أردوغان يعلن تعليق المحادثات مع سوريا والبحث في عقوبات ضد النظام.. ويتهم دمشق بشن «دعاية سوداء» ضد بلاده

أوباما شجعه على إصلاح العلاقات مع إسرائيل

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والزعيم القبرصي (شمال قبرص) درويش إيروغلو (رويترز)
TT

أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده علقت محادثاتها مع سوريا، وقد تفرض عقوبات على دمشق، وقال للصحافيين الأتراك في نيويورك أمس عقب اجتماعه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة «أوقفت المحادثات مع الحكومة السورية. لم أرد بلوغ هذه النقطة، لكن الحكومة السورية اضطرتنا لأخذ مثل هذا القرار». وأضاف «فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سوريا. سيعمل وزيرا خارجية البلدين معا لتحديد العقوبات التي قد نفرضها».

ونقلت وكالة «الأناضول» للأنباء عن أردوغان قوله «نتيجة لهذا التعاون ربما لا تكون العقوبات مشابهة للعقوبات التي فرضت على ليبيا. تختلف العقوبات باختلاف الدولة والشعب والتركيبة السكانية. لذا فإن العقوبات على سوريا ستكون مختلفة. لدينا دراسات أولية للأمر».

وخلال جولة عربية الأسبوع الماضي قال أردوغان إن موقف بلاده تجاه سوريا تغير، وإن أنقرة ستعلن قريبا قرارها «النهائي» بشأن سوريا ليتزامن مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ودعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى جانب حكومات بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الأسد للرحيل، ولكن أردوغان امتنع عن ذلك. لكنه قال للصحافيين في نيويورك «ليست لدينا أدنى ثقة في الحكومة الحالية»، واتهم دمشق بشن «دعاية سوداء ضد تركيا». وأضاف أردوغان أنه سيزور قريبا محافظة هاتاي التركية بجنوب البلاد لتفقد أوضاع المخيمات التي تؤوي نحو سبعة آلاف لاجئ سوري فروا إثر أعمال العنف في بلادهم.

من جهة أخرى، دعا أوباما، الثلاثاء، تركيا وإسرائيل إلى إصلاح العلاقات بينهما والتي تضررت منذ الهجوم الإسرائيلي على أسطول للمساعدات الإنسانية قتل فيه تسعة أتراك في 2010. وقال أحد كبار مستشاري البيت الأبيض إن «الرئيس (أوباما) شدد على اهتمامه برؤية تسوية لهذه القضية بين هذين البلدين الحليفين لنا، وشجعهما على العمل حتى تحقيق هذه الغاية». وأوضحت ليز شيروود راندال، مستشارة الأمن القومي للشؤون الأوروبية في البيت الأبيض، أن أوباما طرح مسألة الجهود التي تبذل «لإصلاح العلاقات بينهما بعد حادث الأسطول المأساوي في مايو (أيار) 2010».

وقال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية طالبا عدم كشف هويته، إن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية، قالت خلال اجتماع مع نظيرها التركي أحمد داود أوغلو «بوضوح، إننا لا نحتاج إلى مزيد من التوتر والاضطراب في هذا الوقت».

وعرضت الولايات المتحدة القيام بوساطة لإنهاء الأزمة التركية الإسرائيلية التي قال محللون إنها قد تؤثر على العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي، لكن تركيا رفضت هذا العرض.

وعقد الاجتماع بين أردوغان وأوباما غداة اعتداء أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وجرح 15 آخرين في وسط أنقرة التجاري. وخلال الاجتماع، عبر أوباما عن «تعازيه الحارة» لأردوغان في ضحايا هذا الهجوم. وأكد أوباما أمام الصحافيين أن الاعتداء «يذكرنا بأن الإرهاب موجود في أمكنة كثيرة في العالم». وأكد أن تركيا «حليف كبير داخل الحلف الأطلسي»، وشكر لأردوغان «كل العمل الذي تم القيام به في أفغانستان» حيث ينتشر 1800 جندي تركي في إطار قوة إيساف التابعة للحلف الأطلسي. كما أكد أوباما أن أردوغان «اتخذ قرارات في شأن موضوعات عدة لتعزيز الديمقراطية»، في إشارة واضحة إلى الدور الذي اضطلعت به أنقرة في الأزمة الليبية والثورات العربية.

من جانبه، أكد أردوغان أن العلاقات بين الولايات المتحدة وبلاده تشكل «شراكة مثالية». إلا أن أوباما وأردوغان لم يشيرا إلى الملف الإسرائيلي الفلسطيني الذي يطغى على جدول أعمال الجمعية العامة هذا الأسبوع في نيويورك، في ضوء قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس تقديم طلب عضوية فلسطين إلى مجلس الأمن الدولي، الجمعة.

إلى ذلك، ذكرت وكالة أنباء «الأناضول» التركية أمس أن أردوغان سلم الولايات المتحدة لائحة تتعلق بطلب مساعدة لمكافحة المتمردين الانفصاليين في حزب العمال الكردستاني. ونقلت الوكالة عن أردوغان قوله في المؤتمر الصحافي «هناك لائحة مطالب سلمناها لهم تتعلق بمكافحة حزب العمال الكردستاني». وأضاف أن «أوباما قال لي إن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم كل دعم لنا في مكافحة الإرهاب».

كما تحدث رئيس الوزراء التركي عن احتمال تمركز طائرات بريداتور أميركية على الأراضي التركية لقصف مواقع حزب العمال الكردستاني. وقال «أعتقد أنه لن تكون هناك مشكلة في ما يتعلق بطائرات البريداتور. إنهم (الأميركيين) سيحاولون تسوية المسألة». وأكد أردوغان أن الولايات المتحدة ستواصل تسليم أنقرة معلومات استخباراتية بشكل فوري حول نشاطات انفصاليي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

وفي موضوع آخر، أكد رئيس الوزراء التركي أن بدء قبرص عمليات التنقيب عن الغاز «جنون»، لكنه استبعد أي تدخل عسكري حاليا. وقال إن «الإدارة اليونانية لقبرص بدأت عملا جنونيا مع إسرائيل عبر استكشافها النفط» والغاز. وفي تصريحات نقلتها وكالة أنباء الأناضول، أكد ردا على سؤال عن وجود خيار عسكري لوقف العمليات «ليس بعد». وتابع رئيس الوزراء التركي أن عمليات التنقيب هذه تعني «تقويض» المفاوضات الجارية بين القبارصة الأتراك في الشمال والقبارصة اليونانيين في جنوب الجزيرة من أجل إعادة توحيدها. وأكد أردوغان أن تركيا ستبدأ قريبا جدا عملياتها للتنقيب في أعماق البحار بمواكبة عسكرية قرب قبرص.

ووقعت تركيا أمس اتفاقا مع جمهورية شمال قبرص التركية غير المعترف بها دوليا يتيح البدء في أعمال تنقيب عن الغاز والنفط في البحر قبالة قبرص، حسبما نقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء. وتم التوقيع على هذا الاتفاق في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ردا على قرار الحكومة القبرصية البدء في أعمال التنقيب عن الغاز. ووقع الاتفاق الذي يحدد المناطق البحرية كل من أردوغان ورئيس جمهورية شمال قبرص التركية درويش ايروغلو.

وينص الاتفاق الذي وقع في نيويورك أيضا على أن حكومة أنقرة مع حكومة جمهورية شمال قبرص التركية تحتفظان بحق التنقيب أيضا قبالة القسم الجنوبي من الجزيرة إذا لزم الأمر، في إشارة إلى أن أعمال التنقيب التي ستبدأ ستكون قبالة القسم الشمالي من الجزيرة. ودعا الاتحاد الأوروبي أنقرة إلى ضبط النفس، في حين دعمت واشنطن موقف الحكومة القبرصية.