هيثم المالح لـ «الشرق الأوسط»: زمن مبادرات الحلول انتهى والتدخل العسكري في سوريا سيدمرها

المعارض السوري: انقسام المعارضة «طبيعي ومبرر» بعد 60 عاما من حكم نظام «فاشي بوليسي»

TT

بينما تتواصل الدعاوى الهادفة للحماية الدولية لحماية المدنيين، أو الأخرى المطالبة بتسليح الثوار لتضييق الهوة في القوة بين الطرفين، رفض هيثم المالح، المعارض السوري البارز، مبدأ تسليح الثورة بأي شكل من الأشكال؛ حيث أبدى تخوفه من مغبة انتشار السلاح بين السوريين، موضحا أن هناك طوائف وإثنيات مختلفة في سوريا، معبرا عن خشيته من تطور الأمور للأسوأ حال انتشار السلاح بينهم.

وقال المالح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إن أي تدخل عسكري سيدمر سوريا كما حدث في ليبيا»، معتبرا «أن النظام السوري يدفع الثوار دفعا لحمل السلاح ليقولوا إن الثورة تشمل عصابات مسلحة»، لكنه أكد أن «الثورة لن تقع أبدا في هذا الفخ». وأكد المالح ثقته في أن «الثورة في سوريا ستنتهي بالنصر وإسقاط النظام بالطرق السلمية»، معتبرا أن استمرار مدة المظاهرات عبر 6 أشهر يصب بقوة في صالح الثورة لا صالح نظام الأسد؛ لأنها دليل على قوة الشعب السوري وقوة إرادته.

وأعرب المالح عن اعتقاده أن هناك مؤشرات قوية لسقوط النظام، أولها: الانهيار الاقتصادي، وقال: «إنه خلال شهر لن تستطيع السلطات دفع رواتب الموظفين»، كاشفا عن أن الممولين الكبار يهربون أموالهم خارج البلاد، وأن الدائرة الاقتصادية الممولة للنظام تبدي ضجرها من الجمود والركود الاقتصادي، بالإضافة إلى بوادر انشقاق الجيش بشكل كبير؛ حيث قال إن هناك «انشقاقات ضخمة في الجيش السوري غير معلن عنها، وهو ما قد يكون العامل الحاسم الأهم». وناشد المالح «الشرفاء في الجيش للانقضاض على النظام وإزاحته». ويعتقد المالح أن إيقاف شراء النفط السوري سيلعب دورا كبيرا في التضييق على النظام السوري وعلى موارده، موضحا أن المعارضة «تسعى إلى عزل دمشق دبلوماسيا عبر الضغط على الحكومات الغربية لسحب السفراء من دمشق». وكشف عن محاولات لسحب المزيد من سفراء الدول الغربية.

ويعتقد المالح، رئيس مؤتمر إسطنبول ومؤتمر الإنقاذ الوطني، أن تخبط المعارضة السورية «طبيعي ومبرر»، وقال: «إن السوريين تم حكمهم خلال 60 عاما عبر نظام فاشي بوليسي، مما أدى إلى تصحر في الفكر السياسي واندثار القيادات والتشكيلات السياسية والاجتماعية التي يتم قمعها عبر النظام»، معتبرا أن هناك «فكرا إقصائيا» يسيطر على تصرفات المعارضة السورية.

وفيما يتعلق بالمبادرة العربية لحل الأزمة الراهنة، قال المالح: «إن زمن المبادرات انتهى، ولم يعد هناك بقاء لنظام الأسد، وإذا لم يرحل طوعا فسيرحل قسرا، فالدماء التي سالت أغلقت كل الأبواب أمام التفاوض من أجل حل سياسي»، متوقعا أن تكون زيارة الأمين العام للجامعة العربية لدمشق فاشلة بسبب عدم رغبة دمشق في الاستماع، واصفا الموقف العربي بالمتقاعس عن إنقاذ مواطنيها، ولفت المالح إلى أنه من المحزن أن ينتظر السوريون الغرب لإنقاذهم، بينما العرب لم يحركوا ساكنا. وكشف المالح عن أنه حذر النظام السوري عبر لقائه مع مدير المخابرات السورية، اللواء هشام بختيار، قبل 4 سنوات من تردي الوضع في سوريا بشكل كبير، كذلك كشف عن أنه أرسل للرئيس السوري بشار الأسد مذكرة من صفحتين ثم 7 رسائل أخرى يحذره فيها من أنه يشتم رائحة الدماء في البلاد ويطالبه بإجراء إصلاحات، إلا أنه قال: «المؤسف أنني لم أتلقَّ عليه أي ردود». وأضاف: «الثورة كانت متوقعة جدا، لقد كانت سوريا كلها تغلي ببطء»، وأوضح أن 3 ملفات عالقة فجرت الأمور عبر 40 عاما، وهي: ملف المفقودين، ملف البيوت المصادرة، وملف المهجرين، بالإضافة إلى قانون 49 لعام 1980 الذي قضى بإعدام كل المنتسبين للإخوان المسلمين في سوريا، والمادة 16 من المرسوم 14 التي تحصن موظفي الأمن في سوريا من الملاحقة القانونية اللذين زادا من حالة الاختناق التي عاشها السوريون.

وكشف المالح عن أنه زار المحكمة الجنائية الدولية وتحدث مع قضاتها، وهم الآن ينتظرون الإشارة من مجلس الأمن للتحرك.

وفيما يتعلق بممارسات الجيش السوري بحق المدنيين العزل، قال المالح إنه يتفهم القتل، قائلا: «هناك عصيان.. فهناك قتل، مفهومة»، لكنه استدرك قائلا: «لكنني لا أفهم الاستباحة المفرطة للحرمات والسرقات والنهب التي تتم من الجيش والأمن، هذا ليس جيشا يحمينا، ليس جيشا نأتمنه على أرضنا، الفرنسيون أثناء انتدابهم في سوريا لم يقتحموا المساجد، ولا المدارس، ولا الجامعات، لكن النظام السوري استباح ذلك كله وكأنه جيش احتلال وليس جيشا وطنيا».

وتوقع المالح، الذي يزور القاهرة حاليا ضمن أسبوع نصرة الشعب السوري، أن تتخلى إيران عن النظام السوري «لأنها أدركت أنه آيل للسقوط»، معتبرا لقاء المعارضة مع دبلوماسيين إيرانيين في باريس «بداية التحول في السياسة الإيرانية». كما أبدى تفهمه للموقف التركي المتذبذب حيال الأزمة، مشيرا إلى أن «دمشق تضغط على أنقرة عبر ورقة حزب العمال الكردستاني». وطالب المالح المصريين، حكومة وشعبا، بدعم الشعب السوري «ولو معنويا عبر تنظيم مظاهرات مليونية مساندة له وعبر سحب السفير المصري من سوريا وطرد السفير السوري في القاهرة»، وهو ما قال إنه سيزيد من معنويات السوريين بشكل كبير.