مصر: منظمة مدنية أمام النيابة العسكرية.. والعفو التام عن ناشطين سياسيين

منظمات تشتكي عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد اتهامه لها بالعمالة وتلقي تمويل

TT

استمعت النيابة العسكرية بمصر، أمس، إلى أقوال عدد من مسؤولي المعهد المصري الديمقراطي، في بلاغهم ضد اللواء حسن الرويني، قائد المنطقة المركزية العسكرية، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي اتهم عددا من منظمات المجتمع المدني بالعمالة وتلقي أموال من الخارج. بينما أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة التنازل عن البلاغ المقدم ضد الناشطين لؤي نجاتي وأسماء محفوظ، مراعاة للتوجه العام لعدم محاكمة الشباب عسكريا لتعبيرهم عن آرائهم.

وكان مسؤولو المعهد المصري الديمقراطي قد قدموا بلاغا للنائب العام المصري، المستشار عبد المجيد محمود، ضد اللواء حسن الرويني، وهو البلاغ الذي أحاله النائب العام إلى النيابة العسكرية للتحقيق فيه.

وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها النيابة العسكرية باستدعاء منظمة حقوقية وأهلية للتحقيق معها. ومن جانبها دافعت إسراء عبد الفتاح، الناشطة السياسية وواحدة مسؤولي المعهد، عن المعهد قائلة: «قدمنا كل أوراق ومستندات ميزانية المعهد، موضحة فيها المنح الخارجية التي تلقاها المعهد المصري الديمقراطي، وهو شركة مصرية لا تهدف إلى الربح، وتم تأسيسها طبقا للقانون المصري.. ليس لدينا ما نخشاه».

وأضافت إسراء لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لنا أي أجندات أجنبية، كل ما في الأمر أن لنا علاقات شراكة وتعاون مع بعض المؤسسات الأجنبية لإرساء الديمقراطية في مصر»، مؤكدة أن نشاط المعهد بالكامل لا يخالف القانون المصري في أي شيء.

وأوضحت أن المعهد تلقى منحا للتمويل من مؤسسات ومنظمات أوروبية وأميركية، وفقا لما يقرره القانون المصري في هذا الشأن، مشيرة إلى أن المعهد بدأ عمله في يوليو (تموز) عام 2009، وأول منحة حصل عليها كانت في بداية عام 2010.

من جانبه، قال المحامي جمال عيد، مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، وأحد المحامين الذين يتولون الدفاع عن المعهد: «إن الاستدعاء كان بسبب البلاغ المقدم من المعهد المصري الديمقراطي ضد اللواء الرويني»، مضيفا: «أعتقد أنه شيء إيجابي وخطوة مهمة على طريق دولة سيادة القانون»، مشيرا إلى أن هذا البلاغ سيكون هو الأول من نوعه ضد أحد أعضاء المجلس العسكري الذي يتم التحقيق فيه.

من جهة أخرى، أكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة تجاوبه مع المطلب الشعبي بمراعاة عدم محاكمة الشباب عسكريا لتعبيرهم عن آرائهم تجاه التطورات التي يمر بها الوطن. وأشار المجلس في رسالته رقم 72 على صفحته الرسمية على موقع «فيس بوك» إلى «التجاوب مع هذا المطلب بتسامح تام، والتنازل عن البلاغ المقدم ضد كل من لؤي نجاتي وأسماء محفوظ، وإخطار رئيس هيئة القضاء العسكري باتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية في هذا الشأن».

يذكر أن المجلس العسكري قد أعلن أنه سيواجه أعمال البلطجة والتخريب والاعتداء على حريات المواطنين بأشد العقوبات، وأن من سيتم اتهامهم بهذه الأعمال سيتم تحويلهم للقضاء العسكري وسيواجهون أحكاما رادعة، كان آخرها قرار محكمة عسكرية في مدينة قنا (جنوب مصر) أصدرت حكما، أول من أمس، بإعدام خمسة والسجن المؤبد لسبعة وبراءة متهم واحد في قضية مقتل ضابط شرطة خلال قيامه بمطاردة تشكيل عصابي في أحد الدروب الصحراوية.

وقالت منظمة العفو الدولية إن آلافا من المدنيين المصريين صدرت ضدهم أحكام من محاكم عسكرية منذ إسقاط مبارك، لكن عددا ضئيلا منهم صدرت ضدهم أحكام بالإعدام في قضايا اغتصاب أو قتل. ويقول القضاء العسكري في مصر إنه يتصدى بالتحقيق والاستجواب لأعمال البلطجة، لكن الكثير من المدنيين والسياسيين أحيلوا، مؤخرا، للقضاء العسكري، ليس بتهم ترويع المواطنين، ولكن بتهم تتعلق بإهانة المجلس العسكري الحاكم في البلاد.

وصدر، أول من أمس، أيضا، حكم بالسجن لمدة ستة أشهر على ناشطين بسبب إطلاقهما هتافات معادية للجيش، بحسب ما أفاد مسؤول في النيابة العسكرية المصرية. وكان القضاء العسكري، قد أصدر الاثنين الماضي، حكما مشابها حين تم الحكم بحبس حسن بهجت، مراسل شبكة «إي بي سي» ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ؛ لترديده شعارات تهين المجلس العسكري، وهو الأمر الذي رأت فيه النيابة إهانة وسبا للقوات المسلحة.

وقالت منظمة «هيومن رايتس واتش» الدولية إن القضاء العسكري أصدر منذ يناير (كانون الثاني) الماضي أحكاما على 10 آلاف مدني على الأقل، داعية لأن تراجع مصر، على وجه السرعة، الإطار القانوني الذي استخدمه مبارك لسنين من أجل إسكات معارضيه، مضيفة، في بيان أصدرته مساء أول من أمس، أنه من غير المقبول أن يستخدم الجيش هذه القوانين للحد من حرية التعبير، خصوصا مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقرر فتح باب الترشح لها نهاية الشهر الحالي.

وفي شأن متصل، تحدث تقرير إخباري محلي نقلته جريدة «الشروق» المصرية، أمس، عن وجود «صفقة» محتملة بين القاهرة وواشنطن تقضي بالكشف عن أسماء منظمات المجتمع المدني المصري التي تتلقى أموالا من الولايات المتحدة، مقابل عدم ملاحقة المجلس العسكري لهذه المنظمات.

إلا أن المحاكمات العسكرية لسياسيين مصريين لا تزال تثير القلق، وقد تكون مؤشرا على ما ستشهده الأوضاع في مصر في فترة الانتخابات المقبلة سواء الرئاسية والبرلمانية.