من هي أم سلمة التي استشهد بها خادم الحرمين في خطابه؟

مستشارة النبي.. تفتح للسعوديات فرصة الجلوس تحت القبة

صورة عامة للحضور بمجلس الشورى أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

كان لافتا إشارة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، في خطابه، أمس، بمجلس الشورى السعودي لمشورة أم المؤمنين أم سلمة في صلح الحديبية قائلا: «إنه للمرأة المسلمة في تاريخنا مواقف لا يمكن تهميشها منها, سواء بالرأي والمشورة منذ عهد النبوة تيمنا بمشورة أم المؤمنين أم سلمة يوم الحديبية، والشواهد كثيرة، مرورا بالصحابة والتابعين حتى يومنا هذا».

«أم سلمة» هي هند بنت سهيل المعروف بأبي أمية بن المغيرة, قرشية مخزومية, التي عدت مستشارة الرسول السياسية في صلح الحديبية, بعد أن كان لها رأي صائب عقب الأزمة النفسية التي طالت كبار الصحابة إثر شروط «صلح الحديبية» وعودتهم للمدينة دون دخول مكة, التي اعتبرها المسلمون حينها نوعا من الذلة، فكانت مشورتها سببا في حفظ كيان الجماعة من التصدع، بعد أن رفض أولا جل الصحابة شروط «صلح الحديبية».

وجنبت أم سلمة، التي استشهد خادم الحرمين في إعلان قراره التاريخي بها، بمشورتها المجتمع الإسلامي عقوبة أو غضبا إلهيا جراء رفض كبار الصحابة لأمر الرسول الكريم, مخرجة جماعة رسول الله، برجاحة عقلها وصواب مشورتها، وكل المسلمين، من هذا المأزق.

وفي سرد تاريخي عن هذه المرأة، ذكر البخاري في صحيحه أن رسول الله، صلى الله عليه وآله، خرج في السنة السادسة للهجرة يريد العمرة مع ألف وأربعمائة من أصحابه، فأمرهم أن يضعوا سيوفهم في القرب، وأحرم هو وأصحابه بمنطقة تسمى بـ«ذي الحليفة»، وقلدوا الهدي ليعلم قريشا أنه إنما جاء زائرا معتمرا وليس محاربا، ولكن قريشا بكبريائها خافت أن يسمع العرب بأن محمدا دخل عنوة إلى مكة وكسر شوكتها، فبعثوا إليه بوفد يرأسه سهيل بن عمرو بن عبد ود العامري، وطلبوا منه أن يرجع في هذه المرة من حيث أتى، على أن يتركوا له مكة في العام المقبل ثلاثة أيام، وقد اشترطوا عليه شروطا قاسية قبلها رسول الله لاقتضاء المصلحة، التي أوحى بها إليه ربه عز وجل.

ولكن بعض الصحابة لم يعجبهم ذلك، وعارضوا النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك معارضة شديدة، وجاء عمر بن الخطاب فقال: «ألست نبي الله حقا؟ قال: بلى، قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قال عمر: فلمَ نعطي الدنية في ديننا إذن؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري، قال عمر: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى؛ أفأخبرتك أنا نأتيه العام؟ قال عمر: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به، ثم أتى عمر بن الخطاب إلى أبي بكر، فقال: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا؟ قال: بلى، ثم سأله عمر نفس الأسئلة التي سألها رسول الله، وأجابه أبو بكر بنفس الأجوبة قائلا له: أيها الرجل، إنه لرسول الله، وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه، ولما فرغ رسول الله من كتاب الصلح، قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا، فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يمتثل لأمره منهم أحد، دخل على أم سلمة.

وفي خضم تلك الأحداث ظهر دور أم سلمة، مستشارة الرسول، عقب أن دخل عليها غاضبا من رفض الصحابة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت: يا رسول الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَكَ، وتدعو حالقك فيحلقك. فقام الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج، فلم يكلم أحدا حتى نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا إبلهم، وجعل بعضهم يحلق لبعض.