مصر: تأجيل محاكمة مبارك إلى بعد غد لسماع أقوال المشير طنطاوي

الشاهدان الثامن والتاسع يحملان قيادات الداخلية مسؤولية إطلاق النار على المتظاهرين

متظاهرة تجلس على الأرض خارج أكاديمية الشرطة خلال محاكمة الرئيس السابق حسني المبارك في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

بعد جلسة شهدت عدة مفاجآت، قرر المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة تأجيل نظر القضية المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال الهارب حسين سالم ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من معاونيه بقتل المتظاهرين والفساد المالي، إلى جلسة بعد غد الأحد لسماع شهادة المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

واستمعت المحكمة أمس لاثنين من شهود الإثبات، هما الشاهد الثامن المقدم عصام شوقي الضابط بالإدارة العامة لشؤون المجندين، واللواء حسن عبد الحميد مساعد الوزير لقطاع قوات الأمن والتدريب.

وفي شهادته أمام المحكمة، أكد المقدم عصام أن الإصابات التي لحقت بالمتظاهرين وتوفي بسببها البعض الآخر تتفق وكمية الأسلحة الموجودة بالمقار الأمنية ومديريات الأمن وأقسام الشرطة بوسط القاهرة، وأنها حدثت جراء استخدام أسلحة الشرطة وقوات الأمن المركزي. لافتا إلى أن الإصابات الأخرى وحالات الوفاة أمام أقسام الشرطة مرجعها تصدى القوات لهم للحيلولة دون اقتحام تلك الأقسام وسرقة السلاح منها وإتلاف مستنداتها ومعداتها.

وذكر الشاهد أن متخذي القرار الأمني وهم القيادات الأمنية التي اجتمع بها حبيب العادلي الوزير الأسبق يوم 27 يناير (كانون الثاني)، وفي مقدمتهم اللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، واللواء عدلي فايد مدير مصلحة الأمن العام، واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة، واللواء أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي، بجانب اللواء حسن عبد الحميد مساعد أول الوزير لقوات الأمن ومندوبي شؤون الأفراد وغيرهم، كانوا على علم مؤكد أثناء مناقشتهم لخطة التصدي للمظاهرات يوم 28 يناير (جمعة الغضب)، بأن التدابير الأمنية وحشد القوات وطبيعة تسليحها التي أقرت في ذلك الاجتماع كانت ستؤدي حتما إلى سقوط قتلى وجرحى.

وقال إن الخطة الأمنية المحكمة، التي وضعت وتم الاتفاق عليها باجتماع الوزير بمساعديه يوم 27 يناير الماضي، لم يسبق أن تم العمل بتدابيرها وتفاصيلها على مدى 19 عاما ماضية تمثل فترة خدمته بوزارة الداخلية. واعتبر أن القرار الذي تمخض عن اجتماع الوزير ومساعديه للتصدي للتظاهرات والمحتجين يوم جمعة الغضب كان خاطئا من الناحية الأمنية.. مشيرا إلى أن الأوامر خرجت من غرفة عمليات قوات الأمن المركزي لتطالب الضباط بفض المظاهرات وعدم تجميع مظاهرة أخرى، وأن أحد النداءات من غرفة العمليات انطوى على التعامل مع المتظاهرين دون الرجوع إلى غرفة العمليات.

وذكر الشاهد أنه تقدم ببلاغ إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود مطالبا بالتحفظ على الاسطوانة المدمجة التي تحتوي على مكالمات غرفة عمليات الأمن المركزي وكذلك الدفاتر الخاصة بالغرفة وأوامر العمليات والخدمات الصادرة من مديريات أمن القاهرة والجيزة وحلوان وأكتوبر وقطاع الأمن المركزي لتحديد موقع كل ضابط في منطقته وتحديد المسؤوليات والخطة التي وضعتها القيادات الأمنية.

وأشار الشاهد إلى أن استخدام القوة النارية يخضع إلى تقييم القيادة الأمنية ووفقا للمعلومات الأمنية المتاحة، موضحا أنه استقى معلوماته بشأن الخطة الأمنية، واجتماع حبيب العادلي بمساعديه، من اللواء حسن عبد الحميد مساعد الوزير لقطاع قوات الأمن والتدريب ومن واقع مشاهدته لعمليات فض التظاهرات عبر الفضائيات وما صاحبها من قوة مفرطة، علاوة على تحليله الشخصي للتحركات التي سبقت يوم 28 يناير.

وعقب المحامون من هيئة الدفاع عن المتهمين على أقوال الشاهد بأنه لم يسمع أو يرى المعلومات التي تحدث عنها، وأن كل معلوماته نقلية أو تخضع للاستنتاج والتحليل الشخصي باعتباره لم يكن ضمن القطاعات والإدارات التي شاركت في تفاصيل الأحداث التي جرت اعتبارا من يوم 25 يناير.. وعقب حبيب العادلي من داخل القفص الحديدي نافيا كل أقوال الشاهد الثامن، الذي ضجت القاعة بالتصفيق له بعد الانتهاء من الإدلاء بشهادته.

أما الشاهد التاسع، وهو اللواء حسن عبد الحميد مساعد وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن والتدريب، فقد تحدث عن تفاصيل الاجتماع الذي دار بين القيادات الأمنية بالداخلية يوم 27 يناير الماضي، وقال «(وزير الداخلية السابق حبيب) العادلي سأل (مساعد الوزير لقطاع الأمن المركزي اللواء) أحمد رمزي خلال الاجتماع قائلا: «هاتقدر تسد يا رمزي»، فأجاب رمزي: «أيوه هاسد يا ريس»، ليسأله العادلي مرة أخرى: «هاتعمل إيه يعني؟ ها تطبق الخطة 100؟»، فأجاب رمزي: «أيوه يا ريس ها طبقها وأطبق اللي أكبر منها كمان». وأوضح الشاهد التاسع أن الخطة 100 هي الخطة التي يتم استخدامها في حالة الطوارئ القصوى وحالة الشغب العام (الحالة القصوى للأمن المركزي)، مؤكدا أنه (الشاهد) اعترض خلال الاجتماع على تنفيذ تلك الخطة نظرا للأعداد الغفيرة للمواطنين التي انتشرت في الشوارع، والتي لن يجدي نفعا معها التعامل بعنف. مؤكدا لهم أن تلك الخطة ستفشل في السيطرة على الأحداث، إلا أن العادلي رفض اقتراحه وقرر نقله من منصبه لاعتراضه على الخطة.

وأضاف الشاهد التاسع، أن اللواء مرتضى إبراهيم، مسؤول الاتصالات بوزارة الداخلية، تلقى اتصالا هاتفيا من شخصية مهمة في الدولة (لم يعرفها الشاهد)، أمره خلاله بسرعة قطع اتصالات الهواتف الجوالة والإنترنت. وطالب المدعون بالحق المدني هيئة المحكمة بضرورة استخراج شهادة من شركة الاتصالات التابع لها رقم هاتف اللواء مرتضى إبراهيم، للكشف عن هوية الشخصية التي أجرت الاتصال الهاتفي المشار إليه.

وأكمل الشاهد أقواله أمام المحكمة قائلا «أثناء الاجتماع تلقى وزير الداخلية الأسبق اتصالا هاتفيا لمدة 15 دقيقة تقريبا، وخلاله تحدثت مع أحمد رمزي وقلت له قواتك بقالها 3 أيام بدون نوم ومعندكش احتياطي يا رمزي، وبعدين قوتك كلها 20 ألف جندي بيشكلوا 150 تشكيلا قتاليا، ما تفتحش صدرك»، وهو ما قاله أيضا اللواء أسامة المراسي (المتهم السادس في القضية).

وأضاف الشاهد «أنهى العادلي الاتصال الهاتفي ودار نقاش مع اللواء مرتضى إبراهيم، والذي أكد للوزير أن «الاتصالات تعمل عشان بكره يحصل تجمع للمليونية التي سيقوم بها الشعب في ميدان التحرير، وقال له إن «تليفون بلاك بيري خلص من السوق»، مشيرا إلى أنه لا يعلم معنى تلك الكلمة، ليكمل الوزير كلامه قائلا: «كلم وزير الاتصالات وقل له يقطع الاتصالات عشان محدش يتصل بحد عشان ما يتجمعوش. فذهب اللواء مرتضى لآخر القاعة واتصل من هاتفه الجوال ثم عاد للوزير وقال له معلومة سرية، فرفع الوزير صوته قائلا: «قل له ينفذ وأنا المسؤول وهتصرف»، ليعود مرتضى ويتصل مرة أخرى، وفي النهاية قال للوزير كله تمام، وانتهى الاجتماع بعد ذلك على قرار عدم دخول المتظاهرين إلى ميدان التحرير حتى ولو بالقوة». وأشار الشاهد إلى أنه خرج من الاجتماع وقابل العقيد محمد جلال بأمن الوزارة، وأخبره بأن الداخلية ستفشل غدا فشلا ذريعا، وعلل ذلك بأن القوات لم تنم منذ 3 أيام، وأن القوة كلها 20 ألف جندي فكيف يواجهون مليون متظاهر، وأن من الخطأ غلق الكباري بسيارات نقل الجنود لأنها معرضة للتلف. وكشف الشاهد عن أن لديه قرصا مدمجا يحتوى جميع المشاهد التي سجلها باستخدام القوة المفرطة من 25 إلى 28 يناير، ومن ضمنها استخدام السيارات المدرعة في فض التظاهرات، وطلبت النيابة ضم القرص المدمج الذي بحوزته إلى ملفات القضية، وانضم إليها المدعون بالحق المدني في ذلك.

وقال الشاهد إنه كان يجلس في مكتبه يوم 25 يناير بصحبة اللواء حسين صادق مدير شؤون المجندين، واللواء ماجد القرماني الذي كان يعمل بالأمن المركزي ونقل حديثا لشؤون المجندين، فجاء له هاتف من أحد الضباط بالأمن المركزي وقال له: «أحمد رمزي هيخلص»، فاستفسر عن ذلك فأجابه أنه يعني فض المظاهرات، فأجاب أن ذلك أكبر خطأ لأن المتظاهرين المعتصمين سلميين وعزل ولم يحطموا أو يحرقوا أي شيء، وأنه يعلم أن الأمن المركزي كان يقوم بتأمين المظاهرات السلمية بفرض كردون أمني حولها ولا يتدخل، وبتدخله يكون أدخل الشرطة في النزاع بين الشعب والنظام، مشيرا إلى أن قرار فض المظاهرات في ميدان التحرير لا يمكن لأحمد رمزي أو إسماعيل الشاعر تنفيذه إلا بقرار من العادلي.

من جهة أخرى، وتنفيذا لقرار المحكمة في جلسة أول من أمس (الأربعاء) قام المستشار عبد المجيد محمود النائب العام بإخطار كل من المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة، واللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، واللواء منصور عيسوي وزير الداخلية، واللواء محمود وجدي وزير الداخلية السابق للحضور أمام المحكمة لمناقشتهم في الجلسات التي حددتها لكل منهم اعتبارا من يوم بعد غد (الأحد).