استمرار محاكمات كبار المسؤولين في مصر.. وقاضي «موقعة الجمل» يحظر البث

المشير طنطاوي اعتذر والمحكمة تسمع شهادته 24 الحالي.. واستمرار محاكمة 25 قياديا حتى الأربعاء

محامون مصريون يعبرون عن غضبهم بسبب منعهم من دخول جلسة محاكمات الرئيس المصري السابق حسني مبارك (إ.ب.أ)
TT

شهدت مصر، أمس، يوما استثنائيا في ساحات قضائها، لكن إجراءات حكومية وصفت بـ«المتشددة» أقلقت الرأي العام في البلاد، و«أفقدت المشهد رمزيته»، بحسب مراقبين، ففي حين مثَل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ونجلاه علاء وجمال، ووزير داخليته حبيب العادلي، وستة من كبار مساعديه في قفص الاتهام بمقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة، في الجلسة السادسة التي كان من المنتظر أن يدلي فيها المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري الحاكم في مصر، بشهادته، وتم تأجيلها لاعتذاره إلى يوم 24 سبتمبر (أيلول)، قررت محكمة جنايات جنوب القاهرة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار حسن عبد الله، تأجيل محاكمة المتهمين الـ25 في القضية المعروفة إعلاميا باسم «موقعة الجمل» إلى جلسات اليوم ويومي الثلاثاء والأربعاء.

وفي الجلسة الخاصة بمبارك التي فرض على إجراءاتها السرية وحظر النشر، ولم تستغرق 20 دقيقة، قررت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت تأجيل سماع شهادة المشير طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إلى جلسة 24 سبتمبر الحالي، وتأجيل شهادة رئيس الأركان، الفريق سامي عنان، إلى جلسة 25 سبتمبر، في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها مبارك والعادلي و6 من معاونيه، على أن تستمع المحكمة إلى شهادات مدير المخابرات المصرية السابق، عمر سليمان، ووزيري الداخلية الحالي والسابق، في الجلسة المحددة سلفا غدا (الثلاثاء).

وسادت حالة من الإحباط بين المصريين في أعقاب قرار المحكمة تأجيل جلسة سماع شهادة المشير التي عولوا عليها لحسم مصير وقائع محاكمة وصفت بـ«قضية القرن». ورشح عن الجلسة التي غاب عنها الإعلاميون أن «المشير قدم اعتذارا رسميا للمحكمة، نظرا للظروف الأمنية التي تمر بها البلاد»، عقب يومين من اقتحام متظاهرين غاضبين لمقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وإعلان الحكومة المصرية تفعيل قانون الطوارئ.

وأصدرت النيابة العامة في مصر، أمس، بيانا قالت فيه إن النائب العام، المستشار محمود عبد المجيد، قام بتنفيذ قرار المحكمة بإخطار المشير طنطاوي ورئيس الأركان عنان بجلستي 24 و25 من الشهر الحالي، كما أخطر وزير الإعلام بحظر نشر ما يدور في جلسات المحاكمة اعتبارا من غد الثلاثاء.

وفي غضون ذلك، بدأت أمس محكمة جنايات القاهرة بالتجمع الخامس، نظر القضية المعروفة إعلاميا بـ«موقعة الجمل» المتهم فيها 25 من رموز نظام مبارك، على رأسهم الدكتور فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، وصفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى السابق أمين عام الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، وعائشة عبد الهادي، وزيرة القوى العاملة المصرية السابقة، وقيادات بالحزب الوطني الذي هيمن على الحياة السياسية في البلاد خلال الثلاثين عاما الماضية، وعدد من رجال الأعمال المقربين من النظام السابق، في قضية قتل المتظاهرين يوم 2 فبراير (شباط) الماضي.

وبدأت محكمة جنايات القاهرة بمصر، أمس، أولى جلسات المحاكمة الجنائية للدكتور سرور والشريف بجانب 23 من البرلمانيين أعضاء الحزب الوطني (الحاكم سابقا)، والموالين له وضابطي شرطة، في قضية اتهامهم بمحاولة فض المظاهرات المناوئة لنظام مبارك يومي 2 و3 فبراير (شباط) بميدان التحرير بالقوة والعنف، الأمر الذي ترتب عليه سقوط عشرات القتلى وقرابة 800 مصاب في تلك الأحداث التي عرفت إعلاميا باسم «موقعة الجمل».

وطلبت المحكمة خلال جلستها من جميع المتهمين، بعد النداء على كل متهم على حدة بالاسم داخل قفص الاتهام، الإجابة على ما إذا كان قد ارتكب تلك التهم المسندة إليه أم لا.

ورد المتهمون جميعا بإنكار الاتهامات، وتركزت إجاباتهم جميعا بأنها (الاتهامات) لم تقع من جانبهم على الإطلاق، وأنها محض افتراء، وأنه لا علاقة لهم بهذا الاتهام من قريب أو من بعيد.

وقامت المحكمة بفض أحراز القضية التي تمثلت في 9 أسطوانات مدمجة، وصور ضوئية منسوخة، وتقرير خبير الأصوات باتحاد الإذاعة والتلفزيون، مرفقا به أسطوانتان مدمجتان.

وأثبتت المحكمة حضور الدفاع عن أسرة واحدة لأحد الضحايا المدعين بالحقوق المدنية في القضية، حيث ادعى مدنيا بمبلغ 50 ألف جنيه على سبيل التعويض المؤقت. واستمعت المحكمة إلى طلبات هيئة الدفاع عن المتهمين التي تركزت في طلب منحهم جميعا أجلا لاستكمال الاطلاع على أوراق القضية ومستنداتها، كما طلبوا أن يكون السماح بدخول المحامين في القضية بموجب تصاريح كتابية تفاديا للازدحام الشديد، وهو الطلب الذي عقب عليه رئيس المحكمة بالتأكيد على أن المحكمة ستسمح بحضور محاميين اثنين فقط عن كل متهم في القضية.

وكانت هيئة التحقيق القضائية في «موقعة الجمل» قد أحالت المتهمين الـ25 إلى محكمة الجنايات مطلع شهر يوليو (تموز) الماضي، حيث أسندت إليهم اتهامات تتعلق بقتل المتظاهرين، والشروع في قتلهم لأغراض إرهابية، وإحداث عاهات وإصابات مستديمة بهم، والاعتداء عليهم بالضرب بقصد إرهابهم.

وضمت لائحة المتهمين إلى جانب سرور والشريف، ماجد الشربيني، أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني (المنحل)، ومحمد الغمراوي، أمين عام الحزب الوطني السابق بالقاهرة، ورجل الأعمال عضو مجلس الشعب السابق، محمد أبو العينين.

كما تضم عبد الناصر الجابري، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الهرم والعمرانية، ويوسف خطاب، عضو مجلس الشورى السابق عن دائرة قسم الجيزة، وشريف والي، أمين عام الحزب الوطني بالجيزة سابقا، إلى جانب وليد ضياء الدين، أمين التنظيم بالحزب الوطني بالجيزة سابقا.

كما ضمت قائمة المتهمين المحامي مرتضى منصور، ونجله أحمد مرتضى منصور المحامي، وعائشة عبد الهادي، وزيرة القوى العاملة والهجرة السابقة، وحسين مجاور، الرئيس السابق لاتحاد عمال مصر، وإبراهيم كامل، عضو الأمانة العامة للحزب الوطني، وأحمد شيحة، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الدرب الأحمر، وحسن تونسي، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الخليفة.

وتضمنت لائحة المتهمين أيضا رجب هلال حميدة، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة عابدين، وطلعت القواس، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة عابدين، وإيهاب العمدة، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الزاوية والشرابية، وعلي رضوان، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الساحل، وسعيد عبد الخالق، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة باب الشعرية، ومحمد عودة، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة شبرا الخيمة، ووحيد صلاح جمعة المحامي، ونجل شقيقة مرتضى منصور، وضابطي الشرطة حسام الدين مصطفى حنفي (رئيس مباحث قسم السلام ثان) وهاني عبد الرءوف (رئيس مباحث قسم المرج).

وتضمن أمر الإحالة (قرار الاتهام) أن المتهمين «وهم من أركان النظام السابق، بحكم مواقعهم في الحزب الحاكم أو السلطتين التشريعية والتنفيذية»، أراد فريق منهم عقب خطاب الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، في أول فبراير الماضي، الدفاع عن بقاء مبارك في السلطة، في حين أراد الفريق الثاني «تقديم قرابين الولاء والطاعة»، حتى يستمروا تحت عباءة ورضا النظام السابق، فتلاقت إرادة الفريقين من المتهمين، واتحدت نيتهم من خلال اتصالات هاتفية جرت بينهم على إرهاب وإيذاء المتظاهرين بميدان التحرير، فقاموا بتكوين عصابات إجرامية، وأداروا جماعات إرهابية مسلحة بأسلحة نارية وبيضاء، واشتركوا في قتل المتظاهرين.

وأضاف قرار الاتهام أن المتهمين الـ25 ألفوا جماعات من الخارجين على القانون، جلبوهم من دوائرهم الانتخابية ومن أماكن أخرى، وأمدوهم بالأموال والأسلحة، ووعدوا فريقا منهم بفرص عمل، ووفروا لهم وسائل الانتقال، واتفقوا معهم وحرضوهم على الاعتداء على المتظاهرين سلميا، واصفين المتظاهرين السلميين بالتحرير بـ«العملاء والخونة والمرتزقة»، فاندفعت تلك العصابات والجماعات صوب ميدان التحرير واقتحموه على المتظاهرين، ممتطين الجمال والخيول والبغال، ومتسلحين بالأسلحة البيضاء والعصي والزجاجات.