بقرارين تاريخيين.. الملك يحجز مقعد المرأة بـ«الشورى» ويدخلها المنافسة على «المجالس البلدية»

خادم الحرمين مخاطبا أعضاء المجلس: نرفض تهميش دور المرأة.. والتحديث المتوازن مطلب مهم في عصر لا مكان فيه للمترددين

خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدى إلقائه أمس خطابه في مجلس الشورى (واس)
TT

في بادرة تاريخية، أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قرارين مهمين، يقضي أولهما بإدخال المرأة عضوا في مجلس الشورى السعودي (كامل العضوية)، ابتداء من الدورة المقبلة للمجلس، والتي ستبدأ في عام 2013، ويعطي الآخر الحق للمرأة في الترشح لعضوية المجالس البلدية، وذلك بعد أن غابت عن الدورة الثانية.

وبهذين القرارين السياسيين، يحجز الملك عبد الله بن عبد العزيز، مقعدا للمرأة في الشورى، ويعطيها الحق في المنافسة على مقاعد المجالس البلدية، ليفتح المجال أمامها لممارسة العمل التشريعي والبلدي إلى جانب الرجل، وفقا للضوابط الشرعية، بحسب ما هو محدد في القرارين.

وجاء إعلان الملك عبد الله بن عبد العزيز، عن هذا الأمر، في الكلمة التي ألقاها في حفل افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى.

وقاطع أعضاء مجلس الشورى كلمة خادم الحرمين الشريفين، بتصفيق حار، وتحديدا خلال الإعلان عن قراري فتح المجال أمام المرأة للحصول على تمثيل في الشورى والمنافسة على مقاعد الانتخابات البلدية.

وأكد خادم الحرمين الشريفين رفضه القاطع لمحاولات تهميش المرأة في المجتمع السعودي، معتبرا أن التحديث المتوازن «مطلب مهم في عصر لا مكان فيه للمتخاذلين والمترددين».

واستذكر الملك عبد الله بن عبد العزيز، في بداية كلمته الأولى التي ألقاها في حفل افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى، كفاح الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، في مشروع تأسيس الدولة، قائلا «إن كفاح والد الجميع الملك عبد العزيز مع أجدادكم - يرحمهم الله - أثمر وحدة القلوب، والأرض، والمصير الواحد، واليوم يفرض علينا هذا القدر أن نصون هذا الميراث، وألا نقف عنده، بل نزيد عليه تطويرا يتفق مع قيمنا الإسلامية والأخلاقية».

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، قد رعى ظهر أمس اللقاء السنوي للسنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى.

وكان في استقبال الملك لدى وصوله إلى مقر المجلس، الأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة، ورئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، قبل أن يعزف السلام الملكي.

وجاء نص الكلمة التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين في الاحتفال، على النحو التالي:

«بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين..

أيها الإخوة الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

يسعدني أن ألتقي بكم في افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى، سائلا الحق تعالى أن يوفقكم في أعمالكم.

أيها الإخوة والأخوات شعب المملكة العربية السعودية.. إن كفاح والد الجميع الملك عبد العزيز مع أجدادكم - يرحمهم الله - أثمر وحدة القلوب، والأرض، والمصير الواحد، واليوم يفرض علينا هذا القدر أن نصون هذا الميراث، وألا نقف عنده، بل نزيد عليه تطويرا يتفق مع قيمنا الإسلامية والأخلاقية..

نعم.. هي الأمانة والمسؤولية تجاه ديننا، ومصلحة وطننا، وإنسانه، وألا نتوقف عند عقبات العصر، بل نشد من عزائمنا، صبرا، وعملا، وقبل ذلك توكلا على الله - جل جلاله - لمواجهتها.

إن التحديث المتوازن، والمتفق مع قيمنا الإسلامية، التي تصان فيها الحقوق، مطلب مهم، في عصر لا مكان فيه للمتخاذلين، والمترددين.

يعلم الجميع أن للمرأة المسلمة في تاريخنا الإسلامي مواقف لا يمكن تهميشها، منها صواب الرأي، والمشورة، منذ عهد النبوة، ودليل ذلك مشورة أم المؤمنين أم سلمة يوم الحديبية، والشواهد كثيرة مرورا بعهد الصحابة، والتابعين، إلى يومنا هذا..

ولأننا نرفض تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي، في كل مجال عمل، وفق الضوابط الشرعية، وبعد التشاور مع كثير من علمائنا في هيئة كبار العلماء، وآخرين من خارجها، والذين استحسنوا هذا التوجه، وأيدوه، فقد قررنا التالي:

أولا: مشاركة المرأة في مجلس الشورى عضوا اعتبارا من الدورة القادمة وفق الضوابط الشرعية.

ثانيا: اعتبارا من الدورة القادمة يحق للمرأة أن ترشح نفسها لعضوية المجالس البلدية، ولها الحق كذلك في المشاركة في ترشيح المرشحين بضوابط الشرع الحنيف.

من حقكم علينا - أيها الإخوة والأخوات - أن نسعى لتحقيق كل أمر فيه عزتكم وكرامتكم ومصلحتكم.. ومن حقنا عليكم الرأي والمشورة، وفق ضوابط الشرع، وثوابت الدين، ومن يخرج عن تلك الضوابط فهو مكابر، وعليه أن يتحمل مسؤولية تلك التصرفات.

هذا وأسأل الله لنا جميعا العون والعزة والتمكين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

وكان كل من نائب رئيس المجلس ومساعد الرئيس والأمين العام، قد تشرفوا بالسلام على خادم الحرمين الشريفين، بعد وصوله إلى مقر الحفل، كما صافح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، وعددا من العلماء والمشايخ. وكان خادم الحرمين الشريفين قد صافح أعضاء مجلس الشورى، عقب فراغه من إلقاء كلمته، قبل أن يعزف السلام الملكي، ثم غادر خادم الحرمين الشريفين مقر مجلس الشورى مودعا بمثل ما استقبل به من حفاوة وتكريم.

حضر الحفل الأمير متعب بن عبد العزيز، والأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والأمير خالد بن فيصل بن سعد، والأمير فيصل بن محمد بن سعود الكبير، والأمير محمد بن سعد بن عبد العزيز مستشار وزير الداخلية، والأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة، وعدد من الأمراء، والمفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وعدد من العلماء والمشايخ والوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى السعودية.