إيران تصعد لهجتها إزاء تركيا وتتهمها بـ«التواطؤ السري» مع الغرب

أنقرة تخفض العلاقات مع تل أبيب.. وباراك يرى أن «لا عداوة» بين تركيا وإسرائيل

وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي يوقع مع وزير المالية الباكستاني أمس على اتفاقية في إسلام آباد حول التعاون الاقتصادي بين البلدين (إ.ب.أ)
TT

صعدت إيران، أمس، لهجتها إزاء قرار تركيا السماح بنشر رادارات الدرع الصاروخية للحلف الأطلسي، في انتقاد جديد من المسؤولين الإيرانيين «لتناقضات» الدبلوماسية التركية بعد أن كانوا يشيدون بها. ورغم تخفيض أنقرة مستوى العلاقات مع إسرائيل وتعهدها بتعزيز دورياتها البحرية في البحر المتوسط، وما قاله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بأن سفنا حربية من البحرية التركية سترافق أي سفن مساعدات تركية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة. فإن وزير الدفاع الإسرائيلي يرى أن لا عداوة بين تركيا وإسرائيل وأن الأزمة الحالية ستمر.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمان باراست في تصريح نقله موقع التلفزيون الحكومي «نحن نتوقع أن لا تعتمد الدول الصديقة والمجاورة سياسات يمكن أن تؤدي إلى توتر وحتما ستزيد الأوضاع تعقيدا».

وكانت وزارة الخارجية التركية أعلنت الأسبوع الماضي أن أنقرة وافقت على نشر رادار متقدم للحلف الأطلسي مخصص لرصد أي إطلاق محتمل لصواريخ من شأنها تهديد أوروبا. ويريد الحلف الأطلسي والولايات المتحدة نشر نظام لرصد الصواريخ تحسبا لأي تهديد قد تشكله الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى التي قد يتم إطلاقها من الشرق الأوسط وتحديدا من إيران، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت طهران انتقدت بطريقة غير مباشرة، الاثنين، قرار تركيا معلنة أنه لن «يحسن أمن المنطقة بل سيؤدي إلى نتيجة عكسية». واعتبرت أن إيران وتركيا «قادرتان تماما على ضمان أمنهما دون تدخل خارجي».

ومنذ الاثنين توالت انتقادات المسؤولين العسكريين والنيابيين الإيرانيين إزاء تركيا وهو أمر نادر حتى الآن، إذ كانت طهران جعلت من التقارب السياسي والاقتصادي مع أنقرة أولوية لسياستها الخارجية.

وقد صرح وزير الدفاع أحمد وحيدي لوكالة «فارس»، الاثنين، أن «وجود أميركيين وغربيين على أراض مسلمة مضر ويؤدي إلى مشاكل». وحذر من أن «على الغربيين أن يعلموا أننا لن نسكت عن أي اعتداء من قبل أي بلد ضد مصالحنا القومية».

وكانت طهران تعتبر حتى الآن تركيا دولة حليفة، إذ كانت أنقرة من العواصم النادرة في المنطقة التي رفضت تطبيق العقوبات الغربية على البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل. كما أشاد المسؤولون الإيرانيون أيضا بتشدد الدبلوماسية التركية مؤخرا إزاء إسرائيل، عدوة إيران. وسبق وأن أعلن البلدان في مطلع العام نيتهما زيادة مبادلاتهما التجارية ثلاث مرات لتبلغ 30 مليار دولار رغم الجهود الغربية لعزل إيران اقتصاديا. ومن جهته، أعلن النائب النافذ إسماعيل كوسري العضو في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشورى أنه «وبينما أثارت المواقف السابقة (لتركيا) آمال الأمم المسلمة، فإن قرارها (حول حلف الأطلسي) يثير الشكوك والقلق». وحذر من أن «دول المنطقة لا يمكن أن تسكت عن مثل هذا التناقض»، وطالب أنقرة «بإعادة النظر في قرارها» تحت طائلة «المخاطرة بمصالحها». كما اعتبر محمد ديغان المسؤول النيابي الآخر والعضو في رئاسة مجلس الشورى أن قرار تركيا يكشف «تواطؤا سريا» بين أنقرة والغرب.

وأشار إلى تصعيد تركيا مؤخرا للهجتها إزاء النظام السوري الحليف الرئيسي لإيران في المنطقة، معربا عن أسفه أن «تنضم أنقرة إلى جهود الولايات المتحدة والصهاينة لضرب جبهة المقاومة» لإسرائيل التي تعتبر سوريا محورها الأساسي.

وفي سياق آخر، بين وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أنه يرى أن الأزمة الحالية مع تركيا «ستمر»، وجاء هذا في تصريح للإذاعة الرسمية الإسرائيلية ردا على سؤال حول إقرار أنقرة عقوبات في الأيام الأخيرة ضد إسرائيل بسبب رفضها تقديم اعتذار عن الهجوم على السفينة التركية في مايو (أيار) 2010، وقال باراك إن «الأزمة الحالية ستمر وأنا واثق من أننا سنتجاوزها». وأضاف «الأتراك يعلمون مثلنا تماما الحقيقة: بلدانا يقومان بدور في غاية الأهمية بالنسبة إلى الغرب والمشاكل الحقيقية للغرب في المنطقة هي سوريا وما يحصل في مصر وإيران وليس تركيا». وأقر باراك مجددا «بأن أخطاء حصلت ربما في طريقة استخدام القوة» عند الهجوم على السفينة التركية إلا أنه اكتفى بالتذكير بأن إسرائيل أعربت عن «أسفها» للخسائر البشرية دون إصدار أي اعتذار رسمي كما تطالب به تركيا. وأكد باراك أن الخلاف بين بلاده وتركيا حول غزة سيمر في نهاية المطاف ولن يتحول إلى عداوة.

وفي إطار خلاف غير مسبوق خفضت أنقرة مستوى العلاقات مع إسرائيل وتعهدت بتعزيز دورياتها البحرية في البحر المتوسط بعد أن رفضت إسرائيل الاعتذار عن قتل 9 من الناشطين الأتراك، وأشار وزير الدفاع الإسرائيلي إلى أن التحقيق الذي أمر به بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة برأ الحصار الإسرائيلي وتوقع أن تؤدي الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط إلى تقارب إسرائيل مجددا مع تركيا حليفتها القديمة.

وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في تصريحات بثتها قناة «الجزيرة» التلفزيونية الفضائية أمس إن سفنا حربية من البحرية التركية سترافق أي سفن مساعدات تركية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة.

وصرح أردوغان أيضا أن تركيا اتخذت خطوات لمنع إسرائيل من الاستغلال المنفرد للموارد الطبيعية في شرق البحر المتوسط، حسب «رويترز».

كما وجه لإسرائيل اتهامات قبل يوم حول «فقدان الأخلاق التجارية» لديها تخص عدم التزامها بالاتفاقات العسكرية الثنائية. وندد بعدم قيامها بإعادة طائرات إسرائيلية من دون طيار إلى تركيا بعد إعادتها لإجراء إصلاحات عليها.

لكن باراك رد بالنفي على هذه الاتهامات، وصدر بيان إسرائيلي حول المسألة جاء فيه أن «تركيا وإسرائيل قامتا بتبادلات في المجال الأمني لسنوات كثيرة وعلى الرغم من التطورات الأخيرة يوجد تبادلات قائمة بين البلدين». وأضاف «أحد التبادلات القائمة تتضمن تجديد قطع طائرات من دون طيار. ويتم مراجعة محركاتها من أجل تحسينها ولم يتم الانتهاء من العمل فيها».

وكانت تركيا أعلنت الأسبوع الماضي طرد السفير الإسرائيلي في أنقرة وتجميد العقود العسكرية بين البلدين الحليفين في السابق كعقوبات ضد إسرائيل لرفضها تقديم اعتذار ورفع الحصار عن قطاع غزة. وكان نتنياهو أشاد الأربعاء بالكوماندوز الذي نفذ الهجوم في مايو 2010 على سفينة «مرمرة» ضمن أسطول الناشطين الذين كانوا يحاولون كسر الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس.

وقتل في الهجوم 9 أتراك. وقال نتنياهو في خطابه للعسكريين «مفهوم العدالة هو المكسب الاستراتيجي الأهم لإسرائيل وباسمه أقول لكم إن شعب إسرائيل الذي أرسلكم في هذه المهمة يفتخر بكم ونحن نفتخر بكم».