المدن السورية تنتفض في جمعة «ماضون حتى إسقاط النظام».. و30 قتيلا حصيلة يوم دموي

الجيش يتعقب منشقين في درعا.. وأنباء عن اختباء أكثر من 400 منشق في قرى حوران

جانب من مظاهرة في حي القابون بدمشق أمس
TT

رغم الحملات الأمنية والعسكرية الشرسة على عدة مناطق في سوريا، ولا سيما محافظات حمص وحماه وإدلب، كانت المظاهرات الأكبر التي خرجت أمس في جمعة «ماضون حتى إسقاط النظام»، في تلك المناطق. وأتمت الاحتجاجات السورية التي انطلقت في 15 مارس (آذار) الماضي شهرها السادس أمس، الذي كان يوما دمويا جديدا، قتل فيه 30 مدنيا على الأقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال المرصد إنه في محافظة إدلب قتل 14 شخصا، اثنان منهم في قرية سرجة اعتقلا صباحا ووجدا بعد ذلك في أراضي القرية. وأضاف أنه في قرية كنصفرة قتل شخص كان قد اعتقل أول من أمس، كما قتل آخر في قرية كفر عويد إثر إطلاق رصاص أمس من قبل الأمن. كما عثر على جثث 5 أشخاص في أحراج قرى أخرى بجبل الزاوية. وتحدث المرصد أيضا عن خمسة قتلى في قرية جوزيف اختفوا أول من أمس، وعثر على جثثهم أمس في الأحراج. وقتل أيضا سبعة مواطنين بريف حماه خلال عمليات مداهمات وملاحقات أمنية، وفي مدينة حمص قتل مواطنان اثنان بإطلاق رصاص بعد المظاهرات، وأعيد شخص جثة أمس إلى ذويه بعد اختفائه قبل شهرين. وقال المرصد إن شخصا أصيب يوم أول من أمس بجراح، فارق الحياة أمس، كما قتل مواطنان اثنان بدمشق وثلاثة بريف دمشق.

وقال نشطاء سوريون إن قوات الجيش قتلت ستة مزارعين عندما داهمت قرية في محافظة درعا في جنوب البلاد أمس ضمن عمليات عسكرية متصاعدة تعقبا لمنشقين عن الجيش. وأضافوا أن الهجوم الذي بدأ قبل صلاة الجمعة مباشرة في قرية بصر الحرير قبالة الطريق السريع المؤدي للأردن جاء عقب اشتباكات دارت الليلة الماضية قرب القرية بين منشقين وقوات موالية للأسد، مضيفين أن مئذنة مسجد سقطت بعدما أصيبت بنيران دبابة. وقال مزارع من المنطقة لوكالة «رويترز»، طلب عدم الكشف عن اسمه «القتلى الستة أبناء عمومة وينتمون لعائلة الحريري. هناك نحو 400 منشق (عن الجيش) في المنطقة وكان بعضهم مختبئا في القرية».

وخرجت أمس مظاهرات في عدة أحياء في مدينة حمص التي تتعرض لأعنف وأوسع عملية مداهمات، وفي مدينة إدلب وريفها وجبل الزاوية، حيث تتمركز قوات الجيش، ولم تتخلف حوران عن ركب التأكيد على استمرار الثورة حتى إسقاط النظام. وكانت هناك مظاهرات عارمة في عدة بلدات، وكذلك في محافظة دير الزور وفي ريف دمشق ودمشق العاصمة وفي شمال البلاد.

وتحدى المتظاهرون بخروجهم أمس، الحرب النفسية التي يشنها النظام عبر بث الإشاعات في المواقع الإلكترونية والتسريبات الإعلامية. وقال ناشط في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، في اتصال هاتفي من لندن، إن النظام يروج في صفحات موالية له على موقع «فيس بوك» إشاعة مفادها أن «عددا كبيرا من المسلحين وأعضاء في تنسيقيات وناشطين في المظاهرات قاموا بتسليم أنفسهم للسلطات المختصة عشية الإعلان عن بث اعترافات للضابط المنشق حسين هرموش، وكانت هناك أسباب كثيرة وراء تسليمهم أنفسهم، أهمها أملهم في الحصول على حكم مخفف جراء تسليم أنفسهم وتقديمهم معلومات عن أشخاص مطلوبين للعدالة، كما قام بعض من سلموا أنفسهم طواعية بتسليم مقاطع فيديو للأجهزة المختصة تظهر وجوه قيادات في التنسيقيات، إضافة إلى بعض التسجيلات الصوتية التي تؤكد التعامل مع أفراد من دول عربية».

وقال الناشط إن «طريقة صياغة الخبر والمفردات المستخدمة فيه تؤكد عدم صحته، وإنه جزء من حرب نفسية لإضعاف نفوس الثوار، ولكن الرد جاء عبر الحجم المفاجئ للمظاهرات التي خرجت يوم أمس وبالأخص في حمص وإدلب المناطق التي تتعرض لحملات عسكرية شرسة». وأوضح الناشط أن المتظاهرين أكدوا يوم جمعة «ماضون حتى إسقاط النظام» أن لا عودة عن هدف نيل الحرية.

وفي باب السباع خرجت مظاهرة حاشدة سرعان ما تصدت لها قوات الأمن بالرصاص الحي، مما أسفر عن مقتل محمد الضاهر. وفي حي الخالدية جرى على الفور إطلاق نار كثيف على المتظاهرين أسفر عن عدة إصابات. كما تم إطلاق النار في كرم الزيتون على المتظاهرين، وفي حي المريجة قامت قوات الأمن باقتحام من جهة حاجز الفارابي وبدأت بإطلاق النار على المتظاهرين أسفر عن سقوط قتيل واحد وإصابة آخر بإصابة خطيرة. وقال ناشطون إن عناصر من الأمن والشبيحة استولوا على الأبنية المطلة على شارع العدوية وقاموا بإطلاق النار من الأبنية العالية باتجاه حي المريجة.

وفي ريف حمص خرجت مظاهرات حاشدة في منطقة الحولة وفي مدينة الرستن اللتين تعرضتا الأسابيع الماضية لأكثر من حملة عسكرية عنيفة. وقال ناشطون إن مظاهرات خرجت في مدن وبلدات ريف حمص، وقامت قوات الأمن بإطلاق النار لتفريق المتظاهرين في مدينة القصير القريبة من الحدود مع لبنان. وتحدث ناشطون عن سماع دوي انفجار في وسط بلدة تلبيسة أسفر عن جرح ثلاثة أشخاص، واستمر إطلاق النار لعدة ساعات، مع عملية مداهمات وتمشيط وذلك بعد خروج مظاهرة في حي المسجر الجنوبي سرعان ما قام الأمن بتفريقها.

وفي حوران (جنوب) خرجت عدة مظاهرات في قرى ومدن ريف محافظة درعا تم قمعها بعنف شديد. وقال ناشطون إن الشيخ أحمد الصياصنة، إمام الجامع العمري في درعا البلد، وجه نداء لكل أبناء الشعب السوري بأن التظاهر «فرض عين» على كل سوري قادر ابتداء من اليوم (أمس الجمعة)، وأن «أي خذلان يعتبر خيانة لدماء الشهداء». ولفت الناشطون إلى أن قوات الأمن اعتدت بالضرب على الشيخ الصياصنة بعد «رفضه تهدئة المتظاهرين والرضوخ لتهديداتهم». وكتب ناشطون في موقع «فيس بوك» أن بلدة بصر الحرير في درعا تعرضت أمس لانتشار أمني كثيف مع وجود للجيش والمدرعات، وجرى إطلاق نار طيلة ساعات النهار مع قطع للاتصالات والكهرباء، في حين ذكر ناشطون آخرون أن مئذنة جامع مصعب بن عمير في بلدة بصر الحرير سقطت جراء القصف المتكرر عليها من قبل قوات الأمن والجيش وأنه تم إحراق منزل الناشط إبراهيم الحانوت. كما قتل طفل من أبناء ناصر محمد خير حاج الحريري، خلال اشتباكات شهدتها البلدة أمس.

وفي مدينة الصنمين تم قطع الاتصالات منذ مساء أول من أمس (الخميس) وقامت قوات الأمن والجيش باقتحام المدينة الصنمين صباح أمس وفرض حصار على المساجد القريبة من ساحة الشهداء لمنع خروج مظاهرات، إلا مظاهرة خرجت في الصنمين وقام المتظاهرون بملاحقة قوات الأمن الموجودة في الساحة وطردوهم منها، بعدها اتسع عدد المشاركين في المظاهرة وتم إحراق العلم الروسي وصور الرئيس الأسد مع ترديد هتاف «الشعب يريد إعدام الرئيس»، إلا أن قوات الأمن عادت لتطلق النار على المتظاهرين، وأسفرت عن إصابة نحو 10 أشخاص، اثنان منهم بحالة خطيرة. أما في قرية تسيل فقد قتل أحمد عبد الكريم العودات، جراء إصابته بطلق ناري من قبل قوات الأمن والشبيحة كما أصيب ثلاثة آخرون.

وفي حماه (وسط) وبعد أن روج النظام أنه تمكن من فرض سيطرته عليها ومنع خروج المظاهرات، تم اعتقال نحو 25 شخصا في جامع السرجاوي بمجرد أن رفعوا صوتهم بالتكبير إعلانا لبدء المظاهرة، إلا أن مظاهرة أخرى طيارة نجحت في الانطلاق في حي الحميدية. وعلى الفور تم تفريقها من قبل قوات الأمن والشبيحة، وتم اعتقال سبعة أشخاص. كما خرجت عدة مظاهرات في حي جنوب الملعب، حيث قام الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين في جامع صلاح الدين وعمار بن ياسر بعد تطويقهما. وسجل الناشطون خروج مظاهرات طيارة في مدينة حماه أمس رغم الحصار في عدة أحياء. وفي مدينة السلمية خرجت مظاهرة على دراجات نارية، وحمل المشاركون لافتات تدين المواقف العربية والدولية، وهم يرددون الشعب يريد إعدام الرئيس. كما خرجت مظاهرات في عدة قرى في ريف حماه، تم قمعها بالرصاص الحي، حيث سقط نحو 6 قتلى في قريا حلفايا وحدها.

وفي دمشق حاصرت قوات الأمن والشبيحة المصلين في جامع الحسن لدى انطلاق المظاهرة في حرم الجامع، وهتف المصلون بحماس بالغ لنصرة المقدم حسين هرموش، والشيخ كريم راحج الذي عزل عن الخطابة، هجمت قوات الأمن والشبيحة بالسكاكين والأدوات الحادة على المتظاهرين من الباب الخلفي، فهرب المتظاهرون من الباب الأمامي ليجدوا أمامهم قوات الجيش، فعاد قسم منهم إلى الجامع الذي اقتحم بعد تعرض أبوابه ونوافذه للتكسير وجرى اعتقال وضرب المصلين، والذين تمكنوا من الهروب تمت ملاحقتهم وألقيت باتجاههم قنابل صوتية وقنابل مسيلة للدموع. وفي جامع الغواص في الميدان لم يتمكن الناشطون من الخروج بمظاهرة إلا أن عددا قليلا منهم حاولوا استفزاز الأمن بالهتافات والهروب إلى الحارات.

وفي حي الشيخ محيي الدين في الصالحية قال ناشطون إن مظاهرة خرجت من جامع الشيخ محيي الدين عبرت سوق الجمعة باتجاه قاسيون، بعد صلاة الجمعة، في حين كان بعض رجال الأمن يراقبونهم حتى ابتعدت المظاهرة، ثم تم الهجوم عليهم في موقع التجمع، وجرى إطلاق نار حي على المتظاهرين أسفر عن إصابة ثلاثة وأحدهم تم اعتقاله مع ستة آخرين من أهالي حي الشيخ محيي الدين لا علاقة لهم بالمظاهرة مع صاحب المنزل الذي كانوا يقفون أمامه.

كما قال ناشطون إن مظاهرة خرجت في منطقة كفر سوسة القديمة تم تفريقها فورا، وكذلك في منطقة برزة. وفي القابون وجد ما يزيد على 40 سيارة حكومية، وتم تطويق الجوامع الرئيسية في المنطقة مع التركيز على الجامع الكبير، كما تم نشر عدد كبير من قوات الأمن والسيارات التابعة لها في غالبية الشوارع، ومع ذلك خرجت مظاهرة من جامع التقوى وهاجمت سيارة أمنية المتظاهرين الذين ردوا عليها برمي الحجارة وأصابوا أحد أفرادها، وانفضت المظاهرة قبل أن تصل التعزيزات.

وفي ريف دمشق، خرجت في دوما مظاهرة حاشدة من الجامع الكبير، وقام الأمن بمهاجمتها بإطلاق قنابل مسيلة للدموع وقنابل صوتية لم تمنع المتظاهرين من الاستمرار بالتكبير، كما تحدث ناشطون عن إطلاق نار كثيف ظهر أمس أمام سجن في دوما، مع إلقاء قنابل مسمارية وأخرى صوتية، في حين تناقلت مواقع إلكترونية أنباء عن حصول انشقاق في الجيش في دوما.

وفي بلدة سقبا اقتحم الجيش المدينة قبل صلاة الجمعة وقام بمحاصرة المساجد فيها، في حين خرجت مظاهرة في بلدة عين منين. وفي منطقة نهر عيشة القريبة من منطقة الميدان قال ناشطون إن الفتى محمد درويش (16 عاما) قتل بعد إطلاق النار عليه أمام مسجد أبو هريرة. وكما حاصرت قوات الجيش مدينة التل ولم يتمكن الناشطون من التظاهر. أما في مدينة قارة في القلمون فكان هناك مظاهرة كبيرة انطلقت من جامع بلال وتوجهت إلى الجامع الكبير، دون احتكاك مع الأمن. وفي قدسيا خرجت مظاهرة بعد صلاة الجمعة من مسجد العمري في الساحة الرئيسية، وقدرت أعداد المشاركين بالمئات. وفي داريا قال ناشطون إن قوات الأمن والجيش اقتحمت جامع الفارس قبل انتهاء الصلاة وقامت بإطلاق النار وقنابل مسيلة للدموع على المصلين داخل الجامع، فقام المصلون بالتكبير والهتاف، في حين وقعت أربع إصابات بينها اختناق بين المسنين، بعدها أعطى الجيش مهلة عشر دقائق لإخلال الجامع. وفي كفر بطنا انطلقت مظاهرة حاشدة من الجامع الكبير، وكذلك في رنكوس التي وصلها الأمن يوم أمس لأول مرة هي وقرية عسال الورد اللتان تقعان في منطقة جبلية شديدة الوعورة.

وفي محافظة إدلب، خرجت مظاهرات في قرية جرجناز، كما خرجت مظاهرات حاشدة جدا في مدينة إدلب وبلدة بنش ومدينة معرة النعمان وسجل الناشطون خروج مظاهرات في غالبية قرة ريف إدلب. وفي مدينة حلب قامت قوات الأمن بنشر مكثف لعناصرها في حي الصاخور ترافق مع حملة اعتقالات عشوائية. وفي ريف حلب خرجت مظاهرة حاشدة في تل رفعت وأيضا في منطقة الباب عقب صلاة الجمعة طالبت برحيل الأسد، وتم إثرها اعتقال 9 من المتظاهرين بعد أن قامت قوات الأمن والشبيحة بتفريقها. وفي دير الزور، أعلن مقتل رواد الرشود تحت التعذيب وقدتم دفنه فورا ولم يسمح لأهله برؤيته، وخرجت عدة مظاهرات في مدينة دير الزور وجرى إطلاق نار على المتظاهرين في حي الجورة كما خرجت مظاهرات في مدينة البوكمال وقرى القورية والبصيرة والشحيل. وفي اللاذقية، تحدث ناشطون عن وجود حصار أمني شديد وبكثافة لجامع أبي الدرداء في منطقة الطابيات، وتم منع خروج مظاهرة منه بعد تفريق المتظاهرين بالقوة، كما قامت قوات الأمن بحملة اعتقالات واسعة في منطقة مشروع الصليبة. وفي مدينة بانياس، خرجت مظاهرة من مسجد قرية القرير رغم القمع الشديد.