إيران تتراجع عن مواقفها.. وتؤكد احترامها سيادة البحرين ورغبتها في تبديد سوء الفهم مع السعودية

صالحي يعلن استعداد طهران للحوار مع واشنطن من «الند للند».. ولاريجاني يرد: هذه أوهام

TT

في تطور لافت، تراجعت طهران، أمس، عن سياستها «المعادية» و«التحريضية» إزاء البحرين، التي تبنتها منذ اندلاع الاضطرابات فيها، مؤكدة أنها تحترم «سيادة» المنامة والحوار الوطني الذي تجريه السلطات البحرينية مع قوى المعارضة. كما جددت رغبتها في تبديد «سوء التفاهم» مع السعودية، وأعربت عن رغبتها في إعادة النظر بـ«قطيعتها» مع الولايات المتحدة، وإجراء حوار مع واشنطن «من الند للند».

وأعلن وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أمس، أن في الإمكان تبديد «سوء التفاهم» مع السعودية في شأن الأحداث في المنطقة، وقال صالحي في مقابلة مع وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا): «ليست لدينا مشكلات خاصة مع السعودية، ونعترف بالسعودية بلدا مهما في المنطقة ومؤثرا على الصعيد الدولي»، وأضاف: «نقيم منذ فترة طويلة علاقات ودية مع السعودية. وبعد الأحداث في المنطقة، حصل تباين في التفسير والتحليل. وأعتقد أن في الإمكان تبديد سوء التفاهم هذا»، وأكد الوزير: «آمل في إيجاد طريقة مقبولة لمتابعة المشاورات بين البلدين».

وتأتي هذه التصريحات المطمئنة في الوقت الذي وجه فيه مسؤولون إيرانيون في الأشهر الأخيرة انتقادات حادة إلى السعودية، كما تدهورت علاقات إيران مع البحرين والبلدان الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات العربية المتحدة وعمان وقطر والكويت)، منذ أن دخلت قوات درع الجزيرة لمساعدة البحرين في استعادة الاستقرار.

كما أعلن صالح من جهة أخرى أن إيران «تحترم السيادة الوطنية واستقلال البحرين وتريد السلام والاستقرار والأمن للبحرين». وتتناقض تصريحات صالحي مع ما أدلى به مسؤولون إيران من تصريحات «معادية» ضد البحرين.

وكان مجلس التعاون الخليجي قد احتج، الاثنين، بشدة لدى إيران على أثر تصريحات لأمين مجلس صيانة الدستور، آية الله أحمد جنتي، حول البحرين، معتبرا أنها «تحريضية».

وكان آية الله جنتي انتقد في خطبة صلاة الجمعة، في الثامن من يوليو (تموز) في طهران، الاعتقالات في البحرين، ووصف الحوار الوطني الذي يفترض أن يطلق الإصلاحات في هذه المملكة بأنه «مؤامرة»، وأكد أن «الإسلام سيفتح هذا البلد ويحكمه» في أحد الأيام.

وقال وزير الخارجية الإيراني، أمس: «نعتقد أن من الضروري إيجاد حل بحريني - بحريني للمسألة البحرينية».

وأكد قائلا: «لدينا علاقات سياسية مع الحكومة البحرينية، ونعتبر قرار العاهل البحريني بدء حوار مع الشعب بأنه إيجابي. ونأمل أن يتيح هذا الحوار إيجاد حل للأزمة».

كما أعلن صالحي أن إيران مستعدة لإعادة النظر في القطيعة الحالية مع الولايات المتحدة، شريطة ألا تكرر الأخيرة «أخطاءها السابقة حيال طهران، وأن تحترم حقوق الشعب الإيراني». وكانت العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن قد قطعت مع قيام الثورة الإسلامية في إيران في 1979. وأعلن صالحي أن إيران يمكن أن تدرس الدخول في حوار مع الولايات المتحدة، بشرط أن يكون «من الند للند» وأن تحترم واشنطن «حقوقها»، وقال: «ليس لدينا أي مانع في إقامة علاقات مع الدول الأخرى، باستثناء النظام الصهيوني، لكن من الممكن أن تكون علاقاتنا في وضع خاص مع بعض الدول، مثل الولايات المتحدة».

وتابع: «إذا ما وافقت الولايات المتحدة ذات يوم على إقامة حوار (من الند للند) ومن دون شروط مسبقة، مع احترام حقوق شعبنا، فإن الوضع سيكون مختلفا».

والعلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين إيران والولايات المتحدة منذ أكثر من ثلاثين سنة، وسجل تدهور إضافي في العلاقات الثنائية في السنوات الماضية بسبب البرنامج النووي الإيراني، وكذلك سياسة طهران في المنطقة.

وتتهم الولايات المتحدة إيران بدعم حركة المقاومة الإسلامية حماس وحزب الله اللبناني، كما تتهمها بدعم الحركات المعادية لها في العراق وأفغانستان من خلال إمدادها بالسلاح، الأمر الذي تنفيه طهران.

وكان الرئيس الإيراني الأسبق، هاشمي رفسنجاني، دعا في مطلع يوليو إلى إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة. وقال رفسنجاني المعتدل، الذي يرأس مجلس تشخيص مصلحة النظام: «أعتقد أن بوسعنا اليوم التفاوض بشكل كامل مع الولايات المتحدة (من الند للند)، وفي إطار الاحترام المتبادل».

وحول العلاقات مع لندن، قال صالحي إنها «ليست بالمستوى المطلوب»، داعيا بريطانيا إلى إعادة النظر في تعاطيها مع إيران.

وحول الملف النووي الإيراني، الذي يشكل موضوعا خلافيا بين إيران والقوى العظمى، أكد صالحي أنه «ليس هناك من خلاف أبدي» مضيفا أنه «سيأتي يوم تُسوّى فيه المسألة النووية الإيرانية».

وأوضح صالحي: «نبحث عن حل يخرج منه الطرفان رابحين، وإذا كانت البلدان الغربية تعتقد ذلك، فلتأت إلى طاولة المفاوضات. نحن مستعدون. وإذا كانت تعتقد خلاف ذلك، يمكنها الاستمرار، لأن الضغوط لم تؤد سوى إلى تقوية عزيمتنا».

وأضاف صالحي: «إذا كانوا يريدون الاستمرار في سياستهم (الضغوط والعقوبات) ثلاثين سنة إضافية، فلن نرضخ.. لأننا قررنا دفع ثمن استقلالنا».

وتبنى مجلس الأمن مجموعة من القرارات، نصت على عقوبات اقتصادية مشددة بحق إيران، لحملها على التخلي عن برنامجها النووي. كما أقرت الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي وحلفاؤها عقوبات ثنائية، وخصوصا في المجالين المصرفي والتجاري.