اليمن: انقسامات وانسحابات في صفوف «المجلس الوطني» مع أول أيام انعقاده

الشيخ علوي الباشا عضو المجلس الانتقالي: المجلس إطار عريض وعلى المتحفظين دراسة تحفظهم جيدا

مسن يمني يغادر جامع «الصالح» في العاصمة اليمنية صنعاء بعد مسيرة مؤيدة للرئيس اليمني الجمعة (إ.ب.أ)
TT

دخل المجلس الوطني الذي شكلته المعارضة اليمنية، الأربعاء الماضي، في مأزق كبير، بعد إعلان الكثير من أعضائه الـ143، رفضهم له وانسحابهم من عضويته لأسباب عديدة، الأمر الذي يهدد مصداقيته ووجوده أمام القوى الإقليمية والدولية، رغم مظاهرات التأييد التي حظي بها، خاصة أن الشخصيات التي تبرأت منه لها ثقلها في الساحة اليمنية.

وعقد المجلس الوطني، أمس، اجتماعه الأول في صنعاء وانتخب محمد سالم باسندوة، رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني المعارضة، رئيسا له والناشطة السياسية البارزة حورية مشهور ناطقة رسمية باسم المجلس والنائب صخر الوجيه، رئيسا للمكتب الفني للمجلس، إضافة إلى تشكيل لجان مؤقتة لإعداد اللوائح وغيرها من المتطلبات.

وفي تعليق له على خطوة تشكيل المجلس الوطني قال عضو المجلس الوطني الشيخ علوي الباشا أمين عام تحالف قبائل مأرب والجوف في اتصال مع «الشرق الأوسط» في لندن «إن الخطوة كانت ضرورية في ضوء تعثر الحل السياسي ورفض السلطة المبادرة الخليجية» وأضاف الباشا «المجلس الوطني هو إطار وطني عريض لتنظيم جهود مختلف أطياف الفعل الثوري والوطني تجاه حسم الأمور لإنجاح ثورة الشباب السلمية وتحقيق أهدافها» وحول مدى تأثير خطوة انسحاب 23 عضوا من أعضاء المجلس الذين ينتمون إلى المحافظات الجنوبية من المجلس الوطني قال الباشا «بعض من تضمنهم بيان التحفظ الجنوبي رموز لها مكانتها ووجودها مهم في تشكيلة المجلس، وهناك شخصيات جنوبية أخرى قبلوا الفكرة وأعتقد أن الرئيس علي ناصر محمد وزملاءه يفترض أن يدرسوا تحفظهم جيدا على أن يتم الاتفاق معهم على نقاط الخلاف» وأضاف الشيخ الباشا أنه «في اجتماع اليوم (أمس) سيدرس المجلس الأمر، والاتفاق قائم على إنجاح الثورة، وهذه مسألة لا خلاف عليها، فحتى البيض وأصحاب (فك الارتباط) هم مع إنجاح الثورة».

وقد أعلنت 23 شخصية يمنية جنوبية بارزة انسحابها من عضوية المجلس ورفضها له، وبين تلك الشخصيات، رئيسان يمنيان جنوبيان سابقان، هما علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس، وقال بيان صادر عن تلك الشخصيات، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن اليمن يعيش «في ظروف بالغة الخطورة والصعوبة والتعقيد، وتتطلب تضافر جهود كل مكونات العملية السياسية والاجتماعية لمواجهة صلف وغطرسة بقايا النظام العائلي المتهالك، المتشبث بالسلطة بأي ثمن ومهما كانت النتائج، هذا الجهد يتطلب شراكة حقيقية وتوافق بين مختلف مكونات العملية السياسية والثورية في البلاد لإسقاط النظام».

وأضاف: «تابعنا إعلان المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية من قبل أحزاب اللقاء المشترك واللجنة التحضيرية للحوار الوطني وشركائهم، ونعتقد أن هذه العملية قد جرى سلقها بعجالة ودون سابق إعداد وتحضير جيد، وقد طغى عليها الجانب العشوائي والانتقائي، ونحن لا نقلل من الجهود التي بذلت، ولا من دور العناصر التي ذكرت في الإعلان».

وأعربت الشخصيات الجنوبية التي انسحبت من المجلس الوطني عن اعتقادها أنه كان من المهم قبل الإعلان عن تشكيل الجمعية الوطنية والمجلس الوطني أن يتم «التوافق على الأهداف السياسية، وتحديد موقف واضح وصريح من القضية الجنوبية كقضية سياسية وطنية بامتياز ينبغي أن تتصدر أولويات القضايا في أي تسوية سياسية قادمة تقوم على قاعدة الشراكة والاتحاد الطوعي بين طرفي المعادلة السياسية وهما دولتا الجنوب والشمال في وحدة 1990م التي تم وأدها بحرب صيف 1994م، وبما يلبي آمال وتطلعات الشعب في الجنوب باعتباره صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في حسم خياراته الوطنية وتقرير مستقبله السياسي».

وقال السياسيون اليمنيون الجنوبيون إنهم فوجئوا بإعلان أسمائهم «في قوام المجلس دون علمنا والاتفاق المسبق معنا لمعرفة رأينا وموقفنا قبل إعلان الأسماء»، وإنه جرى «تهميش وعدم الأخذ بعين الاعتبار موقف ووجهة نظر عدد من أقطاب العملية السياسية وأبرزهم الحراك الجنوبي السلمي والثورة الشعبية السلمية والحوثيون وغيرهم من القوى السياسية والاجتماعية التي كانت سباقة في عملية التغيير».

وأكدوا، في بيانهم، أن «أي ائتلاف وطني موسع يضطلع بمسؤولية قيادة الثورة الشعبية السلمية لإسقاط بقايا النظام، ينبغي أن يكون في هذه المرحلة، بالمناصفة بين الجنوب والشمال، ومن شأن ذلك تعزيز عوامل الثقة المتبادلة وحشد كل الطاقات والإمكانات للتسريع في انتصار الثورة وتحقيق كامل أهدافها، والتأسيس لمرحلة جديدة تمهد الطريق لتسوية وحلول ناجعة لكل القضايا الشائكة والمعقدة التي تواجهها البلاد ويأتي في مقدمتها القضية الجنوبية».

وقال القياديون الجنوبيون المعارضون إن ملاحظاتهم وتحفظاتهم على الجمعية الوطنية والمجلس الوطني «أو أي تكوينات مماثلة للفترة الانتقالية لا تلبي الأسس التي أشرنا إليها، ولا تؤمن الشراكة الندية الحقيقية للجنوب، فإنها لا تعنينا ولن نشارك فيها للأسباب التي أسلفنا ذكرها».

وطالب المعارضون الجنوبيون بأن «تكون تشكيلة المجلس بالمناصفة بين شمال اليمن وجنوبه في المرحلة الراهنة لما للقضية الجنوبية من أهمية في حل مشكلات اليمن الراهنة».

ووقع البيان الأسماء التالية: أحمد القعطبي، أحمد سالم عبيد، حيدر العطاس، سعد الدين بن طالب، سعيد سعدان، شعفل عمر، شفيع العبد، صالح عبيد أحمد، صالح محسن الحاج، علي الحدي (يافع)، علي بن علي هادي، علي حسن زكي، علي منصر، علي ناصر محمد، فضل علي عبد الله، محسن باصره، محمد الحامد، محمد عبد الله باشراحيل، محمد علي الشدادي، محمد علي أحمد، محمد هيثم، هيثم قاسم طاهر، واعد باذيب.

هذا ولم تقتصر الانسحابات والانقسامات في صفوف المجلس الوطني على الشخصيات الجنوبية المذكورة آنفا، فقد أعلن هشام باشراحيل، ناشر ورئيس تحرير صحيفة «الأيام» الموقوفة منذ قرابة عامين من المجلس، وقال باشراحيل في بيان له: «أعلن اعتذاري عن قبول المشاركة بسبب عدم استشارتي مسبقا لضم اسمي ودون إطلاعي على صيغة المبادئ والسياسات المرسومة للجمعية الوطنية لقوى الثورة كما أن التجاهل للقضية الجنوبية والحراك السلمي وشهدائه وجرحاه والخسائر المادية الجسيمة تتصدر قراري بالاعتذار».

وحتى شباب الثورة في الساحات في شمال البلاد، اتخذوا مواقف مناوئة للمجلس، كالكاتبة والناشطة بشرى المقطري التي قالت إن الجمعية الوطنية التي انبثق عنها المجلس الوطني «لم تكن تمثل كل مكونات الفعل السياسي، وبالأخص لم تمثل الشباب المستقل الفاعل في الساحات والذي كانت له اليد في تفجير شرارة الثور، حيث لاحظنا أن الأسماء المختارة من المحافظات لم تكن ذات فاعليه حقيقية وإنما تم اختيارها في المقرات الضيقة بعيدا عن ساحة العمل الثوري، كما أن الشباب المستقل الذي تم اختياره لم يكونوا مستقلين وإنما ينتمون لحزب بعينه حظي بأكثرية في التمثيل وهو ما أثر سلبا على هيئة المجلس الوطني حيث غلبت عليه صبغة سياسية بعينها» .