النظام السوري يرتكب مجزرة في القصير قرب حمص.. ويرسل تعزيزات عسكرية إلى الرستن

فرار 40 مجندا في إدلب.. واغتيال رئيس قسم الجراحة بمستشفى حمص

صورة بثتها مواقع معارضة لعربة مدرعة تابعة للجيش السوري تتمركز وسط درعا أمس
TT

في حين استمرت المظاهرات المطالبة بسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في عدد من المدن السورية أمس، أرسلت السلطات تعزيزات عسكرية وأمنية إضافية لمدينتي الرستن والقصير قرب حمص في وسط البلاد لمواجهة المحتجين، فيما انتشرت عناصر الأمن في دوما بريف دمشق.

ومنذ بعد ظهر الجمعة، تعيش منطقة القصير في ريف حمص، قريبا من الحدود مع شمال لبنان، أجواء حرب مرعبة؛ فبعد مظاهرة حاشدة في جمعة «توحيد المعارضة» تصاعدت الأحداث على نحو خطير مع ورود أنباء عن انشقاق في الجيش.

وتعرضت المدينة ليلة الجمعة وفجر السبت لقصف عنيف في الحي الغربي مع وصول تعزيزات عسكرية، بلغت بحسب مصادر محلية نحو 136 آلية عسكرية بينها أكثر من ثلاثين دبابة و33 سيارة «زيل»، وامتدت الملاحقات بالحي الغربي، حيث فر مئات الشباب من الأهالي إلى مناطق البساتين والقرى في منطقة غرب العاصي. وأوردت تنسيقية القصير معلومات عن وقوع «مجزرة؛ إذ شوهدت في اليوم التالي قطع متناثرة من أشلاء بشرية على ضفة نهر العاصي، ودماء كثيرة».

وقدر عدد المفقودين بأكثر من مائة شاب، وعدد القتلى بنحو ثلاثين، عرف منهم نحو أحد عشر قتيلا في القصير. وقال مسؤول في تنسيقية مدينة القصير في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من لندن إن «أسماء الشهداء الذين تم التعرف على جثامينهم في براد المشفى العسكري حتى بعد ظهر اليوم (أمس) النقيب المهندس معن عبد الكريم الكنج، الذي واجه بضراوة مع نحو أربعمائة شاب آليات الجيش عند غرب العاصي، ومن الشهداء أيضا مالك عبد الكريم الزهوري ومحمود عبد الكريم الزهوري ورائد حسيان ومجدين خضر ناصر ومحمود غازي عودة وعبد الجواد عبد الله جمول والمهندس يثرب عبد الهادي الزهوري وشقيقه الطبيب البيطري غيدان عبد الهادي الزهوري والطفل عدنان محمود عبد الكريم الزهوري (16 عاما)، بالإضافة إلى ثلاثة شهداء سقطوا السبت في قرية تل النبي مندو»، وأضاف أن «عدد المعتقلين قدر بالمئات وبينهم مصابون»، وتوقع المسؤول في التنسيقية «مزيدا من التصعيد مع تنامي حالة الغضب وفورة الدم في المدينة بعد استشهاد نخبة من خيرة الشباب».

وأضاف المسؤول في التنسيقية أن «أشلاء الشهداء وضعت في ثلاثة أكياس في المشفى العسكري، وكانت هناك صعوبة كبيرة في التعرف عليهم»، كما أشار إلى وجود بقايا من الأشلاء متناثرة عند ضفة نهر العاصي، مشيرا إلى أن «بينهم شباب كثر كانوا في بساتينهم نتيجة الملاحقات الدائمة لهم من قبل قوات الأمن والشبيحة، وهم من الناشطين في التظاهر السلمي ولا يحملون السلاح»، لافتا إلى أن «عملية انتقامية بشعة مارسها النظام بحقهم؛ فالاشتباكات كانت بين المنشقين بالجيش مع الجيش والأمن، إلا أن عمليات القتل لن تستثني أهالي المنطقة، وسقط عدد كبير من الشباب الأبرياء» وقال إن «المظاهرات التي خرجت في مدينة القصير حافظت على سلميتها، ولكن النظام أراد ومنذ اللحظة الأولى إشعال الفتن الطائفية وكان يدفع الناس إلى حمل السلاح»، مختتما: «النظام ارتكب مجزرة حقيقة».

وفي مدينة الرستن في ريف حمص، تصاعد التوتر أمس، وأصيب اثنان على الأقل بإطلاق رصاص عشوائي، وتحدثت مصادر محلية عن وصول تعزيزات أمنية وعسكرية جديدة إلى المنطقة، وأنه تم «تطويق مدينة الرستن بثلاثة أرتال من الدبابات من جهة دير فول شرقي مدينة الرستن وراحت تمشط المزارع، ومن جهة الشمال من طريق حماه مفرق براق تحركت الدبابات لتصل إلى مشارف المدينة، كما وصل رتل دبابات بقوام لواء وجرى إطلاق نار كثيف». فيما أعلن ناشطون على موقع «فيس بوك» أن ما تسمى «(كتيبة خالد بن الوليد) مستعدة للمواجهة في الرستن مع وصول عدد الجنود المنشقين المنضمين إليها إلى 270 جنديا».

وكانت مدينة الرستن التي ينتمي إليها عدد كبير من المجندين في الجيش السوري قد شهدت في أوقات سابقة انشقاقات في صفوف الجيش أسفرت عن وقوع مواجهات بين الطرفين.

وفي محافظة إدلب قرب الحدود التركية نفذت قوات عسكرية وأمنية حملة مداهمات واعتقالات في بلدات سرمين والنيرب وقميناس «وذلك إثر فرار أكثر من 40 مجندا من معسكر النيرب العسكري صباح اليوم (أمس)»، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

في المقابل، توفي شاب في حي الخضر بحمص متأثرا بجروح أصيب بها قبل أيام. وقال المصدر نفسه إنه في مدينة تلبيسة سلم جثمان شاب أمس إلى ذويه بعد أيام من اعتقاله وكذلك جثمان شاب في مدينة حمص لذويه كان قد اختفى من أحد مستشفيات المدينة بعد إصابته بجروح جراء إطلاق الرصاص، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتابع المصدر أنه «في مدينة حمص، اغتيل صباح اليوم (أمس) الدكتور حسن عيد رئيس قسم الجراحة في المشفى الوطني بحمص أمام باب منزله في جب الجندلي»، وحمل التلفزيون السوري «مجموعات إرهابية مسلحة» مسؤولية الاغتيال.

جاء ذلك، بينما تواصلت المظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الأسد، فيما تحدثت أنباء عن وقوع انشقاقات جديدة في صفوف الجيش في مدينتي حماة واللاذقية.

ورغم الحملة الأمنية المكثفة لوقف الاحتجاجات، فإن المظاهرات المسائية استمرت في الخروج في العديد من المحافظات السورية ومنها محافظة درعا وحمص في كل من حي الوعر والإنشاءات ومدينة تلبيسة.

وفي حي بابا عمرو بمدينة حمص، أفاد ناشطون بحصول اشتباك أمس بين «كتيبة خالد» وقوى الأمن المدعومة بالشبيحة استمر لعدة ساعات بعد انشقاق بعض الجنود بمساعدة (كتيبة خالد».

وبث ناشطون على الإنترنت صورا لمظاهرة خرجت في مدينة مارع في ريف حلب طالبت بإسقاط النظام السوري. وبث الناشطون أيضا صورا لمظاهرات مسائية خرجت في كل من مدينة الحراك وبلدتي تسيل ونصيب بمحافظة درعا طالب فيها المتظاهرون بإسقاط النظام السوري.

وكان ناشطون مؤيدون للديمقراطية قد دعوا على موقع «فيس بوك» إلى تنظيم مظاهرات أمس في سوريا من أجل الشابة الضحية زينب الحسني (18 عاما) التي خطفها رجال بلباس مدني في 27 يوليو (تموز) الماضي في حمص للضغط على شقيقها محمد ليسلم نفسه، وكان شقيقها محمد (27 عاما) يشارك في تنظيم المظاهرات في حمص.

وكتب الناشطون على صفحتهم على موقع «فيس بوك»: «لقد قتلوك. تعرضت لأعمال تعذيب غير إنسانية (...) لكن دمك لن يذهب هدرا. كلنا اليوم زينب».

وبحسب منظمة العفو الدولية، عثرت أسرة زينب على جثتها في 13 سبتمبر (أيلول) في مستشفى عسكري توجهت إليه للتعرف على جثة شقيقها محمد، وقالت منظمة العفو إن زينب كانت مقطوعة الرأس والذراعين ومسلوخة الجلد.