خادم الحرمين: أي حوار لا يلتزم بمنهج الحوار الصحيح وقواعده وآدابه يتحول إلى فوضى

تسلم التقرير السنوي لنشاطات مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني واستقبل طارق الهاشمي

TT

شدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على أن الحوار يمثل أنجع الأساليب وأجداها لتحقيق الانسجام والوئام بين أبناء المجتمع وشرائحه وتوجهاته، واعتبر الملك عبد الله لدى تسلمه في قصر الصفا بمكة المكرمة مساء أمس التقرير السنوي لنشاطات «مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني» لعام 1431هـ - 1432هـ، اختلاف الآراء وتنوع التوجهات «أمرا واقعا ونتيجته طبيعية من طبائع الناس».

كما أكد أن أي حوار لا يلتزم بمنهج الحوار الصحيح وقواعده وآدابه، يتحول إلى فوضى، محذرا من مغبة غياب الحوار أو الوقوع في فخ التصنيفات الفكرية، وقال الملك عبد الله مخاطبا رئيس وأعضاء اللجنة الرئاسية لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني: «إن بوسع الجميع التعايش مع الاختلاف والتنوع؛ ولكن يصعب التعايش مع خلافات لا تنضبط بضوابطنا الشرعية والوطنية».

كما أعرب عن ثقته الكاملة في أبناء هذا الوطن وبناته، «الذين يرتبطون بروابط الدين الإسلامي الحنيف، ومبادئ الوحدة الوطنية التي أرسى دعائمها الملك عبد العزيز، رحمه الله، وظلت هذه الدولة وفية لها، قوية بإيمانها بالله، ووحدتها الوطنية، وعزيزة بهذه الصلات المتينة التي تربطها بمواطنيها».

وقام بتسليم التقرير، الذي يحتوي على عرض شامل لما أنجزه المركز من لقاءات وطنية وتحضيرية وورش عمل، ودورات تدريبية، وندوات فكرية، وعرض للمشاريع التي قام بتنفيذها خلال تلك الفترة، الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي رئيس اللجنة الرئاسية لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني وأعضاء اللجنة وهم: الدكتور عبد الله بن عمر نصيف، والدكتور راشد الراجح الشريف، والدكتور عبد الله بن صالح العبيد، ونائب وزير التربية والتعليم الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، ونائب الأمين العام للمركز الدكتور فهد بن سلطان السلطان، الذين استقبلهم الملك عبد الله مساء أمس في قصر الصفا بمكة المكرمة.

وثمن خادم الحرمين الشريفين الدور الذي أنيط بمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني خلال السنوات الماضية، ورسالته الحضارية في نشر ثقافة الحوار وغرس قيم التسامح والاعتدال والوسطية، وقراءة التحديات الفكرية والمجتمعية، وجهوده المبذولة في التقريب بين وجهات النظر المختلفة، والنهوض بإنتاج أفكار مبتكرة لها مردود فعال على الوطن والمواطن، وأكد أهمية تعاون القطاعات الحكومية والأهلية مع مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، لنشر ثقافة الحوار وقبول الرأي الآخر، والدعوة إلى الوسطية والاعتدال والتسامح، والاستفادة من نتائج اللقاءات الوطنية التي يتوصل إليها المتحاورون مع مؤسسات المجتمع، وتفعيل ما من شأنه خدمة الوطن وتطويره، وتحديثه وتحقيق تطلعاته.

من ناحيته، عبر الشيخ صالح الحصين نيابة عن اللجنة الرئاسية، عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين، وللأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وللأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، على الدعم والرعاية التي يلقاها المركز منهم.

وقد استمع خادم الحرمين الشريفين إلى شرح واف لمحتويات التقرير السنوي، من الشيخ صالح الحصين، أبرز فيه مختلف النشاطات والبرامج التي قام بها المركز خلال الفترة ما بين شوال 1431هـ إلى رمضان 1432هـ، حيث واصل المركز مشروعه الخاص بالتدريب على نشر ثقافة الحوار، حيث بلغ عدد المتدربين من المواطنين والمواطنات إلى أكثر من 600 ألف متدرب ومتدربة، بالإضافة إلى 2000 مدرب ومدربة معتمدين من مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني للتدريب على نشر ثقافة الحوار في المناطق المختلفة، حيث تهدف البرامج التدريبية إلى تعزيز قيم الوسطية والتسامح والاعتدال لدى مختلف فئات المجتمع السعودي.

وعقب الاستقبال، أوضح رئيس اللجنة أن خادم الحرمين الشريفين اطلع على مجموعة من الكتب المتخصصة التي يقوم المركز على إصدارها لنشر ثقافة الحوار، كما اطلع خادم الحرمين على إصدارات مشروع «رسائل في الحوار». من جهة أخرى، بين الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني المجالات والبرامج الجديدة التي يعتزم المركز تنفيذها في المرحلة المقبلة لنشر ثقافة الحوار؛ منها التعاون مع منظمة اليونيسكو ضمن «مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار والسلام».

وكان خادم الحرمين الشريفين قد استقبل في قصر الصفا قبل مغرب يوم أمس طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق، ورئيس البرلمان العراقي أسامة عبد العزيز النجيفي، واستقبل الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي رئيس اللجنة الرئاسية بمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وأعضاء اللجنة الرئاسية، والدكتور محمد بن ناصر الخزيم نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام وأئمة ومؤذني المسجد الحرام.

كما استقبل الملك عبد الله بن عبد العزيز الدكتور فؤاد بن عبد السلام الفارسي وزير الحج، ومسؤولي الوزارة ورؤساء المؤسسات الأهلية لأرباب الطوافة والأدلاء والوكلاء والنقابة العامة للسيارات.

وقد ألقى وزير الحج كلمة خلال الاستقبال قال فيها: «يشرفني وإخواني وكلاء وزارة الحج ورؤساء مجالس إدارات مؤسسات الطوافة أن نمثل أمام مقامكم السامي الكريم، حيث تفضلتم حفظكم الله بمنحنا هذه الفرصة الطيبة في هذا اليوم المبارك أحد أيام العشر الأواخر من رمضان التي يزداد فيها إقبال المعتمرين الذين يعدون بمئات الآلاف وهم يؤدون نسكهم في أمن وأمان وسلامة ويسر، وذلك بتوفيق من رب العزة والجلال، ثم بما تحشدونه من خلال حكومتكم الرشيدة من خطط محكمة ومشروعات عملاقة باهرة، وبذلك تضربون أروع الأمثلة لا من أجل كيف تتحقق التنمية الحقيقية للوطن والمواطن، ولا من أجل التمكين للغة الحوار الهادئ البناء، والتكافل وتضافر الجهود فحسب، ولا من أجل كيف يرسخ الأمن الشامل، فكل ذلك ولله الحمد ماثل على أرض الواقع، ويأتي في المقدمة توسعة المسعى ووضع حجر الأساس لمشروع توسعة المسجد الحرام بتكلفة (80) مليار ريال وتدشين مشروع جسر الجمرات، ومشروع قطار المشاعر المقدسة، ومشروع وقف الملك عبد العزيز للحرمين الشريفين، ومشروع ساعة مكة المكرمة، واعتماد التوقيت العالمي لها، والساحة الشرقية للمسجد النبوي الشريف، والمضي قدما لإقامة مركز لرصد الأهلة وعلوم الفلك، وغير ذلك مما لا يتسع الوقت لتعداده».

وحضر الاستقبالات الأمير عبد الإله بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير فيصل بن محمد بن سعود الكبير، والأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة، والأمير فيصل بن عبد الله بن محمد وزير التربية والتعليم، والأمراء والوزراء وعدد من المسؤولين، وقد تناول الجميع طعام الإفطار مع خادم الحرمين الشريفين. عقب ذلك تسلم الملك عبد الله بن عبد العزيز هدية تذكارية من وزير الحج ومن رئيس الهيئة التنسيقية لمؤسسة أرباب الطوائف.