنافسة لدفع سبعة مليارات جنية إسترليني لشراء ما تبقى لغيره في شركة «بي سكاي بي» البريطانية، وهي الخطوة التي كان أيدها، ربما، كل المساهمين الأميركيين، زاد اهتمام المستثمرين بمشكلة مردوخ في بريطانيا، وكانوا يرونها مشكلة بعيدة لا تهمهم كثيرا.

هذا بالإضافة إلى أن السيناتور الديمقراطي جاي روكفلر، وآخرين في الكونغرس، دعوا مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) إلى إجراء تحقيق في أخبار بأن ضحايا الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 - 9 قد استهدفوا من جانب صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التابعة لشركة مردوخ البريطانية. وكان هدف الصحافيين تسجيلات لآخر اتصالات تلفونية مع الضحايا، أو تسجيلات اتصالات تلفونية وسط أهلهم وأصدقائهم بعد موتهم.

وأمس، قال دونالد ياكتمان، مدير مؤسسة ياكتمان الاستثمارية في «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك)، وأحد أهم عشرة من المساهمين في «نيوز كورب»: «أي شخص تنفيذي في مؤسسة اقتصادية يجب أن يحكم عليه حسب متوسط سجله، بسلبياته وإيجابياته. بالنسبة لمردوخ، إما أنه سيسجل هدفا، أو سيخرج من المنافسة». وقال كريس مارانجي، مدير مؤسسة «جامكو» الاستثمارية التي أيضا تستثمر في شركة «نيوز كورب»: «عندما تستثمر في (نيوز كورب)، يجب أن تكون حذرا. مردوخ من قادة الربح في النشاطات التجارية. لكن، مصالحه لا تتفق دائما مع مصالح حملة الأسهم».

وبالنسبة لتلفزيون «فوكس» اليميني، انضم إلى الحملة ضده سياسيون ومثقفون ليبراليون. وأيضا، مشاهير في هوليوود. ومن بين هؤلاء لاري فلنت، صاحب دار نشر تقدمية، ويصدر مجلة «هسلار» الجنسية الفضائحية. كتب أمس في صحيفة «واشنطن بوست»: «أحد المبادئ القليلة التي نتفق فيها، روبرت مردوخ وأنا، حرية الصحافة، وهي متوفرة في الولايات المتحدة أكثر من أي بلد آخر. لكن، أنا أتحدى الحرية الأميركية بنشر أشياء غير عادية، ومردوخ يتحدى الحرية الأميركية بارتكاب جرائم وعدم الالتزام بالنزاهة الصحافية».

وأضاف: «بعد فضيحة (ووترغيت) (التي أسقطت الرئيس نيكسون سنة 1974)، ولد جيل جديد من الصحافيين يؤمنون أكثر بالنزاهة، ويمارسونها. ثم جاء مردوخ بقيم أخلاقية صحافية مختلفة، يريد الإثارة، ويريد التقرب إلى السياسيين. الصحافي النزيه لا يتقرب إلى السياسيين حتى لا تتأثر نزاهته». من بين الذين دعوا للتحقيق قادة في الكونغرس من الحزب الديمقراطي، السيناتورات: جاي روكفلر، باربرا بوكسر، روبرت ميننديز، فرانك لوتينبورغ. وأيضا، قادة في الحزب الجمهوري، منهم: النائب بيتر كينغ، من نيويورك، الذي وجه انتقادات شديدة اللهجة إلى ما سماها «صحافة مردوخ الصفراء». ويرأس كينغ لجنة مجلس النواب الخاصة بالأمن الداخلي.

وقال مراقبون في واشنطن إن دور كينغ مهم لأنه من نيويورك، ولأن شركة «نيوز»، التي يملكها مردوخ، رئاستها في نيويورك. وإن أي إعاقة لنشاطات الشركة في الولايات المتحدة يمكن أن تلحق ضررا خطيرا بمردوخ. وتوجد في نيويورك أيضا شركة «دو جونز» الاستثمارية التي كان اشتراها مردوخ، ومعها صحيفة «وول ستريت جورنال»، ورئاسة تلفزيون «فوكس» الذي يقدم مسلسلات تلفزيونية، ورئاسة تلفزيون «فوكس نيوز» الذي يقدم أخبارا وتعليقات، وصحيفة «نيويورك بوست»، بالإضافة إلى 27 قناة تلفزيونية محلية في مختلف الولايات، وشركة «فوكس للقرن العشرين» لإنتاج الأفلام في هوليوود.

أول قضية ضد مردوخ في أميركا:

مع زيادة مشكلات إمبراطور الصحافة العالمي، روبرت مردوخ، في الولايات المتحدة، وخاصة بسبب تحقيقات أمر بها الكونغرس حول تنصت صحافيي صحفه على مواطنين أميركيين، وبسبب قلق في «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك) وسط مستثمرين أميركيين في شركاته، واجه مردوخ أول قضية ضده في المحاكم الأميركية. رفعها الممثل السينمائي البريطاني جود لوز، وقال إن صحافيين تابعين لصحف مردوخ تنصتوا على اتصالاته التلفونية عندما كان في زيارة لنيويورك في طريقه إلى هوليوود، عاصمة السينما في العالم.

وقال محام باسم الممثل البالغ 38 سنة، إن صحافيين في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، التي أغلقها مردوخ مؤخرا، تنصتوا على اتصالات تلفونية، وكتبوا عنه خمسة تقارير مثيرة بين عامي 2005 و2006.