القبض على محقق لتسريبه معلومات حول قضية التنصت

متحدث باسم «الغارديان»: قلقون من اعتبار المحادثات بين مصادر وصحافيين عملا إجراميا

TT

قالت مصادر في الشرطة البريطانية إنها ألقت القبض، يوم الخميس الماضي، على أحد محققي شرطة اسكوتلانديارد على خلفية الشكوك بتسريبه معلومات خلال التحقيق في قضية التنصت على الهواتف إلى صحافيين.

وأفادت الشرطة بأن المحقق، البالغ من العمر 51 عاما، اعتقل أثناء عمله على خلفية الشكوك «بالكشف عن معلومات سرية». ولم توجه إلى المحقق، الذي أوقف عن العمل، أي اتهامات، لكن أفرج عنه وطلب منه العودة للاستجواب مرة أخرى في 29 سبتمبر (أيلول) المقبل. ولم تكشف الشرطة عن هوية المحقق، لكنها قالت إنه كان مكلفا بقضية «أوبريشن ويتنغ»، التي كانت تحقق في مزاعم التنصت على الهواتف التي تورطت فيها صحيفة التابلويد «نيوز أوف ذي وورلد» وصحف أخرى.

ويعتبر تسريب الأخبار إلى الصحافة جريمة جنائية، لكن بيع الأخبار للصحف كان أمرا شائعا بين رجال الشرطة الذين كانوا يعملون بشكل دائم مع وسائل الإعلام؛ لذا فكان من الغريب أن يتم اعتقال ضابط على خلفية الشكوك بتسريب معلومات.

من ناحية أخرى، يتواصل التحقيق في اتهامات بدفع بعض الصحافيين ورؤساء التحرير أموالا إلى الشرطة من أجل الحصول على المعلومات، لكن لم يتم اعتقال أي ضابط في هذه القضية.

وقال أحد المطلعين على التحقيق: إن عملية الاعتقال، التي جرت يوم الخميس الماضي، ربما كانت لها علاقة بالكشف عن أسماء الأفراد المتورطين في فضيحة التنصت على الهواتف. ومعروف أن الشرطة لا تعلن عن أسماء المشتبه بهم حتى يتم توجيه اتهامات رسمية إليهم، لكنها تصنفهم بجنسهم وسنهم.

ورأى البعض في القبض على المشتبه به بتسريب المعلومات رسالة من نائبة المفوض المساعد، سوي آكرز، التي تقود التحقيقات بأنها غاضبة من الكشف عن الأسماء والمعلومات وعزمها على الحفاظ على تفاصيل التحقيق بعيدا عن متناول العامة.

وقالت آكرز في بيانها: «أوضحت، عندما توليت هذا التحقيق، الحاجة إلى أن نكون عمليين وعلى أهمية أمن المعلومات. وإنه لمن المحبط إلى حد بعيد ألا نتمكن من الالتزام بذلك».

وأشارت إلى أن إدارة الشرطة «تعتبر الكشف عن معلومات سرية أمرا بالغ الخطورة، وأنها تحركت بسرعة للقيام بعملية الاعتقال هذه».وأوضح مسؤول في اسكوتلانديارد أن «الأمر كان مثيرا للدهشة وغير عادي؛ لأنها المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال ضابط لتسريبه معلومات للإعلام بشأن التحقيق في فضيحة التنصت على الهواتف بدلا من القضية الأساسية، وهي بيع معلومات إلى (نيوز أوف ذي وورلد)».

على صعيد متصل، تجري شرطة لندن تحقيقا منفصلا بشأن رسائل بريد إلكتروني تشير إلى أن ضباط شرطة قاموا ببيع معلومات بشأن اتصالات سرية لشخصيات عامة من بينها أعضاء في العائلة المالكة إلى الصحافيين ورؤساء تحرير في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد».

وأوضحت الشرطة أيضا أنها اعتقلت شخصا آخر، أول من أمس الجمعة، ليصل عدد المعتقلين حتى الآن إلى 14 شخصا يشتبه في ضلوعهم في التنصت على الهواتف أو الدخول غير الشرعي على رسائل البريد الصوتي. ويتفرغ 65 محققا و20 ضابطا للعمل في هذه القضية.

والشخص المعتقل الذي كشفت قناة «سكاي نيوز» عن اسمه، دان إيفانز، يبلغ من العمر 35 عاما، وهو مراسل سابق لـ«نيوز أوف ذي وورلد». وكانت الصحيفة قد أوقفته عن العمل في ربيع 2010 بعد ظهور اسمه كجزء من الدعوى المدنية ضد الصحيفة من قبل مصممة الديكور كيلي هوبن، زوجة والد الممثلة سيينا ميلر، التي زعمت وقتها أن هاتفها تم التنصت عليه.

كانت قضية هوبن قد بدأت بمعلومات حصلت عليها الشرطة سنة 2006، لتظهر بذلك أول قضية تنصت على الهواتف إلى العلن وقتها، والتي اتهم فيها كليف غودمان، مراسل العائلة الملكية السابق في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» وكذلك غليت مولكير، المحقق الخاص الذي تستأجره الصحيفة. وعندها حصلت الشرطة على 12 ألف صفحة من الوثائق من مولكير، التي تضمنت قائمة من أرقام الهواتف الجوالة وأسماء الأشخاص التي قد تكون رسائل اعترضت بصورة غير قانونية. وتمت إدانة كل من مولكير وغودمان عام 2007، وقضى كل منهما بضعة أشهر في السجن وقتها.

لكن عملية الاعتقال، التي تمت مؤخرا، مرتبطة بقضية التنصت الحديثة، وإذا ثبت تورط إيفانز، فهذا سيتناقض مع التأكيدات التي قطعتها شركة «نيوز كورب»، المالكة للصحيفة، التي سبق أن أكدت (الشركة) أن التنصت كان مقصورا حتى الشتاء الماضي على مراسل واحد هو غودمان.

وبحسب «سكاي»، فهناك اعتقادات بتسريب المحقق، الذي اعتقل يوم الخميس الماضي، معلومات إلى صحيفة «الغارديان»، التي نشرت الكثير من التفاصيل بشأن اعتقالات التنصت على الهواتف أكثر من منافسيها.

من جانبها، قالت صحيفة «الغارديان»، على موقعها الإلكتروني، إنها لن تعلق على هذه المزاعم. ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسمها قوله: «على النطاق الأوسع الذي أثارته عملية الاعتقال، سيبدي الصحافيون، من دون شك، قلقهم إذا اعتبرت المحادثات التي أجريت بين مصادر وصحافيين عملا إجراميا. وبهذا الشكل فإننا، وكل الصحف الإخبارية، لا نملك أي تعليق يمكننا الإدلاء به حول مصادر أخبارنا».

من جانبها، أكدت صحيفة «نيوز إنترناشيونال»، الذراع البريطانية لشركة «نيوز كورب»، أنها «تتعاون مع التحقيق ولن تعلق على عملية الاعتقالات».

* خدمة «نيويورك تايمز»