«الربيع العربي» يفرض نفسه على الجمعية العامة

المعلم يلقي خطاب سوريا اليوم

محمود جبريل يلقي كلمته أثناء افتتاح اعمال الجمعية العامة الـ 66 (أ.ب)
TT

يلقي وزير الخارجية السوري وليد المعلم خطاب بلاده أمام الجمعية العامة اليوم، في وقت تدور فيه تساؤلات حول الخطوات المقبلة في سوريا ومستقبل الاحتجاجات الشعبية فيها.

وبينما يتوقع أن يؤكد المعلم على عزم حكومته القيام بالإصلاح في خطابه، تواصل الولايات المتحدة جهودها مع الدول الأوروبية لإقناع مجلس الأمن بالبحث في عقوبات جديدة ضد سوريا. والاهتمام بسوريا في الجمعية العامة يأتي ضمن نطاق أوسع من الاهتمام بوضع الدول العربية وما تمر به من تقلبات منذ بداية العام الحالي والتي تفرض تغييرات وإصلاحات عليها.

ولم تخل خطابات القادة العرب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في السنوات الماضية عن التنمية والإصلاح لكنها عادة ما كانت تصريحات تجميلية على مسرح دولي، يتنافى مع الواقع على الأرض. ولكن الدورة الـ66 للجمعية العامة هذا العام شهدت خطابات تطرقت إلى الواقع الذي فرضته شعوب عربية وخاصة الشعوب التونسية والمصرية والليبية. وكانت خطابات قادة عرب وقادة دول قريبة إلى المنطقة مثل تركيا وبعيدة كل البعد الجغرافي عنها مثل البرازيل هذا العام أمام الجمعية العامة كلها تشير إلى التطورات التاريخية في الدول العربية هذا العام. وبالإضافة إلى التصريحات والخطابات العلنية، بحثت الوفود العربية أوضاع بلدنها في اجتماعات عدة مع باقي الوفود. ومن بين هذه الاجتماعات اجتماع وزراء خارجية دول الجامعة العربية بالإضافة إلى اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، بالإضافة إلى الاجتماعات الثنائية. وأفاد مسؤول أميركي رفيع المستوى أن اجتماع وزراء الاتحاد الأوروبي مع كلينتون في عشاء عمل سنوي يعقد على هامش الجمعية العامة تركز بشكل شبه كلي على ما يدور في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخاصة ما يسمى بـ«الربيع العربي».

وكان هناك اهتمام بالغ خلال اجتماعات الجمعية العامة في وضع تونس ومصر وليبيا بعد الثورات، حيث مثلها مسؤولون جدد للمرة الأولى. وفي خطابه أمام الجمعية العامة، قال وزير خارجية مصر محمد كامل عمر أول من أمس إن «مصر تظهر بوجه جديد وبملامح جديدة»، متجهة إلى تحقيق الطموحات وبناء دولة سيادة القانون. وأضاف: «مصر تتقدم وهي مصرة على إكمال عملية الانتقال»، مطالبا بدعم باقي الدول. وحرص على تقديم التحية لشعبي تونس وليبيا، قائلا إن «تونس سرعت مجيء الربيع العربي». وعبر عن «التضامن الأخوي» مع ليبيا والاستعداد لمساعدتها.

وقدمت دول عدة نصائح للدول العربية حول مرحلة الانتقال المقبلة، على رأسها دولتا المجر وجمهورية التشيك اللتان انتقلتا من الشيوعية إلى ديمقراطيات ليبرالية. وحذر الرئيس التشيكي فاكلاف كلاوس: «أريد أن أشدد على أن التغيير المنظم لا يمكن أن يحدد أو يتفق عليه في المؤتمرات الدولية، ولا يمكن أن يحصل عليه كأنه استثمار أجنبي». وأضاف في خطابه أمام الجمعية العامة: «إنه مهام داخلية تعتمد على سلسلة من السياسات وليست سياسة واحدة للتغيير». أما الرئيس المجري بال شميت فقد قال إن التحديات كثيرة ستواجه الدول العربية، وإن بلاده مستعدة للمساعدة في نقل التجارب والدروس من الأخطاء. وقال: «نحن قادرون ومستعدون لتقديم تجربتنا وتقديم آلية للحكم الرشيد والتغيير الديمقراطي».

وبالطبع فإن «الربيع العربي» كان جزءا مهما من خطابات الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال الأسبوع الماضي مع التشديد على دور بلديهما في دعم ليبيا في مواجهة ثوارها للزعيم الليبي معمر القذافي. أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون فقد قال إن «الربيع العربي أتاح فرصة هائلة لنشر السلام والازدهار والديمقراطية والأمن ولكن فقط إذا استطعنا الاستفادة منه». واعتبر أن ذلك يشكل تحديا للأمم المتحدة نفسها، موضحا: «يمكنك أن توقع كل إعلان لحقوق الإنسان في العالم ولكن إذا كنت تقف وترى الناس يقتلون في دولهم عندما كنت تستطيع أن تتحرك، فما معنى تلك التواقيع». وأضاف: «يجب أن تظهر الأمم المتحدة أن بإمكاننا أن نكون ليس فقط متحدين في الإدانة بل أيضا في العمل معا من أجل الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة والاهتمام باحتياجات الشعوب حول العالم». ومع انتهاء خطابات النقاش العام أمام الجمعية العامة غدا ومغادرة الوفود من 193 دولة لنيويورك هذا الأسبوع، تبقى الأمم المتحدة أمام معضلة معالجة التحديات في العالم العربي، من ليبيا وسوريا واليمن إلى الملف الأبرز وهو ملف إقامة دولة فلسطين. وكان من الواضح أن مستقبل فلسطين جزء لا يتجزأ من الصحوة العربية ومطالبة الشعوب بالاعتراف بحقوقها. وبعد أن ألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة يوم الجمعة الماضي وقدم طلبه للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للانضمام للأمم المتحدة، تزداد الضغوط على المنظمة الدولية لتكون أكثر فعالية في التعامل مع هذه القضية. ويبحث مجلس الأمن اليوم في الساعة الثالثة عصرا بتوقيت نيويورك طلب السلطة الفلسطينية الانضمام إلى الأمم المتحدة، ومن المتوقع أن تكون تلك المشاورات جزءا من جهد أوسع في الأمم المتحدة للعب دور أكبر خلال الفترة المقبلة في حل النزاع العربي - الإسرائيلي.