سيف الإسلام القذافي: سنتحالف مع الإسلاميين.. وسيهرب الليبراليون أو سيقتلون

قلنا للواء عبد الفتاح يونس في إيطاليا: ستقتل في نهاية المطاف لأنك تلعب مع الأفاعي.. فأجاب: هذا محض هراء

سيف الإسلام كما ظهر خلال لقائه صحافيين أجانب في طرابلس («نيويورك تايمز»)
TT

بعد ستة أشهر من قتال ثورة وصفتها عائلته بأنها مؤامرة إسلامية، قال نجل العقيد معمر القذافي، الذي كان يعتقد أنه ولي عهده، يوم الأربعاء، إنه سيغير المسار ليشكل تحالفا غير معلن مع عناصر إسلامية راديكالية بين الثوار الليبيين بهدف التخلص من حلفائهم الأكثر ليبرالية. وقال سيف الإسلام القذافي خلال مقابلة أجريت معه، واستمرت على مدار ساعة: «سيهرب الليبراليون، أو سيقتلون». وأضاف: «سنقوم بذلك معا». ترك سيف الإسلام لحية تنمو، وكان ممسكا بسبحة، واتكأ على أريكة في مكتب بفندق مهجور تقريبا وسط المدينة. واعترف علي الصلابي، الإسلامي البارز الذي قال القذافي إنه نظيره الأساسي في المحادثات، بوجود محادثات، ولكنه رفض أي إشارة عن وجود تحالف. وقال إن الإسلاميين الليبيين يدعمون دعوات قادة الثوار إلى تحقيق ديمقراطية تعددية من دون عائلة القذافي. وألقت هذه المقابلة إطلالة نادرة على عقلية التحدي، التي يراها البعض عقلية الوهم، لعائلة القذافي، في وقت تراجعت فيه تقريبا من أي مشهد علني تحت تهديد حملة قصف يشنها «الناتو» منذ خمسة أشهر، وثورة في شهرها السادس. ويعد تحول القذافي إلى الإسلاميين انقلابا شخصيا حادا لرجل طالما صور نفسه على أنه شخص مغرم بالثقافة الإنجليزية ومؤمن بالديمقراطية الليبرالية على النمط الغربي، واستمر يشير إلى الإسلاميين على أنهم «إرهابيون» و«رجال دمويون»، وقال: «لا نثق بهم ولكن علينا أن نتعامل معهم».

ويمثل موقف سيف الإسلام تحولا في فكرة قديمة، وربما صيغة جديدة لقول القذافي إنه بمساعدة الثوار يدفع التدخل الغربي إلى سيطرة إسلامية راديكالية. وفي انتقاد آخر للغرب، أشار إلى أن عائلة القذافي ستساعد الإسلاميين على أن يضعوا النهاية لليبراليين. وقال مخاطبا الدول الغربية: «تريدون منا طرح حل وسط. حسنا. تريدون منا تقاسم الوعاء. حسنا. ولكن مع من؟»، وأجاب قائلا: «الإسلاميون هم القوة الحقيقية على الأرض».

وقال: «الجميع ينزع القناع، والآن عليكم أن تواجهوا الواقع. أعرف أنهم إرهابيون، وأنهم دمويون، وأنهم ليسوا لطافا. ولكن عليكم أن تقبلوهم». وبدا مستمتعا بتكرار فكرة أن العواصم الغربية ستكون مجبرة على استقبال سفراء أو وزير دفاع ليبيا الإسلامية الجديدة. وقال: «هذه ليست قصة مضحكة»، مؤكدا بكل جدية أنه سيعلن مع الإسلاميين وثيقة مشتركة خلال أيام من طرابلس وعاصمة الثوار المؤقتة في بنغازي. وقال: «سيكون هناك سلام خلال شهر رمضان».

وبعد أقل من أسبوع على القتل الغامض للقائد العسكري الأعلى للثوار اللواء عبد الفتاح يونس على يد مسلحين ضمن الثوار، بدا القذافي يحاول استغلال الانقسامات المحتملة داخل صفوفهم. وكانت هناك إشارات إلى أن اللواء قتل على يد فصيل إسلامي، وربما انتقاما لتصرفاته في دوره السابق كوزير للداخلية تابع لمعمر القذافي، إذ كان مسؤولا عن اعتقال وتعذيب إسلاميين راديكاليين. وقال القذافي: «لقد قرروا أن يتخلصوا من هؤلاء الأشخاص - العسكريين السابقين مثل عبد الفتاح والليبراليين – لتولي زمام العملية برمتها. وبصيغة أخرى، أن ينزعوا القناع».

وزاد قائلا إن مدينة درنة الشرقية الخاضعة لسيطرة الثوار، التي طالما كانت معقلا للنشاط الإسلامي، باتت تشبه المناطق غير الخاضعة لحكم القانون في باكستان. وقال: «إنها وزيرستان على البحر المتوسط»، مضيفا أنه توصل إلى اتفاق مع الإسلاميين المحليين للسماح له بأن يجعلوها «منطقة إسلامية مثل مكة».

ونقلت تعليقاته تعبيرا جديدا عن الازدراء لمحادثات السلام – سواء مع مجلس حكم الثوار أو داعميه بحلف «الناتو» - التي يدعو لها متحدثون رسميون باسم القذافي كل يوم تقريبا. ومعلقا على اعتراف الولايات المتحدة ودول أخرى بمجلس حكم الثوار، قال إن هناك «الكثير من الأغبياء بمختلف أنحاء العالم» .وبالنسبة إلى المتمردين أنفسهم، فقد وصفهم القذافي بأنهم «جرذان»، وقال إن مجلسهم «زائف» و«طرفة» و«دمية». واعترف زعماء الثوار وحكومات غربية بوجود إسلاميين بين صفوف المقاتلين الثوار، من بينهم واحد على الأقل اعتقل من قبل في غوانتانامو، وآخر يعتقد أنه كان داخل أفغانستان عندما كانت حركة طالبان تدير معسكرات تدريب إبان حكمها. ولكن حتى الآن قبلت حكومات غربية تعهدات الإسلاميين الليبيين بدعم ديمقراطية تعددية بعد الإطاحة بمعمر القذافي، ورأوا أن أجندتهم محلية بشكل محض ولا تطرح تهديدات أوسع. ولدى سيف الإسلام القذافي تاريخ مع الإسلاميين داخل ليبيا، الذين سجن والده الكثيرين منهم خلال حملة للتخلص من تنظيم يدعم الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية. وتحت دعوى التحرير، أشرف القذافي الابن على مبادرة لإعادة تأهيل الكثيرين منهم. ويعلق على ذلك قائلا: «لقد أطلقت سراحهم من السجن، وأعرفهم شخصيا، إنهم أصدقاء»، ولكنه أضاف أنه يعتبر إطلاق سراحهم «خطأ بالطبع» بسبب دورهم في الثورة. وكان القذافي مبهما في التفاصيل الخاصة بمستقبل ليبيا الإسلامية. وقال إنه وافق على مطالب إسلامية لمنع أي دستور غير القرآن، على الرغم من أن الصلابي قال إنه كتب بصورة علانية دعما لدستور مدني. ورفض القذافي مناقشة دوره ودور والده في المستقبل. وقال إن هذه قضية تطرح بعد التفاوض للوصول إلى سلام. وأضاف: «يبدو ذلك كأنك تطلق الرصاص أولا وبعد ذلك تطرح أسئلة».

وعلى الرغم من أنه خلال الأسابيع الأخيرة تحرك الثوار للأمام على ثلاث جبهات مختلفة حول طرابلس، أكد القذافي: «نحن أكثر وحدة وشعورا بالراحة والثقة. والثوار يخسرون كل يوم».

وتحدث القذافي أيضا عن بعض اتصالات عائلته مع مسؤولين في صفوف الثوار أثارت جدلا خلال الأسابيع الأخيرة. ويشك الكثيرون بين صفوف الثوار في أن اللواء عبد الفتاح يونس، المقرب من القذافي في ما مضى، كان يحافظ على علاقات برئيسه السابق، وبدا أن القذافي الابن يؤكد هذه الشكوك. وقال: «قابلناه مرتين في إيطاليا، وقلنا له: ستقتل في نهاية المطاف لأنك تلعب مع الأفاعي». وقال: هذا محض هراء.

وتحدث في الأغلب عن محادثاته مع الصلابي، الذي يصفه القذافي بأنه «الزعيم الحقيقي» للثورة و«الزعيم الروحي» لإسلامييها. وقال القذافي عن الصلابي: «ذكر أن الليبراليين يسكرون طوال الوقت وأنه لا مكان لهم في ليبيا، هؤلاء هم أعداؤنا المشتركون، على الرغم من أنهم أناس لطاف يرتدون سترات ورابطات عنق ويطيرون على متن طائرات خاصة من باريس ولندن».

وفي المقابل، أعرب الصلابي عن ترحيبه بالقيادات العلمانية. وأضاف: «الليبراليون جزء من ليبيا، وأعتقد أن لهم الحق في طرح مشروعهم السياسي وإقناع الناس به». وبعد محادثاتهما، قال الصلابي إن القذافي هو من اتصل بالثوار. وقال: «كانت هناك الكثير من النقاشات بينه وبين المعارضة. وأول شيء تناوله النقاش هو رحيله وعائلته عن السلطة».

* خدمة «نيويورك تايمز»