معاناة من انقطاع الكهرباء والإنترنت وحملات اعتقال واسعة تستهدف الأحياء المحاصرة

جبلة تلتقط أنفاسها بعد قمعها من النظام.. وأهاليها عاودوا التظاهر منذ بداية شهر رمضان

TT

عادت مدينة جبلة الساحلية إلى واجهة أحداث الانتفاضة السورية، غداة انقطاع استمر قرابة الشهرين، بعد أن تم اقتحام البلدة الصغيرة الواقعة على بعد نحو 25 كلم عن مدينة اللاذقية في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي من قبل عناصر الأمن والشبيحة، الذين نجحوا في فض المظاهرات التي استضافتها ساحة المدينة كل مساء بمشاركة أعداد كبيرة من الأهالي المطالبين بإسقاط النظام السوري.

وعلى الرغم من التضييق الحاد الذي شهدته هذه البلدة التي لا يتجاوز عدد سكانها الثمانين ألفا، من خلال إقامة الحواجز في معظم أحيائها والتدقيق في الهويات وتفتيش أجهزة الهواتف الخلوية وتنفيذ حملات اعتقال واسعة في صفوف الشباب خصوصا إضافة إلى سقوط ثلاثة عشر قتيلا ومئات الجرحى نتيجة إطلاق النار بشكل عشوائي من قبل دوريات الأمن، فإن البلدة، وفق ما يؤكده ناشطون منها لـ«الشرق الأوسط» استعادت زخمها الاحتجاجي منذ بدء شهر رمضان المبارك، حيث بدأ أهاليها بالخروج يوميا بعد صلوات التراويح من جامع الإيمان في شارع العزي وجامع المنصوري في حي الدريبة، في مظاهرات تطالب بسقوط النظام ورحيل بشار الأسد.

واستدعت هذه التحركات إطلاق نار كثيفا من قبل الأمن والشبيحة لتفريق المتظاهرين وفض تجمعاتهم الاحتجاجية، مما أدى إلى مقتل الشاب أحمد عكو صبري الذي فارق الحياة بعد منع عناصر الأمن للأطباء من الوصول إلى مكان المظاهرة ومعالجة المصابين.

وتعاني جبلة، وفق الناشطين، من «انقطاع التيار الكهربائي والإنترنت، خصوصا عن الأحياء التي تخرج منها المظاهرات المطالبة بالحرية، مثل حي الصليبة والدريبة والعزي، إضافة إلى حملات اعتقال تستهدف هذه الأحياء المحاصرة منذ أشهر بواسطة الحواجز الأمنية المشددة».

ويلفت أحد الناشطين في المدينة إلى أن جبلة «كادت أن تشعل شرارة حرب أهلية في سوريا كلها بسبب الممارسات الطائفية التي تم انتهاجها في المدينة من قبل أجهزة النظام، التي ميزت في حملاتها بين سكان الأحياء». وأشار إلى أنه «تمت محاصرة المتظاهرين في جبلة مباشرة بعد فض الاعتصام المسائي الذي استمر أكثر من شهر وتم بث مشاهده على العديد من الفضائيات العربية، بعد أن استقطب العديد من الأشخاص الذين ينتمون إلى الطائفة العلوية والذين يناصرون صلاح جديد، عضو حزب البعث الذي انقلب الرئيس حافظ الأسد عليه في بداية السبعينيات ووضعه في أحد سجون دمشق حتى وفاته، وهو ما أخاف النظام من اتساع المشاركة العلوية وجعله يسرّع من عملية الاقتحام في ذلك الحين».

وكان محافظ مدينة اللاذقية اجتمع مع بداية الأحداث مع ممثلين عن الأهالي وبعض منسقي المظاهرات، حيث سألهم خلال اللقاء عن مطالبهم، فأجابوه بإصرار وجرأة «نريد إسقط نظام بشار الأسد ومحاكمة كل من قتل أي مواطن سوري».

يذكر أن تاريخ بناء مدينة جبلة يعود إلى عام 2400 ق م، حيث بناها الفينيقيون وتعود تسميتها إلى الإله الفينيقي ايل الذي اشتقت منه تسمية مدينة جبيل اللبنانية أيضا. ويطلق على المدينة اسم جبلة القسام، نسبة إلى عز الدين القسام، الذي يعود أصله إلى المدينة، وهو ما «جعل المتظاهرين يستلهمون من نضالاته وبطولاته القدرة على مواجهة النظام السوري وآلته القمعية» على تعبير أحد ناشطي جبلة.