الناشطة الليبية غيداء التويتي لـ «الشرق الأوسط»: التقيت كل المثقفين والمدونين والسياسيين في السجن

قالت إن كافة المعلومات عن الشعب موجودة في سجلات أمن الدولة تماما كما في مصر

TT

قبل أيام من اندلاع الثورة الشعبية ضده في السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي، التقى العقيد معمر القذافي بالناشطة السياسية غيداء التويتي، لتختفي لنحو ستة أشهر عن الأنظار، لكنها عادت أمس لتبلغ «الشرق الأوسط» في مقابلة خاصة عبر الهاتف من العاصمة الليبية طرابلس، أنها كانت ممنوعة من ممارسة أي نشاط سياسي أو إعلامي مناهض للقذافي.

وروت التويتي جانبا آخر من معاناة سكان طرابلس مع نظام القذافي قبل مشهد سقوطه الأخير، مشيرة إلى أنها وجدت كل الناشطين والمدونين الليبيين معها داخل السجن، الذي خرجت منه بعد ضغوط من أهلها على رجال القذافي الذين اشترطوا عليها ألا تقول إنها كانت معتقلة نظير إطلاق سراحها.

وإلى نص الحوار الأول من نوعه مع التويتي..

* ماذا حدث بالضبط منذ وقت مقابلة العقيد؟

- بعدما قابلت العقيد، وضعت تحت المراقبة، وفي 16 من فبراير الساعة التاسعة صباحا، قام ضباط الأمن الداخلي بالاتصال بي، وحققوا معي بطريقة مهينة جدا وأبقوا علي حتى الليل، ولم يسمحوا لي بلقاء أهلي، وعند الساعة الواحدة ليلا، أخذوني إلى سجن أبو سليم ووضعوني في مجمع الاستراحات لكي لا يعلم أحد أني معتقلة، حتى لا تحدث ضجة في البلاد، وكانت المعاملة هناك سيئة، استقبلتني هناك ضابطة وكانت تعاملني معاملة سيئة للغاية، ولكن رغم ذلك وجدت ضابطة أخرى تعاملني معاملة حسنة، وقالوا لي إن قضيتي هي أمن دولة، لأنني أتعامل مع المعارضة.

وطبعا يوم التحقيق قالوا لي إنني المحرضة على موعد الثورة بوضع إشارة سوداء على المعتقلين عام 2006، وكان هناك تنصت على تحركاتي على الإنترنت وعلى تليفوناتي بالكامل وهاتفي الجوال، وبقيت ثلاثة أشهر لا أحد يعلم عني شيئا، حتى إن ابن أخي الصغير قال ربما تكون عمتي ماتت. وتخلى عني، الجميع، الجيران والأصدقاء. فأنت تعرف الإرهاب الذي كانوا يمارسونه لإخافة الناس.. وبعد الشهر الثاني من الاعتقال، بقيت بمفردي بعد أن خرجت إحدى زميلاتي في الاستراحة لظروف، والثانية أفرجوا عنها. وأصبت في تلك الأثناء، بحالة مرضية توقف قلبي على أثرها، وأتوا بسيارة إسعاف متنقلة إلى مجمع الاستراحات، ودخلت العناية الخاصة بالإسعاف، وعملوا لي صاعقة بالكهرباء، الخلاصة هي أن القمع الذي كان في طرابلس لم يكن يتوقعه أحد.

* كيف خرجت من هذا الاعتقال؟

- خرجت من السجن بعد أن هدد أهلي بفضح رجال القذافي على شاشات الفضائيات، فسجنت يوم 17 فبراير وخرجت يوم 17 مايو (أيار)، والمكان الذي كنت فيه هو سجن أبو سليم، وقام بقذفه الناتو.. ولما خرجت قالوا لي لا تقولي إنك كنت معتقلة، قولي إنك كنت مع والدك مسافرة خارج البلاد، واضطررت أن أكذب على الجيران وقتها حتى أتجنب المشاكل.

* لم يشفع لقاؤك مع القذافي في الحيلولة دون اعتقالك؟

- لم يشفع لأنه هو الذي أمر بذلك، حيث إنهم قالوا لي إن قرار حبسك جاء من قيادة عليا، وهو كان يعلم أنني أمثل خطرا عليه.

* وما هو الوضع الآن؟

- توجد اشتباكات في محيط باب العزيزية، وأيضا توجد مقاومة، ولكنها ضعيفة، لكن الحمد لله لا توجد سرقات ولا نهب ولا اعتداء على ممتلكات عامة، وكل منطقة عملت لجانا شعبية، ولا يوجد انتقام ولا يوجد أي أحد من المؤيدين يقوم بأي اعتداءات أو اشتباكات.

* وأين جماعة القذافي؟

- لا يوجد أي فرد منهم، حتى الضابط الذي اعتقلني حاولت أن أتصل به لأحصل على جواز السفر الخاص بي، لكني وجدت هاتفه الجوال مغلقا، كلهم أغلقوا هواتفهم الشخصية، ولكن كل المعلومات التي يريد أن يعرفها الليبيون سيجدونها في سجلات الأمن الداخلي، لأنهم كانوا متابعين لحركتي ومتابعين لكل نشاطي بما في ذلك حملة للتبرع بالأعضاء، ومتابعين للاتصالات التي أقوم بها من شركة الجوال ذاتها.

* ما تحكينه مروع للغاية ويصعب علي التصديق؟

- هؤلاء لا يعترفون بحقوق الإنسان ولا بحقوق آدمية لشخص، ويتجسسون على هاتفك والإنترنت، وكل نشطاء الإنترنت يتجسس عليهم أمن الدولة، وسترى خبايا كثيرة من أمن الدولة مثل التي وجدت في مصر، ومن دون مساعدة المجتمع الدولي لم نكن نستطيع تحقيق النصر.