المجلس العسكري يسعى لتعديل قانون «الغدر» ووضع جدول زمني للرئاسة والدستور

التقى سياسيين ومثقفين وقال إنه يسعى لتسليم السلطة ولا صفقة مع «الإخوان»

TT

كشف خبير سياسي، شارك مؤخرا في لقاءات مع قيادات من المجلس العسكري الحاكم في مصر، عن عزم المجلس إصدار طرح جديد لقانون الغدر لتطهير الحياة السياسية قريبا، مؤكدا أن المجلس، الذي يدير البلاد منذ تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن سلطاته قبل 6 أشهر، يؤيد وضع جدول زمني واضح للعملية السياسية يبدأ بالانتخابات التشريعية وينتهي بانتخاب رئيس للجمهورية مرورا بإعداد الدستور.

وقال الخبير السياسي: إن الفريق سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة، هو من أدار اللقاء الذي عقد مساء أول من أمس، ونقل الخبير عن عنان وعن أعضاء المجلس العسكري تعهدهم بأن يكون الجيش ضامنا للاستقرار، وأنه لن يكون بعيدا عن العملية السياسية في مصر.

وقال الخبير: إن اللقاء شارك فيه أيضا عدد من المثقفين والسياسيين، مشيرا إلى أن لقاء عنان مقدمة للتواصل بين المجلس العسكري والقوى السياسية خلال الفترة المقبلة.

ونقلت وسائل محلية، أمس، نفي الفريق عنان وجود خلافات مع الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء المصري، وقال، حسب وكالة الأنباء المصرية الرسمية: «إن من مصلحتنا نجاح الحكومة وإنجاز برنامج عملها في الوقت المحدد»، مضيفا: «منحنا رئيس الوزراء الصلاحيات الكاملة في تشكيل الحكومة واختيار المحافظين، ضمن الثوابت والمعايير المتعارف عليها».

وأشار، في لقائه عددا من المثقفين والسياسيين، إلى أنه «إذا لم يعد الأمن إلى هذا البلد، فلن يكون هناك استقرار»، مؤكدا أن التحدي الثاني الذي يواجه المجلس العسكري يتمثل في الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار التي فاقت قدرات الكثيرين، وحذر من تدهور الأوضاع الاقتصادية، بسبب الوضع الأمني.

وقال عنان: «إن المجلس الأعلى يقف على مسافة واحدة ومتساوية من جميع القوى السياسية»، نافيا ما تردد عن وجود أي صفقة سياسية مع الإخوان أو أي من التيارات الإسلامية أو السياسية الأخرى، مشددا على أن «المحاكمات تتم وفقا للقانون، ودون أي تدخل من القوات المسلحة أو أي جهة حكومية، وأنه لا أحد فوق القانون».

وأوضح عنان أن «هناك الكثير من التحديات التي تواجه المجلس العسكري في الوقت الراهن، من بينها: المشكلة الأمنية، التي أعطت الفرصة للخارجين على القانون لممارسة أعمال البلطجة والاعتداء على الأفراد والممتلكات العامة».

ونفى رئيس أركان القوات المسلحة ما تردد عن قيام أي من الجهات التابعة للقوات المسلحة بتعذيب معتقلين أو حتى وجود معتقلين لديها، وقال: «إن من لديه أي وثائق أو معلومات فليتقدم بها»، مؤكدا أن «المحاكمات العسكرية تجرى فقط للبلطجية».

وطالب عنان بوقف الاعتصامات وإغلاق الطرق وتعطيل الإنتاج وعمل المصالح الحكومية؛ لأن ذلك كله من شأنه أن يدفع إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، مشيرا إلى أن بعض وسائل الإعلام تهدف إلى إثارة الفتنة وهدم ثوابت المجتمع، كما أكد أن أزمة الفتنة الطائفية من التحديات الخطيرة التي تواجه مصر، مضيفا: «إنه إذا لم نسيطر على هذه المحاولات المثيرة للفتنة الطائفية، فإن ذلك يقودنا إلى كوارث خطيرة». واستطرد: «اقترحت في إحدى جلسات المجلس العسكري إنشاء مجالس عرفية في جميع المحافظات، للتوفيق وإنهاء أي مشكلة تنشب بين المسلمين والمسيحيين، وفي حال الفشل يمكن اللجوء إلى القضاء».

وشدد على أن القوات المسلحة مصممة على تسليم السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة، عبر إجراء انتخابات شفافة ونزيهة تأتي بمجلس تشريعي يمثل جميع طوائف الشعب. وقال: «إن خريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها تقوم على إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشورى في موعدها المحدد، ويليها وضع دستور جديد للبلاد، ثم بعد ذلك إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية»، مؤكدا أن المجلس العسكري «لا يريد البقاء طويلا في السلطة».

وأشار عنان إلى أن وزير الداخلية، اللواء منصور العيسوي، يسعى حاليا بكل جهد لإعادة الروح مرة أخرى إلى الأجهزة الأمنية، مضيفا أن القوات المسلحة سوف تبقى بعد استتاب الأمور وإجراء الانتخابات حارسا وضامنا لحقوق الشعب وحماية الدستور ومصالح البلاد. وتابع: «لن نسمح لأي سلطة أن تتجاوز في يوم من الأيام وتجور على حقوق وكرامة وحرية هذا الشعب».

من جانبه، أكد الدكتور محمد السعيد إدريس، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحد حضور اللقاء، أن اللقاء كان تشاوريا، مضيفا: «تأكد لي أن عنان وعددا من أعضاء المجلس العسكري لديهم انفتاح كامل للاستماع لكل وجهات النظر والاستفادة منها؛ بحيث يكون هناك نوع من الاستنارة الكاملة في التعاطي مع جميع القضايا المطروحة»، لافتا إلى «أنهم (أي أعضاء المجلس العسكري) يدركون أن هناك أزمة في مصر، وأنهم لا يتفردون بالقرار أو بالرأي، وأنهم على يقين من أن مصر أمامها أفق كبير من التطور بعد نجاح الثورة».

وأشار إدريس إلى أن «المجلس العسكري والفريق عنان أكدوا، خلال اللقاء، أنهم ليسوا خارج الثورة، وهم جزء أصيل من هذه الثورة ويتحملون مسؤولية إنجاز أهدافها، وأنهم لن يتراجعوا عن تحقيق هذه الأهداف، وأنهم ضد أي تدخل من أي قوي خارجية في شؤون مصر الداخلية، وأنهم يرفضون أي عمليات تمويل لأي جماعات أو حركات تحت أي غطاء أو مسمى؛ لأن ذلك التمويل سيؤثر على نحاج التجربة الديمقراطية في مصر وتشويهها».

وأضاف إدريس أن أعضاء المجلس العسكري أكدوا، خلال اللقاء الذي استمر 6 ساعات متواصلة، أنهم مع الاتجاه نحو عملية سياسية بجدول زمني واضح، تبدأ بالانتخابات التشريعية وتنتهي بانتخاب رئيس الجمهورية، مرورا بإعداد الدستور، وهم أيضا مع إعداد وثيقة تتضمن المبادئ والقيم السياسية التي يجب أن تحكم الدستور الجديد، في محاولة لطمأنة كل الأطراف بأن هذا الدستور كما تريده الجماعة الوطنية المصرية، وأنه لن يكون خاضعا لسيطرة أي طرف من الأطراف.

وتابع إدريس: إن المجلس العسكري تعهد بأن يكون ضامنا للاستقرار في مصر، ولن يكون بعيدا عن العملية السياسية وعن استمرار الأداء السياسي في مصر، لافتا إلى أن اللقاء وجه تطمينات للشعب المصري، واعترف فيه أعضاء المجلس العسكري بأن هناك 4 أزمات تواجه البلاد، ويحتاجون للاستماع لرأي المصريين فيها للخروج منها، وهي: الأزمة الأمنية، والاقتصادية، والطائفية، وأزمة الإعلام، موضحا أن المجلس العسكري يرى أن الإعلام في مصر لا يقوم بدور وطني كما يجب، وأن هناك بعض الأطراف الإعلامية حريصة على تصيد الأخطاء وتهييج الرأي العام، وأن تظل مصر دائما في حالة سخونة.

وأعتبر إدريس أن لقاء عنان مقدمة مهمة للفترة الحالية، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن ما يؤكد حرص المجلس العسكري على هذه اللقاءات هو الاستماع بإنصات شديد لاجتماع المثقفين أول من أمس، الذي استمر 6 ساعات متواصلة دون انقطاع، تحدث الجميع فيه. وأكد أن مثل هذه اللقاءات سوف تستمر وتتواصل في الفترة المقبلة.