الخوف رفيق العمال الأفارقة في ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي

جراء اتهامهم بأنهم كانوا مرتزقة للعقيد

مواطنان افريقيان يعتقد انهما من مرتزقة القذافي لحظة اعتقالهما من طرف الثوار في طرابلس « نيويورك تايمز»
TT

قال النيجيري فستوس برينس إنه أخذ أفراد أسرته وفرّ بعد أن رأى عصبة من الشبان الليبيين تطلق النار على شقيقه في الرأس لرفضه تسليم أمواله.

ويقول مراسل «رويترز» إن قصة برينس مجرد واحدة من قصص كثيرة تحدث عنها أفارقة في مخيم قرب طرابلس يصفون الترويع أو العنف الصارخ حين كانت القوات التي تحارب الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي تدخل طرابلس.

ونجا برينس، وهو أحد أفراد جيش ليبيا من العمال الأجانب، من هذه المحنة وكلفه ذلك كل شيء حصل عليه من عمله كمهندس ديكور في ليبيا.

وقال برينس البالغ من العمر 28 عاما: «حطمت مجموعة من الرجال باب منزلي وطلبوا المال. سلمت المال وبعد عدة ثوانٍ فقدت كل شيء عملت من أجله طوال سبع سنوات».

وأضاف برينس: «لم يعطهم شقيقي المال. طلبوا مني أن أفسح الطريق وطرحوه أرضا. بعد ذلك أطلقوا عليه الرصاص في رأسه».

فرّ عشرات الآلاف من العمال الأجانب من ليبيا منذ بدء الانتفاضة ضد حكم القذافي. وكان الأفارقة على وجه التحديد يخشون استهداف المقاتلين لهم لاتهامهم بأنهم كانوا مرتزقة للقذافي.

وامتد هذا النفور في ما يبدو لكل الأفارقة مما جعلهم عرضة للهجمات والسطو وغيرها من الحوادث التي ارتكبها مقاتلون مسلحون أطاحوا بالقذافي، أغلبهم صغار السن.

وعثر على بطاقات هوية لمواطنين من تشاد والنيجر ومالي والسودان وغيرها من الدول الأفريقية مع جثث مسلحين قال مقاتلون من المعارضة إنهم مرتزقة حصلوا على المال مقابل التصدي لقوات المعارضة.

ورأى مراسلون 22 جثة لأفارقة في ما يبدو على شاطئ في طرابلس يوم السبت الماضي، قال سكان محليون إنهم مرتزقة قتلتهم قوات المعارضة.

وفي مناطق أخرى من ليبيا أصبح العثور على جثث أفارقة أمرا شائعا منذ بدء الانتفاضة وكذلك إساءة مقاتلين من المعارضة معاملة أفارقة.

وتجمع مئات من الأفارقة في المخيم المقام في الميناء بحثا عن الأمان بعد فرارهم مما وصفوه بحوادث سطو وهجمات من جانب شبان ليبيين قبل دخول المعارضة طرابلس في 21 أغسطس (آب) وبعدها.

وقال سكان المخيم إنهم وجدوا مشقة في العثور على الطعام والماء بينما كانوا يختبئون في طرابلس. وكانت الإمدادات أكثر ندرة في المخيم الذي لجأ إليه كثيرون، متخفين وراء السفن في الميناء أو على سطحها أو في مجمع قذر لأحواض السباحة. وكما حدث مع برينس، قال البعض إن مهاجميهم لم يكونوا يرتدون زيا عسكريا للمقاتلين المعارضين للقذافي. لكن معاملة المقاتلين المعارضين للقذافي الذين يرتدون الزي الرسمي كانت قاسية في بعض الأحيان. وقال كيث موراي، وهو نيجيري، إنه كان برفقة اثنين من أصدقائه داخل سيارة أجرة أوقفها مقاتلون مناهضون للقذافي.

وقال موراي البالغ من العمر 38 عاما: «عثروا على سترة عسكرية في صندوق السيارة. أخرجونا من السيارة وبدأوا يصرخون فينا بعنف وقالوا إنهم سيقتلوننا. فتشونا وأخذوا منا هواتفنا. دعوت الله أن ينجيني». كان سائق السيارة الأجرة ليبيا أسود ونزفت رأسه بعد أن ضربه أحدهم بمؤخرة البندقية، وذلك قبل تصويب البنادق على الأربع وإجبارهم على الجلوس على الأرض لست ساعات. وما زالت هناك كدمات في يدَي موراي من أثر الحبال.

وقال موراي إن مقاتلين آخرين معارضين للقذافي احتجوا على طريقة معاملتهم قبل اقتيادهم إلى قائد كبير في سيارة أخرى. وأضاف أن من احتجزوهم كانوا يتشاورون حول ما إذا كان يجب قتلهم قبل أن يصلوا إلى هناك. وقال موراي: «سألهم القائد ما إذا كان لديهم أي دليل. لم يحضروا حتى السترة (العسكرية)، لذلك طلب منهم القائد أن يطلقوا سراحنا وأن يعطونا الماء وأن يعيدونا إلى حيث أخذونا. اعتذر السائق عن طريقة معاملتنا. ليس جميعهم سيئين». وطلب المجلس الوطني الانتقالي مرارا من مقاتليه احترام حقوق الإنسان للمقاتلين والمرتزقة المشتبه بهم الذين حاربوا في صفوف قوات القذافي.

وقال بعض الناس في المخيم إن العنصرية وراء سوء معاملتهم، ولكن كان هناك الكثير من الليبيين السود في صفوف القوات المعارضة للقذافي.

وترجع هذه التجاوزات في ما يبدو إلى كراهية الأجانب والصلة بين الأفارقة والمرتزقة. ويعيش الناس داخل المخيم في وضع خطير، وقال أحد عمال الإغاثة إن الأمراض تنتشر هناك.

ولا يتوفر للمخيم الأمن، وهو واحد بين عدد منها حول طرابلس، وقال عامل الإغاثة إنه عالج جراحا تتوافق مع ما تحدث عنه سكان المخيم من هجمات قالوا إن مقاتلين صغارا يقومون بها. أصيب النيجيري أنيزي ديريوس، 22 عاما، بجرح غائر ما زال يبدو حديثا وراء ركبته اليسرى بعد أن هاجمه أربعة رجال ليبيين وطلبوا منه ماله يوم الاثنين. وقال إن أحدهم تسلل وراءه وجرحه بسكين. وقالت امرأة إن نساء أخريات تعرضن للاغتصاب.

ولم يبدِ أي من سكان المخيم الذين تحدثت إليهم «رويترز» رغبة في البقاء في ليبيا أو القارة الأفريقية، متعللين بالظروف الاقتصادية المتدنية في بلدانهم. وجميعهم كان يرغب أن تعيد منظمات دولية توطينهم في دول غربية. وقال برينس: «خيب الليبيون ظني فيهم. لا أريد أن أرى ليبيا مرة أخرى. كل شيء عملت من أجله ضاع».