المدن السورية تواصل انتفاضتها.. والمعارضة تؤجل إعلان «المجلس الوطني»

زيادة لـ«الشرق الأوسط»: المرحلة المقبلة ستشهد دورا أكبر للقوى الدولية وعلى المعارضة أن تحدد مطالبها

صورة بثت على «يوتيوب» تبين عناصر من الأمن السوري يعتدون على رجل مسن في حمص
TT

في وقت تواصل فيه المدن السورية انتفاضتها، متحدية الآلة العسكرية والأمنية، انتهى «اللقاء التشاوري» للمعارضة السورية في إسطنبول، من دون إعلان «المجلس الوطني»، الذي كان من المقرر أن ينبثق عن اللقاء. وقرر المشاركون تأليف لجنة رباعية هدفها «متابعة الاتصالات مع كل الأطراف في الداخل والخارج لتأمين أوسع تمثيل ممكن»، كما أكد مشاركون لـ«الشرق الأوسط»، رافضين توصيف نتائج اللقاء بأنها «فشل».

وقال عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، الدكتور رضوان زيادة، لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع الذي انعقد يومي السبت والأحد في إسطنبول انتهى إلى قرار من المجتمعين بأنهم «في حاجة إلى المزيد من المشاورات من أجل ضمان أن يضم المجلس المنتظر كل الفعاليات السورية والناشطين في الداخل والخارج، بحيث لا يُستثنى أحد، وبحيث يشكل هذا المجلس خطوة في اتجاه توحيد صوت المعارضة، لا سيما أن الفترة حساسة مع تصاعد الحملة الدولية واستخدام النظام للحل العسكري على نطاق واسع».

وأشار زيادة إلى أن المعارضة السورية «تدرك أن خطوة مماثلة يجب أن تتم بسرعة، لكن من دون تسرع، من أجل ضمان عدم إقصاء أي طرف، وضمان تمثيل الجميع واحترام رأيهم».

وكشف زيادة عن تشكيل لجنة من 4 شخصيات مهمتها الاستمرار في الاتصالات والمشاورات في الداخل والخارج لإعلان تشكيلة المجلس الوطني في أسرع وقت ممكن، مشيرا إلى أن المعارضين اتفقوا على العمل من أجل تزايد الضغوط على النظام السوري دوليا من أجل إحداث إرباكات وانشقاقات في صفوفه.

ونفى زيادة وجود خلافات، مؤكدا أن الجميع يمتلكون إحساسا بالمسؤولية، لكنهم يؤمنون بأن الشرعية تعطى من الداخل، موضحا أن حركة المعارضة في الداخل شبه مستحيلة بعد حملة الاعتقالات الأخيرة التي شملت المعارض البارز وليد البني وآخرين، ولهذا لا يمكن للمعارضة أن تشكل مجلسا في الخارج ينطق بلسان الداخل. وقال إن المرحلة المقبلة سوف تشمل دورا أكبر للمجتمع الدولي، ولهذا يتوجب على المعارضة أن تعرف مطالبها الأساسية وتعمل من أجل تحقيقها.

وأعلن زيادة أنه سيتوجه اليوم إلى جنيف للإدلاء بشهادة أمام مجلس حقوق الإنسان، وأنه سيضغط مع زملائه المعارضين من أجل استصدار قرار قوي بتأليف لجنة خبراء مستقلين، وما يسمى المحاسبة عبر الطلب إلى مجلس الأمن الدولي، وإحالة ملف الارتكابات التي قام بها النظام إلى محكمة الجنايات الدولية انطلاقا من تقرير مفوضية حقوق الإنسان التي وصفت ما حدث في سوريا بأنه «جرائم ضد الإنسانية».

غير أن «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية»، الذي يضم مجموعات تقوم بتنسيق المظاهرات على الأرض في داخل سوريا، أصدر بيانا يحمل توقيع «الهيئة العامة للثورة السورية»، دعا فيه إلى التريث في الإعلان عن أي هيئة تمثيلية.

وجاء في البيان الذي نشرته التنسيقيات على صفحتها الإلكترونية: «تشهد الساحة السياسية السورية في الداخل والخارج انعقاد عدد من المؤتمرات، ودعوات لمؤتمرات أخرى.. وإن الهيئة العامة للثورة السورية تؤيّد أي مسعى حقيقي لتوحيد جهود المعارضة السورية في الداخل والخارج بما يدعم الثورة السورية، إلا أننا نؤكد - للمصلحة الوطنية والثورة السورية - على رغبتنا تأجيل أي مشروع تمثيلي للشعب السوري، وذلك من أجل العمل على التوافقية الكاملة لكل أطياف ومكونات الشعب السوري».

ودعت التنسيقيات «كل السياسيين السوريين المعارضين في الداخل والخارج إلى أن يكونوا على قدر المسؤولية بالاجتماع والتوحد، وأن يكونوا على مستوى التضحيات التي قدمها ويقدمها أبناء شعبنا السوري، التي استطاعت وحدها أن تصنع الإنجاز الذي نعيشه اليوم».

إلى ذلك، تواصلت المظاهرات في عدة مدن سورية، أمس، واجهتها قوى الأمن والجيش بالرصاص، بينما اتهم ناشطون على موقع الثورة السورية على الإنترنت، السلطات ببث مقابلة أجراها التلفزيون السوري مع الرئيس الأسد، في موعد المظاهرات التي تنطلق عادة بعد صلاة التراويح، لمنع المتظاهرين من الخروج.

ودعا الناشطون لعدم مشاهدة المقابلة، والخروج في المظاهرات اليومية المعتادة.

ولقي 7 محتجين، في الرستن بحمص، مصرعهم بعد أن فتحت عناصر الأمن عليهم النار، وجرت حملة اعتقالات في حمص، التي انتشرت فيها مدرعات الجيش. وحسب المصادر فإن دمشق شهدت مظاهرات أمس، تزامنت مع زيارة بعثة أممية لحقوق الإنسان، كما شهدت اللاذقية حملة اعتقالات واسعة.

من جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن جهازا أمنيا في مدينة دير الزور، شمال شرقي سوريا، اعتقل طبيبا هو أحمد عبد الله حسون خلال محاولته إسعاف متظاهر أصيب بجراح بالغة برصاص الأمن.

وقال المرصد إن الطبيب حاول منع اعتقال المتظاهر المصاب خوفا على حياته، وأبلغ عناصر الأمن بأنه طبيب أذنية، وأنه فقط يريد القيام بإسعاف المصاب لكي لا يفقد حياته، فتعرض للضرب المبرح بأعقاب البنادق، ولدى استمراره في محاولة إسعاف المصاب قام أحد عناصر الأمن باستخدام سكين(مدية) البندقية التي بحوزته لقطع أذنه التي ظلت معلقة بوجهه بقطعة صغيرة من الجلد وهو يحملها بيده حتى أغمى عليه من شدة النزف وتم اقتياده إلى جهة مجهولة.

وأبلغ طبيب من المدينة المرصد صباح أمس بأن الطبيب أحمد عبد الله حسون معتقل في أقبية جهاز الأمن العسكري في المدينة، وهو بحالة صحية حرجة.

من جهة ثانية، أعلن دبلوماسيون غربيون أمس أن العقوبات الجديدة للاتحاد الأوروبي على سوريا، التي تستهدف قطاعها النفطي، باتت جاهزة عمليا ويمكن أن تعلن غدا الثلاثاء. وقال مصدر أوروبي مطلع لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم ينجز الأمر بعد لكنه بحكم المنجز. لقد كلفت الدول الـ27 (الأعضاء في الاتحاد) الاتحاد الأوروبي إعداد» هذه العقوبات، و«الثلاثاء سنقدم التشريع (الملائم) رسميا».