القذافي يطل عبر رسالة صوتية جديدة مؤكدا بقاءه في ليبيا

وفود من المجلس الانتقالي إلى النيجر ومالي وجنوب أفريقيا لإقناعها بتسليمه حال وصوله * العقيد باني: ملتزمون بقرار المفاوضات.. والوضع شبه آمن في بني وليد

لقطات من شريط فيديو تظهر العقيد معمر القذافي في لحظات حميمية مع أحفاده وعائلته في خيمته بمجمع باب العزيزية في طرابلس (رويترز)
TT

ظهر العقيد معمر القذافي من جديد ليؤكد للثوار الليبيين المناوئين لحكمه الذي استمر 42 عاما، بقاءه في ليبيا وعدم رحيله عن البلاد.

وقال العقيد، في رسالة صوتية بثتها قناة «الرأي» السورية أول من أمس من دمشق: «أنا باق في ليبيا ولم أذهب إلى النيجر أو تشاد أو السودان أو الجزائر»، نافيا ما تداولته وسائل الإعلام العربية والعالمية على مدار اليومين الماضيين، التي تناقلت تصريحات عبر مسؤولين ليبيين أشاروا خلالها إلى وجود القذافي في العديد من الدول لعل أبرزها النيجر.

وأكد القذافي الذي ما زال يبحث عنه ثوار 17 فبراير (شباط) في صحراء ليبيا، منذ اليوم الأول لدخولهم طرابلس في 21 أغسطس (آب) الماضي، أنه لا يزال في ليبيا ومصرّ على البقاء فيها ولم يتوجه إلى دولة أخرى.

واعتبر العقيد أن «التحالف الدولي» في ليبيا مرفوض من الشعب الليبي الذي «سينتفض ويهزم قواته». وهاجم القذافي المجلس الانتقالي الليبي الذي اتهم أعضاءه بالجاسوسية والخيانة.

وخاطب القذافي الشعب الليبي قائلا: «لا تلتفوا إلى الشائعات»، وزاد قائلا: «الناتو سيرجع مهزوما لأن إمكانياته المادية لم تعد تساعده على الاستمرار في القتل، ومن ثم سيقعدون في الميدان بأنفسهم، وبالتالي ستنقض عليهم الجماهير».

من جهته، علق المحلل السياسي الليبي دكتور عبد المنعم الحر، أستاذ القانون الدولي، على رسالة القذافي الصوتية بقوله لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي: «لا أعلم من يخاطب القذافي؟! الشعب الليبي تخلص من حكمه، وأسطورة ملك ملوك أفريقيا أنهتها ثورة 17 فبراير (شباط)».

ووصف الحر العقيد القذافي بالشخص الذي يعيش خارج إطار الواقع، مشيرا إلى أن العقيد كان يخطب من ساحة الشهداء وسط الجموع، ولكنه الآن صوت بلا صورة، داعيا العقيد إلى الانتحار أو تسليم نفسه.

وفي طرابلس، عبر سكان المدينة عن سخريتهم من رسالة العقيد الصوتية، التي دعا من خلالها إلى القتال، وأكد سكان العاصمة على أنهم سائرون في طريقهم نحو بناء مستقبل ليبيا، ومؤكدين عدم تأثير هذه الرسائل الصوتية عليهم.

إلى ذلك، وقعت اشتباكات في مدينة بني وليد (جنوب شرق طرابلس) أمس بين كتائب القذافي والثوار الليبيين، حيث قال العقيد طيار أحمد باني، الناطق العسكري باسم جيش الثوار لـ«الشرق الأوسط»: «بعض فلول كتائب القذافي أطلقت أمس صواريخ من طراز (غراد) على الثوار في ضواحي مدينة بني وليد، ولكنها لم تسفر عن أي خسائر بين صفوفهم»، مشيرا إلى أن الوضع شبه آمن في بني وليد.

وأكد باني، في اتصال هاتفي من بنغازي أن جيش الثوار ملتزم بهدنة المفاوضات التي أقرها المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي الليبي، التي ستنتهي يوم السبت.

وأرسل المجلس الوطني الانتقالي الليبي، مزيدا من القوات إلى مشارف مدينة بني وليد، التي لم تسفر بعد مفاوضات مع وجهائها عن نتيجة حاسمة بشأن استسلامها وانضمامها للثورة حتى الآن، فيما تمكن الثوار من قتل أحد عناصر الكتائب الذين شنوا هجوما أمس.

وفي ما يتعلق بالوضع في مدينة سرت، معقل القذافي، أكد الناطق العسكري باسم جيش الثوار الليبيين أن قوات التحالف قامت أمس بشن هجوم جوي على مدينة سرت، التي ما زالت توجد بها كتائب العقيد، موضحا أن قوات التحالف قامت بقذف مواقع عسكرية تابعة للقذافي.

في سياق متصل، أذاع التلفزيون الليبي التابع للثوار عبر قناة «ليبيا الأحرار»، خلال مداخلة هاتفيه مع مسؤول من المجلس المحلي التابع للمجلس الانتقالي، اكتشاف مقبرة جماعية حوت رفاة 35 شخصا تم تعذيبهم قبل قتلهم في مدينة القلعة (شمال شرقي طرابلس)، التي تم اكتشافها بعد إلقاء القبض على أحد مؤيدي القذافي، الذي كان يحمل هاتفا عليه مقطع فيديو لهذه الحادثة. من جهة اخرى قالت مصادر في المجلس الوطني الانتقالي الليبي لـ«الشرق الأوسط» إن خيارات القذافي في كيفية الخروج من ليبيا باتت محدودة للغاية، حيث لم يعد بإمكانه استخدام الطائرات للهروب، وأنه لم يعد أمامه سوى عبور الحدود الليبية جنوبا باستخدام السيارات فقط إلى إحدى دول الجوار الجغرافي.

وأبلغ مسؤول في المجلس «الشرق الأوسط» أن «القذافي لن يستخدم الطائرة، لأنها أولا ليست متاحة له، وحتى لو كانت متاحة فهو يعلم أننا أو حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد نقصفها أو نجبرها على الهبوط في إحدى القواعد التابعة لنا».

وفي محاولة لاستباق أي خطة من القذافي للهرب باتجاه النيجر، قرر المجلس الوطني المناهض له إرسال وفد رسمي إلى النيجر لإجراء سلسلة من الاتصالات المكثفة مع كبار المسؤولين هناك بهدف إقناعهم بعدم منح القذافي حق اللجوء السياسي أو توفير ملاذ آمن له أو تأمين عبوره من النيجر إلى دولة أفريقية أخرى.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن ممثلين عن المجلس الانتقالي أيضا سيقومون في وقت لاحق بزيارة بعض الدول الأفريقية التي تردد أن القذافي يخطط للهروب إليها، ومن بينها بوركينا فاسو ومالي وجنوب أفريقيا.

ويستبعد الثوار إمكانية لجوء القذافي إلى تشاد على الرغم من العلاقات الوطيدة التي طالما ربطته مع رئيسها إدريس ديبي، لكن الأخير قرر الاعتراف بالمجلس في خطوة مثلت تخليا واضحا عن تعاطفه المعلن في السابق مع نظام القذافي.

وقال هشام أبو حجر، الذي يترأس الوحدة الخاصة التي شكلها الثوار لتعقب واعتقال القذافي، إن آخر مرة رصد فيها القذافي كان متجها إلى الحدود الليبية الجنوبية، لافتا إلى أنه ربما كان في منطقة قرية غات بجنوب ليبيا على بعد نحو 300 كيلومتر إلى الشمال من الحدود مع النيجر قبل ثلاثة أيام.

وقال أبو حجر «إنه خارج بني وليد فيما أعتقد. آخر مرة رصد فيها كان في منطقة غات. رأى الناس السيارات تسير في ذلك الاتجاه. وعلمنا من مصادر كثيرة أنه يحاول المضي جنوبا باتجاه تشاد أو النيجر».

وقالت مصادر عسكرية من فرنسا والنيجر، إن عشرات المركبات العسكرية الليبية عبرت الحدود الصحراوية إلى النيجر فيما قد يكون محاولة من جانب القذافي لطلب اللجوء في بلد أفريقي صديق بعد 6 أشهر من الصراع.

إلى ذلك، نفت قبائل ورفلة في بني وليد إجراءها مفاوضات مع من وصفتهم بعملاء الناتو بشأن تسليم المدينة للثوار.

وقال يوسف علي، الناطق باسم قبائل ورفلة في بني وليد، في اتصال مع قناة «الرأي»، نشر نصه لاحقا على صفحتها في «فيس بوك»، إن قبائل ورفلة ترفض التفاوض مع العملاء، مشيرا إلى أن قبائل ورفلة ترفض رفضا قاطعا الاستسلام رغم وحشية الغارات التي يشنها العدوان على المدينة.