مصادر دبلوماسية تركية لـ «الشرق الأوسط»: الحوار مع النظام السوري متوقف

دعت المعارضة للتوحد.. وحذرت النظام من «مكان لا يريده أي منا»

TT

أكدت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» أن أنقرة أوقفت كل أشكال الحوار مع الجانب السوري، في انتظار وفاء النظام السوري بوعوده التي أغدقها على المسؤولين الأتراك وآخرهم وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. بينما قال مصدر رسمي تركي إن بلاده «تقطع الأمل من النظام.. وأن الأمر أصبح الآن بيد الشعب السوري الذي عليه وحده أن يقرر مستقبله». بينما تتصاعد التكهنات في الشارع السياسي التركي حول وصول تركيا إلى نقطة اللاعودة في علاقتها مع النظام السوري، وهذا السؤال بات مطروحا بشدة في الأوساط التركية بعد وصول كل المبادرات التركية تجاه النظام السوري إلى «وعود بلا نتائج»، كما يقول مسؤولون أتراك، تبدو عليهم اليوم «خيبة الأمل» التي عبرت عنها القيادة السياسية التركية في أكثر من مناسبة على لسان رئيسها عبد الله غل ورئيس وزرائها رجب طيب أردوغان. وربما ترى أنقرة أن ما يطلبه منها المعارضون السوريون «غير واقعي» حتى الآن، فتركيا غير قادرة على دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الرحيل «لأنها تكون عندئذ قد أدخلت نفسها في موقف لا تعود معه قادرة على مخاطبة هذا النظام»، كما يقول المحلل السياسي التركي إلهام تنير، الذي يقول إن عدم استجابة النظام قد تفقد تركيا ورقة «التدخل الدبلوماسي»، وهو ما لا يبدو أن أنقرة عازمة عليه حاليا، خصوصا أنها لا تبدو مرتاحة إلى وضع المعارضة السورية، بالإضافة إلى «ملاحظات» على الحراك الداخلي في سوريا واتساع رقعته، فالمعارضة السورية غير موحدة، ولا تزال عاجزة عن خلق بديل مقنع للنظام، ويقول تنير إن تركيا بالفعل قد تجاوزت نقطة اللاعودة في العلاقة مع النظام السوري، فهي قد أدركت، أو سوف تدرك قريبا أنه لا يمكنها أن تتابع القول لهذا النظام «أوقف القتل» فيرد «اهتمي بشؤونك»، ٍمشيرا إلى أن «لا بديل اليوم عن سعي المعارضة السورية إلى ملء الشوارع بالناس، مما يؤدي إلى مزيد من الدعم الدولي، وانشقاقات في النظام».

ويؤكد كبير مستشاري الرئيس التركي إرشاد هورموزلو أنه «يجب على الشعب والنظام والمعارضة في سوريا أن يدركوا أن ليس لدى أنقرة أي أجندات خفية في الشأن السوري». قائلا إن بلاده: «تساند الشعب السوري في كل مطالبه»، مشيرا إلى أن «بعض الأقوال الصادرة عن المهتمين بالشأن السوري من السوريين وغير السوريين، لا تعكس حقيقة الموقف التركي»، متمنيا على القوى الوطنية السورية (المعارضة) أن «توحد قواها وتكون قوية أمام العالم، وأمام الرأي العام السوري قبل الخارج»، مشيرا إلى أن «الأمر متروك بعد اليوم للشعب السوري الذي يجب أن تتوحد قواه الوطنية لأن وضعه الراهن يسيء إليه ويستفيد منه النظام». ووصف المصدر الوضع السوري بأنه «متأزم وخطير، والسيناريوهات كثيرة، ونحن نتحسب لأسوأ الاحتمالات وأحسنها».

وقال مسؤول في الخارجية التركية لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده «قلقة للغاية من التطورات السورية». ودعا المسؤول الذي رفض ذكر اسمه السلطات السورية إلى أن تتعامل «بلطف مع الاحتجاجات الشعبية ووقف سفك الدماء»، وحض السلطات على «القيام بالإصلاحات التي وعدوا بها، وهي إصلاحات – يضيف المسؤول التركي – لمصلحة شعبهم لا أي دولة أخرى». وقال: «لقد انتظرنا ما وعدونا به، بعد أن أخبرونا أنها ستحصل خلال أيام، لكن هذه الإصلاحات إما لم تأت، أو أنها أتت متأخرة». وجزم المسؤول بأنه «لا حوار مع السلطات التركية بعد اليوم، إلا إذا قامت هذه السلطات بتنفيذ وعودها في وقت معقول ومقبول». وعن المدة الزمنية التي تراها تركيا صالحة «البارحة، بل قبل ذلك بكثير. لكن خير أن تأتي الأمور متأخرة من ألا تأتي أبدا». وعن البدائل، في حال استمر «النظام السوري سريعا في القمع بطيئا في الإصلاح»، قال: «أعتقد أن المجتمع الدولي سيمضي قدما في خطواته التي قد تصل إلى مكان لا يريده أي منا». وفي السياق نفسه، أكد مصدر رسمي تركي أن لا جدوى من الحوار بعد اليوم، قائلا: «إن موضوع الكلام انتهى، والمطلوب هو الأفعال».