موسكو تؤكد دعم قرار مجلس الأمن ضد دمشق شريطة عدم تضمنه عقوبات.. وكاميرون: لا مستقبل للأسد

ممثل المعارضة السورية في روسيا لـ«الشرق الأوسط»: لا صحة للقائنا بثينة شعبان وهددنا بإلغاء الزيارة قبل وصولها

الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال لقائهما في الكرملين بموسكو أمس (أ.ب)
TT

أعلنت موسكو أمس عن استعدادها لتأييد قرار مجلس الأمن حول الأوضاع في سوريا شريطة عدم تضمنه فرض أي عقوبات ضد النظام السوري، فضلا عن ضرورة توجيهه إلى كل من طرفي النزاع. وجاء على لسان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بينما أعلنت بثينة شعبان، مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد، أن إجمالي عدد القتلى الذين سقطوا منذ اندلاع الانتفاضة السورية منتصف مارس (آذار) الماضي بلغ 1400 قتيلا من المعارضة ورجال الأمن، وهو أقل بكثير من الرقم الذي أكدته الأمم المتحدة أمس والذي بلغ 2600 قتيل.

وأشار الرئيس ديمتري ميدفيديف في ختام مباحثاته أمس مع ضيفه البريطاني رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى أن «قرار مجلس الأمن الدولي حول سوريا يجب أن يتسم بالصرامة والاتزان في وقت واحد، وأن يكون موجها إلى كل من طرفي النزاع الحكومة والمعارضة على حد سواء، وهو ما يمكن معه وفي هذه الحالة فقط توقع تحقيق النجاح»، على حد تعبيره. وفسر هذا التصريح على أن موسكو قد تحاول دفع الجانب السوري لتقديم تنازلات وأن تضغط في الوقت نفسه على الدول الغربية لتخفيف لهجة مسودة قرار تطالب فيه بفرض عقوبات على الأسد وبعض أقاربه والمقربين منه.

وعاد الرئيس الروسي، أمس، إلى تأكيد موقف بلاده الرافض لاستصدار أي قرار يمكن أن تنجم عنه أي عقوبات مثل تلك التي سبق وفرضتها الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي على النظام السوري، مشيرا إلى أنه «لا توجد الحاجة لممارسة المزيد من الضغوط ضد سوريا وألا يتحول القرار حولها إلى نموذج آخر على غرار القرار 1973 من حيث التطبيق وليس من حيث المضمون»، في إشارة إلى استخدام القوة العسكرية ضد النظام السوري مثلما حدث مع ليبيا.

وفرضت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على سوريا واقترب الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي من فرض حظر على الاستثمار في قطاع النفط السوري لزيادة الضغوط الاقتصادية على الأسد.

غير أن رئيس الوزراء البريطاني كشف عن موقف مغاير لا يتفق مع رؤية الجانب الروسي حيث أشار إلى أن الأسد «فقد شرعيته» وأن بلاده لا ترى مستقبلا له في سوريا، مؤكدا ضرورة رحيله عن السلطة هناك.

وقال كاميرون إن ما حدث في سوريا «لا يمكن قبوله»، كما حذر من مغبة الاستمرار فيما تتخذه السلطات السورية من إجراءات خاطئة ضد المدنيين، مؤكدا ضرورة التوقف عنها.

وكانت موسكو استقبلت أيضا بثينة شعبان مستشارة الأسد للشؤون السياسية والإعلامية على مستوى «متواضع»، فقد التقت المبعوثة السورية مع وفد لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد برئاسة إلياس أوماخانوف، نائب رئيس اللجنة، وميخائيل مارغيلوف رئيس اللجنة والمبعوث الخاص للرئيس الروسي الذي اعتذر عن استكمال اللقاء لارتباطه بالتزامات أخرى. وفي معرض هذا اللقاء أكد الجانب الروسي اهتمام موسكو بالاطلاع على ما يجري من أحداث هناك، مشيرا في نفس الوقت إلى حرص موسكو على دعم العلاقات مع سوريا. كما أكد مارغيلوف في ختام لقائه مع شعبان «لا نريد أن يتكرر السيناريو الليبي في سوريا»، وأعلن أن وفدا من مجلس الاتحاد (المجلس الأعلى في البرلمان) سيزور سوريا قريبا.

بينما قال أوماخانوف، الذي يترأس هذا الوفد «سنلتقي ممثلين عن مختلف القوى السياسية وسنحاول التشجيع على أن يجري الحوار بين الأطراف السورية بشكل سلمي»، وأضاف: «إن هدف روسيا هو تجنب أن يؤدي تدخل خارجي إلى تصعيد أعمال العنف وسقوط الكثير من الضحايا».

ومن جانبها، رحبت المبعوثة السورية برغبة الجانب الروسي في الاطلاع على مجريات الأحداث في بلادها وقالت إنها أيضا مدعوة لإطلاعه على كل التطورات التي تشهدها سوريا. وفي مؤتمرها الذي عقدته في المركز الصحافي لوزارة الخارجية الروسية شنت المسؤولة السورية هجوما ضد بعض القنوات التلفزيونية العربية التي اتهمتها بتأجيج الأوضاع، في الوقت الذي أشادت فيه بمواقف موسكو التي قالت إنها تعد دعما قويا للموقف السوري. كما أكدت عدم استعداد دمشق لإجراء أي حوار مع ممثلي المعارضة ممن قالت إنهم يدعون إلى حمل السلاح.

وبعد أن أشارت إلى العراق وليبيا، نددت شعبان بالتدخل الغربي الذي يؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا «ويشجع التطرف»، وقالت: «نحن الشعب السوري والشعوب العربية نرى أن الغرب لا يرغب في بذل جهود للتوصل إلى حل سلمي» متسائلة: «أين كان الغربيون في العراق حين قتل مليون شخص وحيث لا تزال الخلافات بين السنة والشيعة مستمرة؟»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتابعت «انظروا إلى ليبيا، قبل تدخل حلف شمال الأطلسي كان هناك 20 قتيلا والآن تبلغ الحصيلة 50 ألف قتيل».

أما عن احتمالات لقائها مع ممثلي المعارضة السورية الذين كانوا وصلوا إلى موسكو في نهاية الأسبوع الماضي، فقد أكد عمار القربي، رئيس اللجنة السورية الوطنية لحقوق الإنسان رئيس الوفد الزائر، عدم صحة ما نشرته بعض وسائل الإعلام الروسية حول هذا الموضوع وهو ما اضطرت هذه الأجهزة الإعلامية معه إلى نفي ما نشرته حول هذا الشأن.

وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» كشف الدكتور محمود الحمزة رئيس لجنة دعم الثورة في سوريا وأحد أعضاء وفد المعارضة الذي أجرى مباحثاته مع المسؤولين في موسكو أن الوفد هدد بعدم إتمام زيارته لموسكو ما لم تنف وسائل الإعلام الروسية ما نشرته حول لقاء مرتقب بين المسؤولة السورية بثينة شعبان ووفد المعارضة وهو ما اعتذر عنه المسؤولون في موسكو. وقال: إنه «لم يكن ممكنا الجلوس مع من يرتكبون أفظع الجرائم في حق الشعب السوري».

أما عما قالته المبعوثة السورية في مؤتمرها الصحافي حول أن الحكومة السورية لن تجلس إلى فصائل المعارضة التي تحمل السلاح، قال الدكتور الحمزة إن «الشعب السوري كله يحمل سلاح الصمود والمقاومة»، وأضاف أن «مباحثات وفد المعارضة في موسكو كشفت عن معطيات تقول بتغير في الموقف الروسي»، مشيرا إلى أن «رسالة الرئيس ميدفيديف التي حملها مبعوثه ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسية إلى دمشق كانت شديدة اللهجة بما تضمنته من تحذيرات تقول: إن الرئيس الأسد إذا لم يمتثل لإجراء الإصلاحات اللازمة فسوف ينتظره مصير محزن»، وكان بوغدانوف قد زار دمشق مؤخرا والتقى الأسد لنقل رسالة من ميدفيديف.

ومع ذلك قال ممثل المعارضة إن الأخيرة تدرك أيضا ما تقوم به موسكو من دعم للنظام السوري وإن مستوى التنسيق بين الحكومتين الروسية والسورية «لا يزال قويا»، معربا عن الأمل في احتمالات التغيير. واستشهد الدكتور الحمزة بما قاله أحد أعضاء الوفد الروسي الذي سبق وزار سوريا في بعثة لتقصي الحقائق حول أن رئيس الوفد ألكسندر دزاسوخوف سأل مرافقيه من السوريين عما إذا كانوا يدركون حقيقة ما يجري في سوريا، مشيرا إلى أنهم يبدون وكأنهم يعيشون في عالم آخر.

إلى ذلك، أعلنت مستشارة الأسد أن نحو 1400 شخص، هم 700 شرطي وعسكري وعدد مماثل من «المتمردين» قتلوا في أعمال العنف في سوريا، وهذه الحصيلة التي أعلنتها شعبان هي أول حصيلة رسمية توردها السلطات السورية. وأضافت شعبان في اعتراض على حصيلة الأمم المتحدة «لدينا لائحة بأسماء الضحايا ويمكننا تقديمها».

في المقابل أعلنت مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي قبل ساعات في جنيف أن 2600 شخص قتلوا في قمع المظاهرات في سوريا.

وقالت بيلاي، التي أعلنت هذه البيانات، إن عدد القتلى الذي يفوق أحدث تقديرات الأمم المتحدة بأربعمائة قتيل قائم على «مصادر موثوق بها على الأرض»، دون أن تحدد المصادر. وكانت الحكومة السورية قد منعت فريق التحقيق التابع لبيلاي والصحافيين الأجانب من دخول البلاد.