ثوار ليبيا يعدون لهجوم ضخم لإخضاع سرت وبني وليد

30 قتيلا و20 أسيرا من كتائب القذافي في معركة غدامس

ثوار ليبيا يحاولون الاحتماء من قصف مدفعية كتائب القذافي (أ.ب)
TT

يعد ثوار ليبيا لهجوم ضخم لإخضاع مدينتي سرت وبني وليد، وإحكام السيطرة على باقي الواحات النائية حول سبها في أقصى الجنوب، من أجل سرعة الإعلان عن تحرير ليبيا، مما يؤهل الحكام الجدد لتشكيل حكومة، لكن المصادر قالت إن هجوما مباغتا لكتائب القذافي على مدينة غدامس القريبة من حدود ليبيا مع تونس والجزائر، تسبب في ارتباك في خطط الثوار، على الرغم من تصديهم للهجوم وسقوط نحو 30 قتيلا و20 أسيرا من كتائب العقيد الليبي معمر القذافي، ومقتل وإصابة واختطاف آخرين من غدامس.

وسادت تكهنات أمس بين عدد من المراقبين الليبيين عن أن الهجوم المباغت الذي شنته على مدينة غدامس قوات الكتائب الأمنية التابعة للعقيد الليبي المختفي، تهدف إلى تخفيف الحصار الذي تفرضه قوات الثوار على مدينتي سرت وبني وليد منذ عدة أسابيع دون أن تتمكن من إخضاعهما لسيطرة المجلس الانتقالي الذي يدير البلاد منذ نحو ثمانية أشهر.

وأفادت مصادر أخرى أن التحركات الحثيثة من قبل قوات القذافي في المنطقة المتاخمة للحدود مع الجزائر ربما كانت تهدف أيضا إلى تهريب قيادات موالية للعقيد الليبي التي سبق أن فر إليها عدد من أفراد أسرته.

وقال قيادي بالمجلس المحلي لمدينة غدامس لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف إن قوات القذافي هاجمت البلدة الواقعة غرب ليبيا على الحدود مع الجزائر فجر أمس، من الشرق، مما أدى حتى الظهر، إلى مقتل سبعة من الثوار على الأقل وجرح أكثر من عشرين آخرين. وأضاف أن كتائب القذافي مكونة من عناصر من قبائل الطوارق ومرتزقة من مالي وموريتانيا، وخلايا نائمة تتكون من عناصر موالية للقذافي في المدينة، وأن «طائرة دعم تابعة للثوار وصلت للمدينة للمساعدة في طرد المعتدين.. نعتقد أن سبب الهجوم عملية تمويه لهروب القذافي، أو أحد أبنائه».

وغدامس واحة تبعد 543 كيلومترا جنوب غربي العاصمة الليبية، وبها مطار صغير للطائرات، وعدة طرق تربطها بطرابلس وكل من الحدود مع تونس والجزائر. وهي نقطة حيوية بالنسبة للمهربين وتجار الأسلحة والمخدرات، كما توجد خلافات قديمة بين عائلات كبيرة فيها، وعائلات من منطقة درج والزنتان.

وأعلنت اللجنة الإعلامية لمدينة غدامس قبل هجوم أمس بساعات أن «مجموعة مجهولة قامت بخطف 11 شخصا من أفراد المجلس المحلي لمدينة غدامس وعلى رأسهم رئيس المجلس ومجموعة من القادة العسكريين للمدينة».

وهذه ليست المرة الأولى التي تبادر فيها قوات للقذافي بالهجوم على مواقع تخضع لسيطرة الثوار منذ سقوط العاصمة طرابلس في يد الثوار يوم 22 أغسطس (آب) الماضي. فمنذ نحو ثلاثة أسابيع، حاولت عناصر من الكتائب الأمنية تفجير مصفاة نفط البريقة ونصبت أكمنة لقوافل من الثوار على طرق حيوية منها طريق مصراتة وطرابلس، إضافة إلى عمليات خداع مستمرة تقوم بها كتائب القذافي وخلايا مناصرة له، على مشارف بني وليد وسرت.

وقال أحمد باني المتحدث باسم المجلس الانتقالي، إن قوات المجلس في غدامس صدت هجوما لقوات القذافي، وسيطرت على المنطقة، بينما أفاد شهود عيان أن قناصة من الثوار انتشروا أعلى أسطح المباني في البلدة لحماية المدنيين من أنصار القذافي الذين استخدموا في الهجوم أنواعا مختلفة من الأسلحة منها الكلاشنيكوف ومضادات الطائرات. وبالنسبة لخسائر القذافي، فقد قال مراسل موقع «ليبيا اليوم» إن هناك «أكثر من 20 أسيرا من المرتزقة وأكثر من 30 قتيلا من المرتزقة من جنسيات مالي وموريتانيا».

يأتي هذا في وقت يتواصل فيه القتال لبسط السيطرة الكاملة على مدينة سرت مسقط رأس العقيد الليبي المخلوع. وأفادت المعلومات أمس أن الثوار يواصلون تطويق المحور الجنوبي، وأن أكثر من 50 من الثوار سقطوا قتلى على الجبهة الغربية للمدينة بينهم عدد من القادة الميدانيين، وأن الثوار تمكنوا من السيطرة على البوابة الشرقية لسرت والوصول إلى منطقة الدوران بالمدينة، حيث أصبح الثوار يسيطرون على المنطقة السكنية والمطار.

وما زال الجمود يسيطر على جبهة بني وليد، وهي المدينة الواقعة جنوب طرابلس بنحو 150 كيلومترا. وكشف محمد تنياز وكيل وزارة الدفاع في المجلس الوطني الانتقالي عن وصول تعزيزات عسكرية للمقاتلين المرابطين على أطراف المدينة، قائلا لراديو «سوا» أمس إن الثوار عثروا على أسلحة يشتبه في أن تكون محظورة بمنطقة الجفرة جنوب شرقي طرابلس عبارة عن مخزن لمواد كيماوية صفراء، وإنه تم استدعاء الخبراء الليبيين لتحديد ماهية تلك المواد.

على صعيد متصل قال محمود مساعد حنتوش القيادي في ثورة 17 فبراير إن عمليات نقل الأسلحة من طرابلس إلى مناطق في الوسط الليبي، التي ترددت أنباء عنها وأصبحت مثار تساؤل أخيرا، وصلت عبر شاحنات إلى جبهات القتال في سرت، مشيرا إلى أن أكثر من خمسة آلاف متطوع من المقاتلين توجهوا لتحرير سرت، وكانوا يفتقرون إلى العتاد العسكري، وأن مدربين من مصراتة والزنتان وبنغازي يشرفون على إعداد أولئك المقاتلين للاشتراك في تحرير كل من سرت وبني وليد.

ووفقا لناشطين ليبيين، ما زالت أصوات لأنصار القذافي تتردد عبر أثير إذاعات محلية ذات تردد محدود جنوب شرقي وجنوب غربي العاصمة. وقال عبد الله إبراهيم علي، وهو مدون من جنوب طرابلس، في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن أنصارا للقذافي زعموا عبر إذاعة محلية يسيطرون عليها أنهم قصفوا أمس قوات لثوار الزنتان كانت في طريقها من منطقة مزدة إلى بني وليد. وأشار علي إلى العديد من البيانات التي بثها أنصار القذافي عن تفجيرات وأكمنة ضد قوات الثوار، لكن لم يتسن التأكد من صحتها.