وزير خارجية الجزائر: لم يخطر على بالنا قط أن يطرق القذافي يوما بابنا

تقرير: بوتفليقة رفض الرد على اتصال هاتفي من العقيد

صورة ارشيفية تظهر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لدى استقباله في قصر المرادية في الجزائر خميس القذافي نجل العقيد الهارب (إ.ب)
TT

سعت الجزائر أمس إلى توضيح موقفها الملتبس من ليبيا تدريجيا بتأكيدها بمناسبة مؤتمر دولي في باريس أنها مستعدة للاعتراف بالسلطات الانتقالية الليبية، واستبعادها استقبال العقيد معمر القذافي.

وقال وزير خارجية الجزائر، مراد مدلسي، إن بلاده ستعلن اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل للشعب الليبي «عندما يشكل حكومة جديدة تمثل كل مناطق البلاد».

وأوضح مدلسي أن الحكومة «لم يخطر على بالها قط أن يطرق العقيد معمر القذافي يوما بابها». وقرأ محللون بالجزائر، مشاركتها في مؤتمر «أصدقاء ليبيا» بباريس أمس، اعترافا صريحا بالهيئة التنفيذية لثوار ليبيا.

ودافع مدلسي على موقف الجزائر حيال النزاع في ليبيا، وقال في مقابلة مع إذاعة «أوروبا 1» الفرنسية، نشرت على موقعها الإلكتروني، : «إذا اعتبرتم الموقف الجزائري اليوم غامضا فلا بأس في ذلك، لأنه منذ بضعة أسابيع فقط كانت الجزائر تعتبر بكل بساطة في صف القذافي، وأرى أن هناك تقدما على هذا الصعيد». وعبر عن «أمله في أن تظهر الحقيقة بشأن موقف الجزائر بعد أن يستتب السلم وتخمد نيران الحرب».

وحول احتمال أن يطلب القذافي اللجوء إلى الجزائر، قال مدلسي: «في الحقيقة لم يخطر على بالنا قط أن يطرق القذافي يوما باب الجزائر»، مؤكدا أن الجزائر «لن تنحاز للقذافي».

وذكرت صحيفة «الوطن» الجزائرية أمس، نقلا عن «مصادر بالرئاسة» أن القذافي حاول التفاوض مع السلطات الجزائرية لدخول الجزائر عبر مدينة غدامس الليبية، حيث كان موجودا مع أسرته. وأضافت الصحيفة أنه «حاول الاتصال بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن طريق أحد مستشاريه بالرئاسة، الذي أبلغ القذافي أن بوتفليقة منشغل بالأحداث الجارية محليا»، ويقصد بذلك، حسب الصحيفة «التفجير المزدوج الذي ضرب موقعا عسكريا غرب العاصمة، عشية عيد الفطر».

وتعتبر تصريحات مدلسي بخصوص القذافي، أول موقف صادر عن مسؤول كبير يعبر صراحة عن عدم دعم الجزائر نظام القذافي. وظلت الجزائر، طيلة الصراع في ليبيا، تتلقى تهمة إيفاد مرتزقة وسلاح إلى ليبيا لمساندة القذافي في صراعه مع المعارضة المسلحة. وأبدت الجزائر تحفظا شديدا إزاء «المجلس الانتقالي» بذريعة أنه يضم في صفوفه عناصر من تنظيم القاعدة، وأن بعضهم اعتقلتهم الجزائر فوق ترابها وسلمتهم للحكومة الليبية.

وذكر مدلسي أن موقف الجزائر من النزاع في ليبيا، «لا يشوبه أي غموض والحياد لا يعني التواطؤ مع نظام القذافي». ويعتبر ذلك بمثابة رد على وزير خارجية فرنسا ألان جوبيه، الذي صرح لإذاعة «آر تي إل» الفرنسية أمس، أن موقف الجزائر «اتسم بالغموض». وقال إن الجزائر تبنت «موقفا ملتبسا» خلال النزاع في ليبيا. وأضاف «ذهبت بنفسي لأتحدث إلى الرئيس (عبد العزيز) بوتفليقة، وأكد أنه سيقدم مساعدة إنسانية. آمل أن يتحقق ذلك»، مشيرا إلى أن السلطات الجزائرية نفت أن تكون سلمت القذافي أي أسلحة.

وفي نفس السياق، قال مدلسي: «كنا محايدين إزاء الثورة في تونس وفي مصر، ولم نعامل بهذه الطريقة. وبالنسبة لحالة ليبيا، الوضع مغاير بعض الشيء لأننا لاحظنا تدخلات أجنبية»، مشيرا إلى أن أكثر ما تحفظت عليه الجزائر هو التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا، وقال إن هذه المسألة «تمثل بالنسبة إلينا غيرة على السيادة».

وقرأ محللون تصريحات مدلسي حول الاستعداد بالاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي، تطورا لافتا في الموقف الجزائري. واعتبروا مشاركته في مؤتمر باريس حول مستقبل ليبيا، بمثابة اعتراف صريح بشرعية الهيئة التنفيذية لثوار ليبيا.

ويرى نفس المراقبين، أن الحياد الذي ميز موقف الجزائر من الصراع في ليبيا، غير مفهوم على أساس أن ليبيا تمثل عمقا استراتيجيا بالنسبة للجزائر، بحكم الروابط الإنسانية القوية والعلاقات التجارية بين البلدين، زيادة على طول الحدود المشتركة (تفوق ألف كيلومتر)، وهي عوامل مجتمعة يفترض أن تجعل من الجزائر رقما أساسيا في المعادلة الليبية.