اليمن: انهيار الهدنة وتجدد الاشتباكات.. والزياني يغادر صنعاء دون نتيجة

مصادر دبلوماسية لـ «الشرق الأوسط»: الأمين العام لم يحمل جديدا ولم يتوصل إلى تسوية

يمني يجلي أحد المصابين الذي سقط أثناء المواجهات بين المحتجين وقوات الامن اليمنية في مدينة تعز أمس (ا.ب)
TT

غادر العاصمة اليمنية، أمس، الدكتور عبد اللطيف الزياني بعد جولة مباحثات فشلت في التوصل لاتفاق ينهي الأزمة الراهنة في البلاد، في وقت انهارت هدنة وقف إطلاق النار، فيما اندلعت مظاهرات عارمة في معظم المحافظات احتجاجا على سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى خلال الأيام القليلة الماضية.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية خليجية في صنعاء أن زيارة الزياني إلى اليمن لم تحقق أي نتائج تذكر على صعيد التزام الطرف الحكومي بتطبيق المبادرة الخليجية وقالت المصادر الخاصة إن الدكتور الزياني لم يحمل معه إلى صنعاء أي مقترحات جديدة، خاصة أنه طلب منه المجيء إلى صنعاء من قبل الطرف الحكومي للتدخل بعد أن اندلعت المواجهات العسكرية المسلحة.

وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الزياني لم يلتق خلال زيارته إلى اليمن لمدة يومين هو وجمال بن عمر، مستشار ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، بأي من قيادات المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك»، وتحدثت المصادر عن تحركات واجتماعات دولية وأممية ستعقد في غضون الساعات الثماني والأربعين المقبلة في نيويورك وغيرها من أجل الوقوف على وضع التطورات الراهنة في المنطقة وبدرجة رئيسية الوضع المتداعي في اليمن، ولمحت المصادر إلى احتمال اتخاذ قرارات دولية حاسمة بشأن تطورات اليمن، بعد أن وصلت المساعي الإقليمية والدولية إلى طريق مسدود.

وكان نائب الرئيس اليمني، الفريق عبد ربه منصور هادي التقى، أمس، في صنعاء أمين عام مجلس التعاون الخليجي قبيل مغادرته بقليل، لكن اللقاء لم يتوصل إلى أي نتيجة، وقالت مصادر رسمية إن لقاء هادي – الزياني «بحث المستجدات على الساحة الوطنية في ظل الظروف الراهنة وطبيعة اتجاهاتها وتفاصيلها»، ونقل عن هادي تناوله لـ«المعطيات المستجدة واللقاءات والمشاورات والاتصالات التي تمت على مختلف الصعد محليا وإقليميا ودوليا»، وتحدث نائب الرئيس اليمني عن توجيهاته «الصارمة» بوقف إطلاق النار، وشدد على «أهمية التجاوب من جميع الأطراف كون اليمن اليوم أصبح على مفترق الطرق وليس هناك من مجال للخروج من الأزمة إلا بالحوار الوطني الصادق والنابع من الحرص الأكيد على أمن واستقرار وسلامة اليمن والخروج الآمن من هذه الأزمة».

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» عن أمين عام مجلس التعاون الخليجي أمنياته في أن يتجاوز اليمن محنته الراهنة، وقال: «اليمن جزء لا يتجزأ من منطقة الجزيرة والخليج ويقع في الجنوب له ما لنا وعليه ما علينا»، وإن زيارته تأتي لـ«استطلاع الوضع السياسي الميداني في اليمن ومدى الجاهزية للولوج في تفاصيل المبادرة الخليجية الأخوية»، وأكد الزياني أنه «متى ما كانت الظروف مواتية فإن الجميع على استعداد لبذل الجهد المطلوب لإزالة التوتر وإحلال الأمن والاستقرار في ربوع اليمن الواحد وباتفاق جميع الأطراف حتى لا يكون هناك أي طرف يشعر بالهضم أو الظلم».

وكان نائب الرئيس اليمني استقبل، أيضا أمس، جمال بن عمر، مستشار ومبعوث أمين عام الأمم المتحدة، وقالت مصادر رسمية إنه «تناول معه طبيعة المستجدات التي أدت إلى تلك التطورات المزعجة»، وكذا الانهماك في «البحث عن المخارج السلمية والآمنة من الأزمة الراهنة التي أتت على الأخضر واليابس وأصبح الصغير والكبير يعاني من ويلاتها»، وقال نائب الرئيس اليمني إن أكثر من 80% من أبناء الشعب اليمني يتجرعون «ويلات هذه الأزمة وليس لهم دخل بمجرياتها أو مسارها أو طبيعة منشئيها بل هو بحاجة ماسة للعمل وتوفير لقمة العيش الكريم إلا أن الخلافات العاصفة بين القوى السياسية بكل جوانبها تعطل تلك الحياة المنشودة».

وقال هادي إن «الجهود الدولية تنصب جمعيها في سبيل البحث عن الخروج من الأزمة السياسية، كون اليمن يعاني من أزمات مستفحلة على المختلف الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية ولا بد من الخروج من هذا النفق بالطرق السلمية ووفقا للتفويض الكامل من فخامة رئيس الجمهورية بالتفاوض على تزمين وتنفيذ المبادرة الخليجية كونها الطريق الوحيد للخروج من الأمن من الأزمة».

من ناحية ثانية، تجددت الاشتباكات في «جولة كنتاكي» بوسط «شارع الزبيري» الرئيسي في صنعاء، وحي القاع المجاور، وقال شهود عيان إن شركة «سبأ فون» للهاتف الجوال التابعة لرجل المال والسياسة، الشيخ حميد الأحمر، تعرضت لقصف من قبل قوات موالية للنظام.

وأشارت المصادر إلى أن قوات صالح قامت بقصف معسكرات تابعة للفرقة الأولى مدرع التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر، وسقوط قتلى وجرحى في القصف، هذا في وقت شهدت مدينة تعز مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين وكذا بين المسلحين المؤيدين للثورة وقوات الحرس الجمهوري.

وشيع مئات الآلاف في صنعاء، جثامين 30 شخصا من قتلى القمع الأمني والعسكري للمتظاهرين في صنعاء خلال الأيام الأربعة الماضية، وذلك من أصل 83 قتيلا سقطوا في تلك الهجمات أو المواجهات التي دارت بين قوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح التي يقودها نجله، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، وبين قوات الفرقة الأولى مدرع التي أعلنت تأييدها وحمايتها للثورة الشبابية، كما تسمى.

إلى ذلك، قطعت القوات الموالية لصالح الطرق التي تربط العاصمة بالمحافظات ومنعت الدخول إلى صنعاء بتاتا، فيما تسمح، فقط، بالخروج من العاصمة، لكن مواطنين تمكنوا من الدخول إلى العاصمة قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن بعض المواد الغذائية يتم السماح لها بالدخول إلى صنعاء ولكن مقابل إتاوات مالية.