باريس: نريد أن يعامل سفيرنا في دمشق كما تعامل سفيرة سوريا عندنا

الخارجية الفرنسية ترى أن تهديدات المعلم تعكس نهج النظام السوري في «الهروب إلى الأمام»

صورة مأخوذة من موقع أوغاريت لسيارة في حماه قال المتظاهرون أن رجال الأمن قاموا بحرقها
TT

ردت باريس بشكل غير مباشر على التحذيرات التي أطلقها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أول من أمس، والتي حذر فيها مباشرة سفيري الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا من أن بلاده ستفرض حظرا على تنقلاتهما على الأراضي السورية وتحصرها بـ25 كلم في حال تكررت حادثة حماه وقاما بزيارة للمدن السورية من غير إذن مسبق من وزارة الخارجية السورية. وقال ناطق باسم الخارجية الفرنسية ردا على سؤال في المؤتمر الصحافي الإلكتروني إن «تنقل السفراء في البلد المعتمدين فيه يشكل بطبيعة الحال جزءا من مهمتهم»، مضيفا أنه «من الطبيعي أن تحترم فرنسا تماما معاهدة فيينا التي تنظم العلاقات الدبلوماسية» بين الدول. وبحسب باريس، فإن سفيرة سوريا لديها «حرة في تنقلاتها في بلادنا».

غير أن الخارجية الفرنسية اعتبرت أن «تهديدات» المعلم «تبرز مجددا عملية الهروب إلى الأمام (التي يعتمدها) النظام السوري وعزلته وانغلاقه بالنسبة للأسرة الدولية». وذكرت الخارجية بمضمون البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ 12 الحالي وكذلك ببيان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بتاريخ 18 يوليو (تموز) اللذين يتضمنان تذكيرا للسلطات السورية حول «ضرورة» التزامها واجب حماية السفارات الموجودة على أراضيها وكذلك توفير أمن الجسم الدبلوماسي تنفيذا لاتفاقية فيينا.

لكن باريس بقيت «غامضة» إزاء النقطة التي أثارها المعلم حول حاجة السفير المعتمد للضوء الأخضر من وزارة الخارجية السورية للتنقل على الأراضي السورية ومرت عليها بتأكيد التزامها معاهدة فيينا.

وقالت مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن فرنسا تطبق الاتفاقية المشار إليها «وفق الفهم العام المتعارف عليه دوليا» وإنها «لا تعتبر أنها خالفتها لا نصا ولا روحا». وبحسب هذه المصادر، فإن الاتفاقية تتيح للسفير المعتمد أن يتنقل بكل حرية، مضيفة: «انظروا كيف تتحرك سفيرة سوريا على أراضينا؟ هل نطلب منها أن تقدم طلبا في حال رغبت بزيارة مدينة نيس (الشاطئ المتوسطي) أو دوفيل (المحيط الأطلسي) أو أي مكان آخر على الأراضي الفرنسية؟». وأردفت المصادر الفرنسية: «نحن نريد أن يعامل سفيرنا في دمشق كما تعامل السفيرة السورية في باريس لا أكثر ولا أقل».

وتتهم فرنسا الجانب السوري بالاحترام «الانتقائي» لمعاهدة فيينا وتتساءل: «هل تعتبر السلطات السورية أنها طبقت معاهدة فيينا عندما سمحت أو أوحت بمظاهرات كان غرضها اقتحام السفارة الفرنسية في دمشق وعندما تقاعست عن تطبيق واجباتها والتزاماتها؟».

وترى باريس أن مهمة السفير المعتمد هي تزويد حكومته بالمعلومات وبانطباعاته مع احترام أنظمة البلد المرعية، وأن سفيرها في دمشق «لم يتجاوز هذه المهمة». وتساءلت المصادر الفرنسية: «ما هي البلدان التي تفرض في الوقت الحاضر قيودا على تحرك السفراء المعتمدين لديها؟ ربما هناك بلد أو اثنان في العالم بينهما كوريا الشمالية وبالتالي هل تريد سوريا أن تتشبه بكوريا الشمالية أو ببلدان شيوعية سابقة؟».

وبأي حال، ترفض باريس قبول الدعاية السورية التي تركز على «الغرض السياسي» لزيارة مدينة حماه التي زادت في توتير العلاقات بين دمشق من جهة وباريس وواشنطن من جهة أخرى. وكانت هذه الزيارة التي حصلت قبل أسبوعين السبب المباشر الذي عرض السفارتين الفرنسية والأميركية لمظاهرات ومحاولات اقتحام لهما من قبل متظاهرين سوريين.

والتزمت باريس منذ بداية الأحداث في سوريا موقفا متشددا وكان وزير خارجيتها آلان جوبيه أول من اعتبر أن الرئيس السوري «فقد شرعيته» وأن قدرته على إجراء إصلاحات حقيقية في بلاده «شبه معدومة». ودفعت باريس الاتحاد الأوروبي لاتخاذ عقوبات بحق كبار المسؤولين السوريين وهي تدفع باتجاه سلة جديدة من العقوبات ربما طالت هذه المرة القطاع النفطي والغازي.

وتعتبر باريس أن حرص السلطات السورية على منع الصحافة والدبلوماسيين من التحرك سببه رغبتها في «إخفاء ما يجري واتساع عمليات القمع» الجارية هناك منذ نحو 4 أشهر.