أبو مازن يلتقي عشرات الزعماء والمسؤولين.. منهم الضاغط والمؤيد والمتراجع

أوباما قرر لقاء الرئيس الفلسطيني في اللحظة الأخيرة.. وتراجع أشتون عن تهديداتها أثلج صدره

وزير الخارجية التونسي يتحدث إلى الرئيسالفلسطيني (إ.ب.أ)
TT

رغم أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) لم يطلب لقاء أي من الزعماء والمسؤولين الدوليين الذين يشاركون في الدورة الـ66 للجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنه ظل مركز الاهتمام الأول والشخصية المحورية في هذه الدورة التي يطلق عليها البعض «دورة دولة فلسطين». وأرجع مسؤول فلسطيني السبب في هذا الاهتمام غير المسبوق، الذي لم يحظ به أي زعيم آخر، إلى تمسكه بموقفه المبدئي الصلب والواضح في موضوع العضوية والمفاوضات وعدم تراجعه وتردده، رغم الضغوط غير العادية التي تعرض إليها عربيا ودوليا قبل وأثناء انعقاد الجمعية العامة، والتهديدات المبطنة والصريحة على أكثر من صعيد. وأكسب هذا الموقف الرئيس المصداقية وفرض الاحترام.

وكان مقر إقامة أبو مازن في فندق «الملينيوم» القريب من مقر الأمم المتحدة، خلية نحل تعج بالزوار من الزعماء والمسؤولين من مختلف الأجناس. فمنهم من جاء ليشد على يده ويعلن تأييده للمسعى الفلسطيني للمطالبة بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين، ومنهم من جاء في محاولة جديدة لممارسة ضغوط اللحظة الأخيرة لثنيه عن الفكرة، وآخرون جاءوا لتوضيح مواقفهم وسحب تهديدات سابقة والتأكيد على عدم التخلي عن السلطة الفلسطينية والاستمرار في دعمها ماليا، رغم الإصرار على تقديم طلب العضوية الكاملة للأمم المتحدة بعد خطابه المقرر غدا أمام مجلس الأمن الدولي.

التطور الأهم، كان التغيير الذي طرأ على موقف الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي قرر لقاء أبو مازن قبل يوم فقط من اللقاء، وذلك بعدما أعلن ضمنا أنه لن يلتقي أبو مازن بإعلانه مسبقا اللقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعبيرا عن غضبه من الإصرار الفلسطيني على الذهاب إلى مجلس الأمن والإحراج السياسي الذي قد يسببه هذا الإصرار للولايات المتحدة بسبب إصرارها على استخدام حق النقض (الفيتو) رقم 42 ضد قرارات تتعلق بالقضية الفلسطينية، كان آخرها الفيتو ضد قرار يدين الاستيطان في فبراير (شباط) الماضي.

وحسب ما قاله مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» فإن طلب اللقاء نقله إلى أبو مازن، مساء أول من أمس كل من دينيس روس، مستشار أوباما لشؤون الشرق الأوسط، وديفيد هيل، القائم بأعمال مبعوث السلام الخاص. وأضاف المصدر أن أوباما طلب أن يكون اللقاء ثنائيا. وتم اللقاء بين الرئيسين في مقر إقامة أوباما في الساعة السادسة والنصف حسب توقيت نيويورك (العاشرة والنصف بتوقيت غرينتش) ولمدة نصف ساعة، أي حتى الساعة السابعة (الحادية عشرة حسب غرينتش) موعد حفل الاستقبال الذي أقامه أوباما لزعماء العالم وكبار المسؤولين في مكتبة نيويورك العامة، الواقعة عند تقاطع الجادة الخامسة مع شارع 42.

فزاد عدد لقاءات اليوم الأول أي يوم الاثنين الماضي، عن التسعة لقاءات، كان من أهمها اللقاء مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون. ووصف مسؤول فلسطيني اللقاء بأنه كان إيجابيا ويختلف عن اللقاء الأخير في رام الله الذي اتسمت لغتها فيه بالتهديد. وقال المسؤول لـ«الشرق الأوسط»: «إن لغة التهديد اختفت تماما في هذا اللقاء مما أثلج صدر أبو مازن». وحسب المصدر، فإن أشتون أكدت لأبو مازن أن مساعدات الاتحاد الأوروبي المالية لن تتوقف. وأن دول أوروبا ستبقى إلى جانب الفلسطينيين، وأنها تتفهم الخطوة الفلسطينية وتأمل أن تتجدد عملية السلام. وأضاف المسؤول أن «أبو مازن لم يسأل عن التوجه الأوروبي في التصويت». يذكر أن هناك 3 أصوات أوروبية في مجلس الأمن متمثلة ببريطانيا وفرنسا العضوين الدائمين إضافة إلى ألمانيا.

وقال المسؤول إن سماع مثل هذا الكلام من أشتون يعني أن الفلسطينيين لن يواجهوا عزلة سياسية كما تأمل إسرائيل والولايات المتحدة.

وطلب وزير خارجية النرويج جوناس ستور اللقاء مع أبو مازن للتأكيد على موقف بلاده الداعم للخطوة الفلسطينية وقرارها التصويت لصالحه في الجمعية العامة.

وكشف نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، خلال لقائه مع أبو مازن، حسب المسؤول «اللعبة القذرة لتوني بلير ممثل اللجنة الرباعية والأميركيين من خلال نقل موقف روسي مغاير في اللجنة لأبو مازن». وقال المسؤول إن بلير أعطى الانطباع بأن الروس يؤيدون مسودة بيان اللجنة الرباعية التي كانت في غاية السوء، وجاء ريابكوف ليؤكد الدعم الروسي الرافض لأي بيان من هذا القبيل وأفشل الاجتماع.

وتتحدث مسودة البيان عن إسرائيل كدولة للشعب اليهودي. ورغم أنها تتحدث عن حدود 1967، فإنها تقول إنه لا عودة إلى حدود 67. كما تنص المسودة على أن إسرائيل هي التي تقرر متى سيصبح الأمن في الأراضي الفلسطينية مواتيا لها، وهي التي تختار موعد الانسحاب في إطار عملية السلام.

وسارعت اللجنة إلى لملمة القضية، فبعثت بنائب ممثلها أول من أمس حسب مصدر فلسطيني للقاء الدكتور نبيل شعث مفوض العلاقات الدولية في حركة فتح وأحد أعضاء الوفد المرافق لأبو مازن. وأبلغ نائب مبعوث الرباعية شعث، الذي أوضح الموقف الفلسطيني، بأن اللجنة تعكف على وضع مسودة جديدة تكون مقبولة لجميع الأطراف. ولم يتردد النائب بلير في الحديث عن عدم جدوى الخطوة الفلسطينية في مجلس الأمن.

وكان أول لقاء مع أبو مازن مع بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة الذي أكد له أنه سيتدخل في حال حصل خلاف في لجنة العضوية يمكن أن يعرقل سير الإجراءات، وقال إنه سيحلها بشكل مشترك، أما بالنسبة للمماطلات السياسية فلم يعلق عليها.

وكان أهم لقاءات الثلاثاء، اللقاء مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي حضر متأخرا إلى الاجتماع بسبب تأخر اجتماعه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي قال لأبو مازن إن فرنسا لن تصوت إلى جانب الطلب الفلسطيني، ولكنه تحدث عن مبادرة فرنسية دون أن يخوض في التفاصيل. كما رفض إعطاء أي تصريحات للصحافيين عند خروجه من الاجتماع.

وأدى التأخير في اجتماع ساركوزي إلى تأخير اجتماع أبو مازن مع وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ الذي ظل والوفد الكبير المرافق له، ينتظر في غرفة مجاورة إلى حين خروج ساركوزي. وواجه هيغ تأخيرا آخر بعد انتهاء الاجتماع، إذ ظل ينتظر قدوم المصعد قرابة 8 دقائق. ورفض أبو مازن تركه وشأنه رغم طلبه منه ذلك.

ويوم أمس حضر أبو مازن، صباحا، افتتاح جلسات النقاش في الجمعية العامة، بكلمة من الأمين العام وأخرى من أوباما. والتقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والرئيس النمساوي هينز فيشر في مقر الأمم المتحدة. ليختتم اليوم بلقاء أوباما وحضور حفل الاستقبال الذي يقيمه.