تسجيل يكشف عزم نظام القذافي منح قبائل مصرية حق إدارة المعبر الحدودي بين البلدين

عثرت عليه «الشرق الأوسط» في مقر المخابرات الليبية بطرابلس ويعود لعام 2005

صورة من مقطع فيديو حصلت عليه «الشرق الأوسط» تظهر أحمد قذاف الدم بصحبة وجهاء قبائل مصرية في اجتماع عقد عام 2005 بمدينة سرت الليبية مسقط رأس القذافي
TT

كشفت وثيقة تعود لعام 2005 عثرت عليها «الشرق الأوسط» في مقر للمخابرات الليبية في طرابلس، عن موافقة نظام العقيد معمر القذافي المتواري عن الأنظار، على منح قبائل مصرية حق المشاركة في إدارة المنفذ البري بين البلدين، من الجانب الليبي، لكن لم يتضح في التسجيل إن كان هذا سوف يشمل الجانب المصري من الحدود أو سيتم بالتنسيق مع الحكومة المصرية أم لا، إلا إن مصدرا مقربا من أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات المصرية - الليبية السابق، ومبعوث القذافي للمهام الخاصة، الذي يوجد في مصر في الوقت الحالي، قال إن اللقاءات مع أبناء القبائل المصرية كانت تتم بعلم السلطات المصرية.

وفي عام 2005، حين ارتفعت أصوات معارضين ليبيين في الخارج ضد حكم القذافي، سارعت السلطات الليبية بتنظيم زيارات لأبناء القبائل المصرية التي لها امتداد قبلي داخل ليبيا، باعتبار أنهم من ليبيي المهجر الذين يدعمون نظام حكم القذافي. وتسببت المحاولات المستميتة من نظام القذافي لاستغلال أبناء القبائل المصرية لدعم القذافي، خاصة الموجودة على الجانب الآخر من الحدود، في غضب السلطات المصرية عدة مرات، في فترة حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، رغم الصداقة التي جمعت بين مبارك والقذافي.

ومنذ عودة العلاقات بين مصر وليبيا في مطلع عقد تسعينات القرن الماضي، نظم مسؤولون ليبيون زيارات عديدة لمدن مصرية لـ«حشد الجماهير» لمؤازرة نظام القذافي بزعم أن هذه المدن بها قبائل لها امتداد داخل ليبيا. وأسس المسؤولون الليبيون في مصر ما أطلقوا عليه «اتحاد القذافي»، حيث قالت تقارير أمنية مصرية إن هذا الاتحاد من شأنه إثارة النزعات القبلية والخلافات بين أبناء الوطن الواحد في مصر.

والوثيقة عبارة عن مئات الصور وتسجيل فيديو لم يكشف عنها من قبل لوفد قبلي مصري سافر في عام 2005 إلى طرابلس لمقابلة العقيد القذافي رغم تحفظ السلطات المصرية على السفر، وفقا لمصادر أمنية ليبية.

وقال قيادي من ثوار طرابلس إن وثائق عثر عليها في مقر الاستخبارات تظهر تعاملا استثنائيا للسلطات الليبية مع وجهاء قبائل مصرية. وكان التسجيل محفوظا على أسطوانة كومبيوتر في مغلف أبيض مكتوب عليه «القبائل المصرية»، ضمن مئات من الصور الفوتوغرافية لشخصيات قبلية من محافظات بمصر منها مطروح على الحدود مع ليبيا، والبحيرة والفيوم والمنيا في غرب وجنوب القاهرة.

ويظهر في التسجيل المصور أحمد قذاف وهو يمسك بقبعته، ويتحدث عن أنه بحث مع شخص ما يعتقد أنه العقيد القذافي، أمر ما سماه «العقبات التي تواجه تحرك أبناء القبائل المصرية على جانبي الحدود بين مصر وليبيا».

وقال قذاف الدم في التسجيل، بينما كان يقف حوله عشرات من قيادات القبائل: تكلمنا معه (مع القذافي) فيها (في موضوع الحدود) وإن شاء الله هذه العقبات التي في الحدود تمشي (تنتهي)، وأنا أعرف أن هناك بعض ناس.. إن شاء الله نحطوا (نضع) أحدا يعرفكم أو حتى أحد منكم.. حد (شخص) من أخوتنا.. من الإخوة (اسم قبيلة مصرية ليبية)، يعرفوا العرب (كلمة العرب في اللهجة هناك تطلق بشكل دارج على أبناء القبائل) ويعرفوا.. يبقى اللي يجي يلف عليه يفتح له البوابة ويدخل».

وحيا عدد من الواقفين مبادرة قذاف الدم، وقال صوت من الحاضرين: «كلام حلو هذا.. كلام حلو هذا». وأضاف صوت آخر: «موفق إن شاء الله».

وبالأمس رد أحد المقربين من قذاف الدم، الموجود في القاهرة، على سؤال «الشرق الأوسط» بشأن الوثيقة ومئات الصور بالقول إنه من الطبيعي أن يساهم قذاف الدم في حل المشكلات التي تعرقل العبور عبر الحدود المصرية - الليبية، مضيفا أن الأمر كان يجري بعلم مصر، لكنه رفض التعليق على استثناء فريق من المصريين دون آخر، ومناقشة منح القبائل المصرية حق مراقبة المنفذ الحدودي الذي هو من أعمال السيادة للدولة.

يشار إلى أن القذافي أرسل عدة مبعوثين للقبائل المصرية لحشد متطوعين لمؤازرة النظام الليبي بعد تفجر ثورة 17 فبراير (شباط) الماضي، إلا إن هذه المحاولات باءت بالفشل بعد إعلان القبائل المصرية وقوفها إلى جانب الثوار الليبيين.