اليمن.. قيادي في الحزب الحاكم لـ«الشرق الأوسط»: المجلس الوطني ولد ميتا.. وعضو في المجلس: لن نتأثر بالانسحابات

مقتل 14 من رجال القبائل على يد «القاعدة» في أبين ومواجهات في ريمة

يمنية مؤيدة للنظام تلف رأسها بعلم بلادها الذي تتدلى منه صورة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في صنعاء (أ.ب)
TT

اعتبر الحزب الحاكم في اليمن أن انسحاب الكثير من أعضاء «المجلس الوطني»، الذي شكلته المعارضة اليمنية مع قوى الشباب في الساحات، يدل على أن المجلس ولد ميتا، في وقت تواصلت فيه التصدعات في المجلس الوطني في اليمن، بعيد تشكيله بأيام، مما أدى إلى تشكيل لجنة لمناقشة مطالب المنسحبين من عضويته، كما تواصلت التطورات الأمنية في معظم المحافظات اليمنية مع مقتل 14 من رجال القبائل في محافظة أبين على يد عناصر مرتبطة بـ«القاعدة».

وفي سياق الحديث عن المجلس الانتقالي، قال طارق الشامي، القيادي في المؤتمر الشعبي العام ورئيس وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن: «إن الانسحاب مما يسمى بـ(المجلس الانتقالي) هو تأكيد لما سبق أن أوضحنا من أنه ولد ميتا»، وذكر الشامي أن «ما تم من انسحابات يثبت أن اللقاء المشترك غير قادر على اتخاذ أي إجراء، سواء على مستوى الشباب أو حتى الاتفاق على رؤية موحدة داخل المشترك، لأن ما حصل من انسحابات شمل عناصر وقيادات داخل المشترك نفسه». وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول (هل سيؤثر ذلك على طبيعة التفاوض بين المؤتمر والمشترك؟)، قال الشامي: «ما حصل يبرز علامة استفهام كبيرة حول قدرة المشترك على اتخاذ قرار، وقدرته على الالتزام وتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه من اتفاقات سياسية. نحن في المؤتمر يساورنا الشك بعد ما حصل حول مدى قدرة المشترك على تنفيذ الاتفاقيات، وهذا سيضعف الموقف التفاوضي لأحزاب اللقاء المشترك». وفي الوقت ذاته أبدى الشامي تخوفه من «أن ينعكس فشل المشترك في التأسيس لمجلسه الوطني بالسلب على مجريات العملية السياسية، حيث يمكن أن يلجأ المشترك للعنف للتغطية على الفشل الذي مني به فيما يتعلق بالمجلس الوطني الذي ولد ميتا، كما ذكرنا» وعلى الصعيد ذاته قال عبد السلام رزاز، عضو المجلس الانتقالي الذي أعلنته المعارضة في اليمن، الأربعاء الماضي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن لجنة شكلت من قبل المجلس لمناقشة موضوع الانسحابات المتتالية من عضويته من قبل شخصيات بارزة، وإنه «من منطلق حرص المجلس على الجميع وتوسيع الشراكة، فستقوم اللجنة بالتواصل ومعرفة أسباب الاعتذار أو إعلان الانسحاب، وفي كل الأحوال العمل في هذا الإطار هو طوعي ويقوم على التوافق»، وأكد رزاز أن المجلس «لن يتأثر بهذه الانسحابات، فهو سيمضي إلى الأمام من أجل تحقيق أهدافه، ولا أعتقد أنه جرى ضم أشخاص من دون التواصل معهم، ومع ذلك سيتم التواصل مع هذه الحالات ووضع معالجات، فالوطن يحتاج للجميع». ويعتقد المعارض اليمني أن ما دفع القيادات الجنوبية لاتخاذ هذا الموقف هو «حسب فهمي، أن المجلس لم يشكل بالمناصفة بين الشمال والجنوب، وكل ما ورد في البيان محل احترام الجميع، وأعتقد أنه سيتم التواصل والحوار لحسم نقاط الخلاف معهم، وقريبا ستبدأ اللجنة تواصلها معهم». وفي سياق قراءة الأحداث والتطورات الجارية في اليمن، قال الدكتور فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، إن الانسحابات من صفوف المجلس الوطني المعارض مهمة، و«ستؤثر سلبا على أداء المجلس ومشروعيته، وفي تقليص القاعدة الاجتماعية التي اتسعت في اصطفاف غير مسبوق منذ بداية الثورة»، واعتبر الصلاحي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الانسحابات «تدل على هيمنة قوى حزبية وعسكرية وقبلية ذات أهداف خاصة، على مسار الثورة والانحراف بمسارها»، وأعرب الأكاديمي اليمني عن اعتقاده أن اليمن «بإزاء تشكيل خارطة سياسية جديدة وفق تحالفات وأجندات متعددة».

وأرجع الدكتور الصلاحي ما يحدث للمجلس الوطني إلى «عدم التنسيق السابق مع مختلف القوى، وإدراك البعض أن المجلس مسيطر عليه من مجموعة سياسية واحدة، وإحساس الآخرين بأنه تم دعوتهم من باب الضم والإلحاق، والسبب الرئيسي عدم وضوح مهام المجلس وغياب الرؤية لكيفية التعامل مع القضية الجنوبية، وهذا سبب رئيسي لانسحاب القوى الجنوبية». وكانت 23 شخصية يمنية جنوبية، بينها رئيسان يمنيان جنوبيان سابقان، انسحبوا من عضوية المجلس، وضمن أسباب انسحابهم عدم التشاور معهم في وضعهم في تشكيلة المجلس، وأيضا المطالبة برؤية واضحة من قبل المجلس لـ«القضية الجنوبية» وبالمناصفة في العضوية، وعن هذا الموضوع يقول عبد السلام رزاز: «غير صحيح أنه لم يجر التواصل معهم، لقد شكلت لجنة في وقت مبكر للتواصل مع معارضة الخارج، ولجنة خاصة بالحراك الجنوبي، ولم يضم أي شخص من هؤلاء إلا بعد موافقته».

وعلى الصعيد الأمني، قال مسؤولون محليون ومصادر قبلية إن 14 شخصا على الأقل قتلوا في هجومين انتحاريين منفصلين، استهدفا رجال قبائل موالين للحكومة في جنوب اليمن المضطرب، الأحد. ووقف رجال القبائل إلى جانب الجيش في محاولة لطرد الإسلاميين المتشددين من الجنوب، حيث تراجعت قبضة الحكومة خلال شهور من الاحتجاجات ضد حكم الرئيس علي عبد الله صالح الممتد منذ 33 عاما. واستغل الإسلاميون فراغا أمنيا محليا وسيطروا على ثلاث بلدات في محافظة أبين الجنوبية، بينها زنجبار عاصمة المحافظة، خلال الشهور الثلاثة الماضية. وكانت الحكومة قالت إن المتشددين من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. ولكن محللين قالوا إن جماعات إسلامية محلية أخرى ربما تكون تنشط في المنطقة. واقترب المهاجم الأول من مجموعة من الأشخاص في بلدة مودية ووجه لهم التحية، وصافحهم فردا فردا قبل أن يفجر العبوة الناسفة التي قتلته وثلاثة آخرين. وتقع مودية على بعد نحو 50 كيلومترا شمال شرقي بلدة شقرة الساحلية، التي أصبحت، يوم الأربعاء، ثالث بلدة تسقط في أيدي الإسلاميين المتشددين. ووقع الهجوم الثاني على بعد نحو 35 كيلومترا من مودية في منطقة العرقوب، حيث قاد الانتحاري سيارته صوب نقطة تفتيش قبلية وفجر نفسه، مما أسفر عن مقتل تسعة من رجال القبائل وإصابة عدد آخر، حسب تقرير أوردته وكالة أنباء «رويترز».

على صعيد آخر، وفي الوقت الذي قالت فيه وسائل إعلام معارضة إن مؤيدي الثورة الشبابية السلمية من أبناء محافظة ريمة بغرب البلاد، تمكنوا من منع وصول تعزيزات عسكرية من ميناء محافظة الحديدة إلى العاصمة صنعاء، بينها دبابات وغيرها من العتاد العسكري، قال مصدر عسكري يمني في وزارة الدفاع اليمنية: «إن عصابة مسلحة قامت بالتقطع لقافلة عسكرية مكونة من عدد من الآليات والمعدات العسكرية، وهي في طريقها من محافظة الحديدة عبر باجل منطقة الشرق آنس - إلى صنعاء». وأضاف المصدر عبر وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» إنه تم «التصدي لتلك العصابة التي يقودها المدعو حفظ الله صوفان»، وإنها تلقت تعليماتها من اللواء علي محسن الأحمر، قائد الفرقة الأولى مدرع المؤيدة للثورة، الذي وصفه المصدر بأنه تحول «من قائد عسكري مسؤول عن حماية النظام والقانون إلى قاطع طريق ومسؤول عن العصابات الإجرامية المسلحة». ويعاني اليمن من أزمة سياسية واقتصادية حادة بعد اندلاع موجة احتجاجات ضد نظام الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، الذي يتلقى العلاج في السعودية جراء تعرضه لمحاولة اغتيال في مسجد قصر الرئاسة في يونيو (حزيران) الماضي.