وزير الخزانة الأميركي: نجحنا في تجفيف مصادر تمويل تنظيم القاعدة

مساعد أوباما: السعودية والإمارات نموذجان رائدان في التعاون مع أميركا لمكافحة الإرهاب

TT

شهدت ندوة مكافحة تمويل الإرهاب التي استضافتها وزارة الخزانة الأميركية تركيزا على أساليب المنظمات الإرهابية الجديدة في البحث عن مصادر تمويل، من خلال خطف السياح وطلب الفدية والسطو على البنوك والاتجار في المخدرات والبشر. وركزت الندوة على جوانب سياسية لقطع التمويل عن منظمات تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية، مثل حماس وحزب الله اللتين تمولهما إيران. وقال المشاركون إن تغيير النظام السياسي في إيران وسقوط النظام الحالي هو الطريق الوحيد لقطع التمويل عن حماس وحزب الله.

في حين أشاد المشاركون بالتعاون بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في مجال مراقبة الأموال وإنشاء لجنة لمراقبة أموال الزكاة وقطع الطريق عن وصول التبرعات الخيرية في أيدي الإرهابيين، وأشاد المشاركون بجهود الأمير محمد بن نايف في هذا المجال مشيرين إلى أن كلا من المملكة السعودية والإمارات كانت نموذجا رائدا في مجال الشفافية المالية وقطع مصادر التمويل للمنظمات الإرهابية وفي مجال إعادة تأهيل الراديكاليين، في حين طالبوا كلا من الكويت وقطر بإصدار قوانين وتشريعات لتجريم منح الأموال للمنظمات الإرهابية.

وأوضح وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر أن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 كانت وحشية ومتطورة وممولة تمويلا جيدا، و«هذا ما جعلنا نفهم تعقيد (القاعدة) ومنظمات إرهابية أخرى، والتصدي للإرهاب بشكل أكثر فاعلية، لأنه مختلف عن التهديدات العسكرية التقليدية، وذلك من خلال تعطيل قدرة الإرهابيين على تمويل عملياتهم». وأوضح استراتيجية عمل مكتب إعاقة شبكات تمويل المنظمات الإرهابية في وزارته، الذي أنشئ عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، قائلا: «إنه يعتمد على أربعة أمور أساسية وهي العمل الاستخباراتي وفرض عقوبات والتعاون مع الشركاء والحلفاء الدوليين وإشراك القطاع الخاص من أجل تحديد الجهات المانحة والممولين والوسطاء المتورطين في دعم المنظمات الإرهابية، وذلك بهدف تعطيل قدرتهم على تمويل هذه المنظمات».

وقال غايتنر إن هذا الفريق الذي يقوده ديفيد كوهين وداني جلاسر وليزلي ايرلند وادام زوبن وجيم فريز وضع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب وعرقلة شبكات تمويل الإرهاب، وتقييد أنشطة الذين يمولون الإرهاب وفرض عقوبات عليهم، وقد نجحت هذه العقوبات في ردع الجهات المانحة للإرهاب في جميع أنحاء العالم. واستعان غايتنر بمقولة المؤرخ اليوناني ثوسايدايدس، الذي قال: «إن الحرب لا تتعلق بالأسلحة بقدر ما تتعلق بالمال»، مؤكدا على أهمية مناقشة كيفية تجفيف مصادر تمويل المنظمات الإرهابية. وأشار إلى أن أحد كبار قادة تنظيم القاعدة في أفغانستان قد صرح بأنه من دون المال يتوقف «الجهاد». وأكد غايتنر فعالية التعاون الدولي وتوفير المعلومات الاستخباراتية من الحلفاء والشركاء في مكافحة الإرهاب، وقال: «إن التعاون الدولي يعزز فاعلية هذا العمل إضافة إلى التعاون مع المؤسسات المتعددة الأطراف، ومنها مجموعة العشرين، في التركيز على مكافحة تمويل الإرهاب؛ سواء من خلال اعتماد معايير جديدة أو من خلال الدعم الشعبي لزيادة الشفافية المالية».

وركز وزير الخزانة الأميركي على أهمية الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في مكافحة تمويل الإرهاب باعتباره شريكا للحكومات الوطنية، وقال: «إن يقظة المؤسسات المالية في تحديد وحجب الأموال عن الأنشطة الإرهابية يعزز قدرتنا على القضاء على الإرهاب».

وأكد غايتنر أنه «بفضل تنفيذ هذه الاستراتيجية خلال السنوات العشر الماضية، فإن الجهات التي تمول الإرهاب أصبحت مقيدة في حركة تمويل وتسهيل الإرهاب، وأصبح من الصعب أن تفلت من العقاب، وباتت الأموال الموجهة للإرهاب تتقلص». وأوضح أنه «مع ذلك، فإن تنظيم القاعدة يناضل من أجل تأمين تمويل ثابت، وسيستمر في البحث عن طرق للوصول إلى التمويل، وسوف نستمر نحن في تطوير استراتيجيات مبتكرة وفعالة لوقفها والبحث عن أفضل السبل لإلحاق الهزيمة بها. وقد أثبتت جهودنا على مدى العقد الماضي قيمة التركيز الشديد على التمويل، وأصبحت وزارة الخزانة جزءا لا يتجزأ من بنية الأمن القومي الأميركي، وتوسعت الخيارات المتاحة للرئيس للرد على التهديدات».

وقال مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب جون برينان إنه «بعد مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، فقد التنظيم كثيرا من القواد، وتم القبض على عدد من القادة، وتصفية الوحدات التابعة للتنظيم، لكن ذلك لن يوقف تهديدات (القاعدة) ومحاولات القيام بهجمات في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا من خلال مجموعات إرهابية أخرى مستقلة، لكنها تتبع أجندة (القاعدة)».

وأضاف برينان أن أنشطة هذه الجماعات الإرهابية اتجهت إلى خطف السياح، والقيام بأنشطة إجرامية، مثل تهريب المخدرات والاتجار في البشر من أجل الحصول على مصادر للتمويل، و«قد أصدرنا في يونيو (حزيران) الماضي، استراتيجية إدارة الرئيس أوباما لمكافحة الإرهاب بهدف هزيمة (القاعدة)، وإحدى وسائلنا قطع التمويل عن التنظيم وفرض عقوبات على المنظمات التي تتورط في توفير التمويل، والتعاون مع الدول والمنظمات والأجهزة الدولية لوضع ضغوط على (القاعدة)، ولا جدال أننا جعلنا من الصعب على تنظيم القاعدة أن ينهض وأن يتحرك ويجلب أموال لمحاولة الهجوم على الولايات المتحدة»، وأكد قائلا: «(القاعدة) أصبحت ضعيفة ماليا». وأشار برينان إلى التعاون الناجح مع عدد من الشركاء في المنطقة العربية، وقال: «كان تعاوننا مثمرا مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية في تجفيف مصادر تمويل تنظيم القاعدة، لكن للأسف، لم تقم كل حكومات المنطقة بنفس الالتزام، ونسعى مع هذه الحكومات للقيام بتصرف حاسم ضد تمويل المنظمات الإرهابية».

وأشار برينان إلى مناقشات أجراها الرئيس أوباما مع عدد من قادة الدول حول قيام الشبكات الإرهابية بجرائم خطف وتهريب مخدرات للحصول على وسائل للتمويل المالي.

وقال نائب وزير الخزانة لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين: «إن مكتب الاستخبارات المالية (TFI)، نجح في حرمان تنظيم القاعدة والإرهابيين في جميع أنحاء العالم من الإمكانات المالية للعمل، من خلال العمل مع المجتمع المصرفي الدولي».

وأضاف كوهين أن تنظيم القاعدة واجه أسوا أزمة مالية في عام 2010، وأصبح الموقف المالي لـ«القاعدة» غير مستقر، مما أضر بقدرة التنظيم على العمل، وتؤكد أجهزة الاستخبارات أن تنظيم القاعدة يكرس اهتماما وجهدا كبيرا لجمع الأموال وإدارة الميزانية وتكاليف تشغيل التنظيم من حيث الأسلحة والوقود والرواتب».

وأوضح كوهين أن «الصورة التي قدمتها المخابرات لتنظيم القاعدة تشمل أخبارا جيدة وأخرى سيئة، وهي أن الجهود العالمية لعرقلة تمويل تنظيم القاعدة بدأت تؤتي ثمارها لكن العدو لديه قدرة على التكيف والابتكار، وبدأنا نرى سعى الجماعات الإرهابية لجمع الأموال من خلال الخطف وطلب الفدية»، وأكد نائب وزير الخزانة استمرار الولايات المتحدة في الضغط على تنظيم القاعدة وتعطيل شبكات التنظيم وملاحقة وقتل القادة الكبار، مثل أبو يحيى الليبي الذي قتل الشهر الماضي، ويونس الموريتاني الذي اعتقلته السلطات الباكستانية منذ أيام.

وأكد كوهين أن «الاستراتيجية تستهدف أيضا خط التمويل المالي الرئيسي لتنظيم القاعدة، الذي يمتد من الكويت وقطر عن طريق إيران إلى باكستان، ويعتمد على اتفاق بين تنظيم القاعدة والحكومة الإيرانية للسماح لهذه الشبكة بالعمل داخل حدود إيران».

واتهم كوهين الكويت وقطر بأنهما أصبحتا بيئة متساهلة مع جمع التبرعات لتمويل التطرف، وقال: «على الرغم من أن قطر سنت قانونا لمكافحة تمويل الإرهاب قبل عام فإنها تخلفت عن التنفيذ، بينما تظل الكويت الدولة الوحيدة في الخليج التي لم تجرم تمويل الإرهاب، وهذا النهج المتبع من قبل الكويت وقطر يشكل خطرا عليهما وعلينا جميعا، وسوف نواصل العمل مع الكويت وقطر لاتخاذ الخطوات اللازمة».

وأكد كوهين زيادة الجهود في مكافحة شبكات الدعم المالي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وحركة الشباب في أفريقيا. ومكافحة استخدامهم المتزايد للخطف والحصول على فدية، وسرعان ما أصبح ذلك مصدر تمويل مهما لتنظيم القاعدة وفروعه، وقال: «لدينا معلومات بأن تنظيم القاعدة حصل على عشرات الملايين من الدولارات منذ عام 2008 من خلال الخطف والحصول على فدية في عمليات في أفريقيا.