مسؤول ليبي: القذافي قد يقبل البقاء داخل ليبيا بلا صلاحيات دستورية أو تنفيذية

النظام الليبي يسابق الزمن لتفادي خسارة مناطق النفط شرقا وغربا

ثوار ليبيون عند خط جبهة «عبد الرؤوف» جنوب مصراته يرفعون شارات النصر (رويترز)
TT

فيما يسابق نظام العقيد الليبي معمر القذافي الزمن والتطورات العسكرية على الأرض، في المواجهات الدامية ضد الثوار المدعومين من قبل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لضمان عدم فقدان السيطرة على معظم موانئ ومناطق النفط، استمر نظام القذافي في إطلاق رسائل متشددة بأنه لا يعتزم التنحي بأي حال من الأحوال عن السلطة التي يقودها منذ نحو 42 عاما.

وعلى الرغم من تشدد القذافي ونظامه في مواجهة الثوار والناتو، فإن مصادر ليبية رسمية قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن نظام القذافي مستعد فورا لإبرام أي هدنة لوقف إطلاق النار، إذا ما توقفت مقاتلات حلف الناتو عن قصف الأهداف المدنية والعسكرية التابعة للقذافي.

وقال مسؤول ليبي بارز لـ«الشرق الأوسط» من طرابلس، إن «النظام بات فعلا في سباق مع الزمن»، مشيرا إلى أن «البنوك المحلية تعاني أزمة سيولة، بالإضافة إلى أزمة الوقود الطاحنة التي باتت تثقل كاهل المواطن العادي مع ارتفاع الأسعار».

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم تعريفه، «يجب وقف القتال فورا، وعلى الناتو أن يمنحنا الفرصة لإعادة ترتيب الأوراق من جديد والبدء في حوار وطني شامل يتضمن كل القضايا».

وبعدما كان نظام القذافي يلمح إلى إمكانية أن يخرج من السلطة شريطة توافر ضمانات دولية، فإن مسؤولين ليبيين قالوا أمس، إنه قد يرحب بالبقاء داخل ليبيا في مكان منعزل نسبيا، إذا ما ضمن انتقالا سلميا للسلطة.

وقال أحد مساعدي سيف الإسلام، النجل الثاني للقذافي لـ«الشرق الأوسط»، «هذه فكرة وجيهة، سيف بإمكانه أن يلعب دورا انتقاليا في هذه المرحلة، والقذافي قد يقبل أن يكون رمزا فقط بلا صلاحيات دستورية أو تنفيذية وبحكم القانون».

ولفت إلى أن هذا الاقتراح تم إرساله بالفعل إلى حكومات غربية عدة، وأنها ردت بالإيجاب، لكن الثوار المتمردين رفضوه على اعتبار أنه يستحيل تأمين القذافي في الداخل بعد تنحيه.

وكان آلان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي قد أعلن أمس أن القذافي يمكنه أن يبقى في ليبيا إذا تخلى عن السلطة في محاولة جديدة فيما يبدو للتوصل إلى حل سياسي للصراع.

من جانبه، رد المجلس الوطني الانتقالي، أمس على المقترح الفرنسي، بأن «المهم هو أن يتنحى القذافي عن الحكم». وقال محمود جبريل، مسؤول الشؤون الخارجية في المجلس، في مؤتمر صحافي عقده في مدريد التي يزورها لمدة يومين، «إن من يقرر في النهاية هو الشعب الليبي».

وأضاف: «أعتقد أن المهم في نظرنا هو أن يتنحى القذافي عن الحكم. إنها المرحلة الأولى. وعندما نجتاز هذه المرحلة، نستطيع الانتقال إلى المرحلة التالية، أي أن نعرف أين يمكن أن يقيم ونوع الترتيبات الممكنة».

بينما قال عبد المنعم الهوني، ممثل المجلس الوطني لدى الجامعة العربية ومصر، إنه يصعب على المجلس توفير الحماية القانونية للقذافي من أي ملاحقات قضائية ضده، مشيرا إلى أن المجلس أيضا لا يمكنه منح عفو عام عن القذافي بسبب الجرائم التي ارتكبها على مدى سنوات حكمه.

في المقابل قال مصدر عسكري في المجلس الانتقالي المناهض للقذافي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، من معقل الثوار في مدينة بنغازي، إن الأسبوع المقبل سيكون مصيريا لنظام القذافي وللثوار، قبل حلول شهر رمضان المبارك، مشيرا إلى أن السيطرة على البريقة ذات الأهمية النفطية الاستراتيجية ستحرم نظام القذافي من أهم الموارد التي يعتمد عليها للحصول على البترول الخام.

وقال «سنستكمل السيطرة خلال ساعات على البريقة بعد تطهيرها من الألغام، بعدها ستتحرك قوات الثوار إلى رأس لانوف، وبهذا نكون قد أحكمنا السيطرة على هلال النفط الليبي».

ولفت إلى أن هذه السيطرة إن تمت، ستعني محاصرة نظام القذافي اقتصاديا، وحرمانه من الوقود بشكل شبه كامل، معتبرا أن ثوار الجبل الغربي عندما يتجهون جنوبا، فإن معركة طرابلس ستكون وشيكة ووشيكة جدا، على حد قوله.

وأوضح أن مصفاة الزاوية النفطية لا تعمل بعدما تمكن الثوار في الزنتان من إغلاق محابس أنابيب النفط الموصلة إلى المدينة قبل بضعة أسابيع.

ويعاني نظام القذافي من أزمة وقود طاحنة بالإضافة إلى انقطاع للكهرباء في بعض ضواحي العاصمة طرابلس، وهذا أمر كان نادر الحدوث قبل أن يفقد القذافي سيطرته على مصافي ومنشآت النفط في الشرق والغرب.

وقالت حركة شباب الوطن وهي تنظيم سري نشأ مؤخرا في قلب طرابلس لمناصرة الثوار في بنغازي، في بيان لـ«الشرق الأوسط»، إن انقطاع الكهرباء في العاصمة الليبية، أصبح بشكل دوري ومتبادل على جميع مناطق طرابلس.

وتحدث البيان عن استمرار وجود الطوابير الطويلة جدا على محطات البنزين في العاصمة، فيما وصل سعر الـ20 لتر بنزين في السوق السوداء إلى 80 دينارا ليبيا، وقيام الكتائب التي تحرس المحطة ببيع أماكن في أول الطوابير بـ80 دينارا والسماح بدخول سيارات للتعبئة مباشرة عن طريق دفع رشى.

وأكد البيان ازدياد سوء الأوضاع المعيشية في طرابلس بانقطاع دوري للكهرباء، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والصعوبة الشديدة للحصول على بنزين حيث لوحظت حركة نزوح كثيفة إلى تونس.

وعرض التلفزيون الرسمي الليبي أمس وأول من أمس، لقطات مصورة قال إنه تم التقاطها في وقت سابق من صباح أمس، تظهر شوارع البريقة خالية باستثناء بعض الأشخاص الذين يعدون على أصابع اليد وهم يهتفون تأييدا لنظام القذافي.

على صعيد آخر، قال التلفزيون الحكومي إن وزير الدفاع الليبي الفريق أول أبو بكر يونس جابر، قام أول من أمس بزيارة إلى ما وصفه بإحدى وحدات قوات المجاهدين التي استكملت تجهيزاتها استعدادا للقيام بالمهام المناطة بها.

ولفت إلى أن الفريق يونس اطلع على هذه التجهيزات عالية الدقة، كما حيا الروح المعنوية العالية لمنتسبي هذه الوحدة في مواجهة الناتو، بينما ردد المقاتلون هتافات «الله ومعمر وليبيا وبس».