مرشح رئاسة الحكومة الليبية لـ«الشرق الأوسط»: أنا بديل للاقتتال المتوقع بين العلمانيين والإسلاميين

الهادي شلوف قال انه تقدم بأوراق ترشحه وتعهد بتأسيس دولة العدالة والقانون

الدكتور الهادي شلوف المتقدم بأوراق ترشحه لرئاسة وزراء ليبيا
TT

حذر الدكتور الهادي شلوف، أحد أربعة مرشحين لرئاسة الحكومة الليبية المنتظرة ممن تقدموا بأوراق ترشحهم للمجلس الانتقالي، من الاقتتال بين علمانيين وإسلاميين وقبائل على خلفية انقسامات على تشكيل الحكومة الجديدة، قائلا في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، إن الاتصالات للتنسيق في هذا الأمر جارية بينه وبين عدد من أعضاء المجلس الانتقالي، مشيرا إلى أن ترشحه جاء بناء على «طلب كثير من الليبيين في جميع أرجاء البلاد»، بسبب الصراع والتطاحن الجاري بين قيادات محسوبة على جهات وتيارات على رئاسة الحكومة.

وحذر شلوف المتخصص في القانون الدولي من «الانقسامات» الحالية على إدارة الدولة بما يهدد مستقبل ليبيا. ومعربا عن أمله في أن يكون ترشحه لشغل الموقع الحكومي الأبرز «بديلا للاقتتال المتوقع بين العلمانيين والإسلاميين»، مضيفا أن من أهم الأسباب التي تقف وراء تقديمه للترشح على شغل موقع رئيس الوزراء، رفضه منذ سنين الانخراط مع أي من «الفصائل المتطاحنة» أو «القبائل المتصارعة».

وتابع شلوف أنه في حال اختياره لرئاسة الوزراء سيبادر على الفور لاختيار وزراء من الليبراليين والإسلاميين وغيرهم على أساس الكفاءة والقدرة على العمل من أجل ليبيا، و«التركيز سيكون على من لم يعمل في الماضي مع نظام القذافي»، وكذا الشروع في الإعداد لبناء الدولة، خاصة الإعداد لانتخابات البرلمان ووضع الدستور والاستعانة في هذا الأمر بخبراء من بلدان إسلامية وعربية وغيرها، إذا تطلب الأمر، وصياغته عن طريق لجنة تتكون من 25 شخصا، على أن يتكون البرلمان المنتظر من مجلسين: «مجلس شيوخ» و«مجلس نواب»، مع وضع حد أقصى لوجود رئيس الدولة في الحكم عبر الانتخاب، بحيث يكون 8 سنوات فقط.

وحذر شلوف من أن أي ضعف من الدولة الجديدة تجاه مسألة حفظ الأمن، سيؤدي إلى أسوأ استخدام للأسلحة التي أصبحت منتشرة في أيدي المواطنين في ليبيا، قائلا إن «القضية ليست انتشار السلاح وإنما القدرة على تأسيس دولة قوية يمكنها مراقبة وحفظ الأمن». ويساند شلوف تولي مدنيين وزارتي الجيش والداخلية، مشيرا إلى أن المصالحة مع القيادات التي كانت موالية للقذافي لن تكون إلا بالقانون والمحاكمة، وأضاف أن «القذافي ذهب إلى مزبلة التاريخ ولم يعد يشكل أي خطر».

وشدد شلوف على أن عملية إعمار ليبيا يجب أن تكون تحت إشراف الحكومة والبرلمان والرقابة القضائية أيضا. وعما إذا كان يرى ضرورة لاستمرار عمليات حلف الناتو لتسعين يوما جديدة، قال شلوف إن «الاحتياجات تتغير» و«المصالح تتغير»، وأي خطوة نتخذها سوف ندرسها أولا وفقا للظروف والمعطيات. وإلى تفاصيل الحوار..

* هل يمكن أن نعرف الجهة التي تحدثت معك في أمر ترشحك لتولي رئاسة حكومة ليبية انتقالية؟

- أولا أنا وجهت صورة من إعلان ترشحي للمجلس الانتقالي، وإلى أبناء الشعب الليبي والاتصالات جارية حاليا مع شخصيات من المجلس الانتقالي حول الموضوع، ولا أريد أن أذكر أسماءهم حاليا. العرض جاء نتيجة للتطاحن الواقع الآن على تشكيل الحكومة من قبل بعض المتسلقين.. والانقسامات التي بدأت تطفو على سطح وواجهة الحياة السياسية في بلادنا، والتي قد تعرضها لاختلافات كبيرة تتجاوز الحوار السياسي، بما يهدد مستقبل ليبيا ويعصف بالبلاد والعباد. بالنسبة لي يعلم الجميع من القيادات الموجودة الآن أنني حتى يومنا هذا لم أنخرط في أي فصيل من الفصائل المتطاحنة، ولا مع أي قبيلة من القبائل المتصارعة. الكل يعرف أن همي الأوحد هو انتصار الثورة وتأسيس دولة مدنية حديثة تقام على أساس دولة القانون والحق والعدل.

* هل لديك شروط مسبقة لنوعية الوزراء الذين ستضمهم إلى الحكومة في حال اختيارك للمنصب؟

- سيكون اختيار الوزراء على أسس موضوعية من أجل بناء ليبيا كدولة تستطيع أن تجد لها مكانا في عالم اليوم.. الاختيار لن يكون على أساس قبلي، وإنما على أساس الكفاءة والقدرة على العمل من أجل ليبيا.. كما إن التركيز سيكون على من لم يعمل في الماضي مع نظام القذافي. ومن أهم الشروط كذلك بطبيعة الحال، ألا يكون عضو المجلس الوزاري قد ارتكب أي جريمة أو انتهاك لحقوق الإنسان ولم يقم بأي ممارسات أدت لفساد في الاقتصاد الوطني..

* لكن كيف ستتعامل مع قضية التنافس بين الليبراليين والإسلاميين والجهويين لتولي مواقع وزارية؟

- إذا سلمنا بمبدأ الكفاءة وشروط عدم انتهاك حقوق الإنسان وعدم المساهمة في الفساد الاقتصادي فإن الحكومة.. أي مجلس الوزراء، سوف تختار من تراه مناسبا من الليبراليين والإسلاميين أو غيرهم، على شرط إيمانهم بمصلحة الوطن واحترام القانون والالتزام بمبادئ العدالة واحترام المواثيق والعهود الدولية في مجال حقوق الإنسان.

* يردد البعض أنك ستستعين، بخبراء عرب أو أجانب للتأسيس للدستور وفرض الأمن وتنظيم الإدارة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ ليبيا؟

- نعم.. لا أرى أي حرج في الاستعانة بخبراء من بلدان إسلامية وعربية وغيرها.. أنت تعرف أنه تمت الاستعانة بالأمم المتحدة وخبراء عرب في التحضير وإعداد الدستور الليبي لعام 1951. بالنسبة للوضع الراهن.. أولا يجب العمل معا من أجل صياغة دستور عن طريق لجنة تأسيسية تتكون من 25 شخصا.. ويجب أن يكون هذا الدستور عصريا يتوافق مع القرن 21 ويوفر ويضمن الحقوق والحريات.. ويجري الاستفتاء على الدستور الجديد من جميع المواطنين والمواطنات الذين تتجاوز أعمارهم 18 سنة. وبعد ذلك نبدأ مباشرة في إقرار قانون للانتخابات، حيث لا بد أن نعمل بعد ذلك على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية، بحيث تقوم هذه الانتخابات تحت إشراف مؤسسات المجتمع المدني الليبي والدولي بكل حرية وشفافية. بالنسبة للبرلمان أقترح أن يتكون من مجلس شيوخ ومجلس نواب، وسوف يحدد قانون الانتخابات المدة الزمنية لدور الانعقاد كل أربع أو خمس أو ست سنوات، وكذا عدد أعضاء مجلسي البرلمان.. كل هذا ستجري حوله مناقشات مع جميع الأطياف الليبية. وكذلك فيما يتعلق بالرئاسة ومدة بقاء الرئيس في الحكم عبر الانتخابات.. مثلا أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.. ولا بد أن يخوض الانتخابات في كل مرة، أي لا تتجاوز مدة بقائه في السلطة 8 سنوات.

* قلت إنه لم يكن لديك انحياز لأي من التيارات الموجودة على الساحة الحالية، فمن تتوقع أنه سيدعمك؟ وما هي الطريقة التي يمكن أن يدعمك بها الشعب الليبي في واقع لا يوجد به انتخابات مباشرة تؤدي لاختيار رئيس للوزراء؟

- يقول البعض ممن تحدثوا إلى إنني ربما أكون البديل لكل المرشحين المطروحة أسماؤهم، لأنني أعتقد أنني قريب من الإسلاميين والعلمانيين حيث إنني إضافة لكوني حاضرا طيلة سنوات في العديد من المؤتمرات الإسلامية، ولي احترامي لدى الدول الإسلامية. وقدمت لي دعوة للمشاركة في المؤتمر الدولي الأول للصحوة الإسلامية يومي 17 و18 سبتمبر (أيلول) من هذا العام، والذي شارك فيه 980 مفكرا إسلاميا و83 دولة بما فها مصر والأزهر الشريف.. مثل هذه المواقف وغيرها كثير تعطي الآخرين الدليل على انخراطي وقربي، كمفكر إسلامي، فيما يتطلع إليه العالم الإسلامي في العصر الراهن وما في هذا العصر من متغيرات متسارعة.. هذا الجانب من الخبرات، وإن شئت قل المؤهلات، أثق في أنها تعكس علاقة طيبة ومصداقية عند الإسلاميين كي يدعموني.

* وماذا عن العلمانيين؟

- بالنسبة للعلمانيين هم يعرفون أيضا توجهي الفلسفي والأخلاقي وحبي للحق والعدل ودولة القانون والحقوق والحريات. ومن ثم فإنني سوف أحظى بتعاون الجميع، لأنني في نهاية المطاف البديل لكل الاتجاهات الأخرى التي ربما سوف تقع في صراع ونزاع يكون مصيره الاقتتال.. ولهذا يقال لي إن حظي كبير في التفاف الجميع حول انتخابي أو اختياري لقيادة البلاد إلى أن تستقر نهائيا. ولهذا أدعو مخلصا جميع الليبيين والليبيات، من شرق ليبيا إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، ومن أجل سلامة بلادنا، فإنني أعرض خدماتي على الشعب الليبي لتشكيل حكومة انتقالية ورئاسة الحكومة ريثما يتم تأسيس الدولة.

* هل لديك وجهة نظر بخصوص الطريقة التي ينبغي التعامل بها مع قضية انتشار السلاح والمصالحة مع أطراف عملت مع نظام القذافي وقضية ما يسمى بالخلايا النائمة التابعة للقذافي؟

- أولا أعتقد أن مسألة السلاح تحتاج إلى تعاون من الشعب. وأرى أن القضية ليست انتشار السلاح وإنما هي القدرة على تأسيس دولة قوية يمكنها مراقبة الأمن وحفظه.. السلاح في حد ذاته لا يشكل خطورة بقدر خطورة عدم وجود الأمن وعدم وجود قوة قادرة على فرض الأمن. حتى الدول التي لا توجد فيها أسلحة، تعم الفوضى حين يغيب عنها الأمن. ولهذا من الممكن للمواطنين الاحتفاظ بالأسلحة بشرط الحصول على تراخيص فيما بعد، ولكن إذا ما كلفت بإدارة الدولة فإنني سوف لن أهتم بجمع الأسلحة، وإنما وضع قوة أمنية قادرة على مراقبة الأمن وفرض الاستقرار. هناك الكثير من الموضوعات التي أطرحها مثل أن تدير الجيش والأمن سلطة مدنية وتحت سلطة رئيس الحكومة وتحت رقابة البرلمان وإشرافه.. أما بالنسبة للتسليح (للجيش والشرطة) فإنه لن يجوز للحكومة في النظام الجديد عقد أي عقود في هذا الجانب إلا بعد موافقة البرلمان.

* وبالنسبة للمصالحة؟

- نحن نقول إنه لا مصالحة من دون قانون أو من دون محاكمة.. فمن اقترف جرما يجب أن يحاكم وهذه قناعة لا يمكن الرجوع عنها. من انتهك حقوق الإنسان وقتل وعذب يجب أن يحاكم. ومن سرق المال العام يجب أن يحاكم (الخ..) ومن ثم فلا مصالحة من دون محاكمة. وأقول لك إنه بخصوص الخلايا النائمة، فأنا لا أعتقد أن هناك خلايا نائمة، وإنما هناك أفراد أو مجموعات قد تقوم برد فعل في حال عدم تحقيق العدالة والمساواة المترقبة من الثورة، وهنا يكمن الخطر، لهذا السبب سوف أعمل كرئيس وزراء، وأراقب الوزراء على تنفيذ القوانين من أجل احترام حقوق الأفراد وتوفير وسائل الحياة الشريفة لجميع المواطنين، وإقرار العدالة وإقرار قانون الضمان الاجتماعي وغيرها من إجراءات تحقق، في الأساس، أهداف الثورة.

* هل تظن أن خطر القذافي انتهى، رغم عدم القبض عليه أو معرفة مكانه حتى الآن؟

- أعتقد أن القذافي قد ذهب إلى مزبلة التاريخ ولم يعد يشكل أي خطر. ولكن ربما هناك من يحاول استغلال عدم القبض عليه لأجل استعمال ذلك لمصالح شخصية أو قبلية أو حتى دولية. لكن الحكومة التي سوف أشكلها إن شاء الله لن ترضخ لمثل هذه المحاولات إذا ظهر أن لها وجودا. سوف تُتخذ جميع الإجراءات التي تعمل على قيام ليبيا الجديدة والعمل على إعمار البلاد وإدخال ليبيا إلى القرن الحادي والعشرين كما ينبغي لها أن تكون.. ومنذ البداية أقول إن عملية الإعمار يجب أن تكون تحت إشراف الحكومة والبرلمان ويجب أن تخضع العملية للشفافية والنقد من الإعلام الحر وأن تخضع في جميع الأحوال إلى الرقابة القضائية في دولة القانون.

* تقرر أن تستمر عمليات حلف الناتو تسعين يوما إضافية. هل ترى ضرورة لذلك؟

- لا يوجد شيء ثابت بكل تأكيد.. فالاحتياجات تتغير والمصالح تتغير. وعندما ترى الحكومة التي سأترأسها أن من مصلحة البلاد اتخاذ أي خطوة فيجب علينا دراستها وفقا للظروف والمعطيات التي تفرضها.