لبنان تبنى موقف رئيسي الجمهورية والحكومة وجنبلاط.. عوضا عن موقف حزب الله وحلفائه

ارتفاع السجال الداخلي على خلفية امتناع لبنان عن التصويت على مشروع يدين سوريا في مجلس الأمن

TT

لم يمر استحقاق مجلس الأمن بالتصويت على مشروع يدين الأحداث الحاصلة في سوريا على خير بالنسبة للبنان، فالحكومة اللبنانية عاشت ساعات من «المد والجذر» قبل اتخاذ موقف رسمي في هذا الإطار. وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إنه كان هناك وجهتا نظر من الموضوع ضمن الحكومة الواحدة، الأول يتمثل بموقف حزب الله، وحركة أمل والتيار الوطني الحر المطالب بالتصويت ضد القرار، والثاني متمثل بموقف رئيسي الجمهورية والحكومة والنائب وليد جنبلاط، الداعي للامتناع عن التصويت تجنبا للإحراج الدولي. وبعدما انتهت المفاوضات لتبني وجهة النظر الثانية رسميا من على المنبر الدولي، لم تنته السجالات الداخلية التي ارتفعت حدتها بين المعارضة المتمثلة بقوى 14 آذار وقوى الثامن من آذار.

وفي هذا السياق، اعتبر مصدر قيادي في تيار المستقبل، أن امتناع لبنان عن التصويت هو «بمثابة تأييد لقتلة الشعوب»، لافتا إلى أن «هذا الموقف يضرب بكل تاريخ لبنان المدافع عن الحريات وحق الشعوب في تقرير مصيرها عرض الحائط». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف اللبناني في مجلس الأمن يشكل منعطفا مفصليا في تاريخ لبنان المعاصر، وهو يطرح سؤالا كبيرا عما إذا كانت هذه الحكومة هي حكومة لبنان أم حكومة النظام السوري في لبنان، وبالتالي حكومة حزب الله الذي يديرها ويرعاها».

بالمقابل، شدد وزير الدولة علي قانصو على أن «لبنان متمسك بموقفه الممتنع عن التصويت مع أي قرار يدين سوريا أو يفرض عقوبات عليها، وبالتالي هو سيتخذ نفس القرار في حال إعادة طرح مشروع مماثل على التصويت»، لافتا إلى أن «الامتناع في ظل الفيتو الروسي والصيني يعادل التصويت ضد القرار».

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» قال قانصو: «الموقف اللبناني نابع من قراءتنا لخطورة ما يخطط لسوريا من خلال المشروع الأميركي الغربي الذي يستهدف أمن سوريا واستقرارها ووحدتها، وبالتالي الأمن والاستقرار اللبناني»، مذكرا بأن «العلاقات اللبنانية - السورية تحددها وثيقة الوفاق الوطني التي تنص على العلاقة المتميزة بين البلدين، وبأنه لا يجوز لأي من الطرفين أن يكون ممرا أو مقرا لأي مجموعة تريد التخريب في البلد الآخر».

وإذ نفى قانصو ما أشيع عن عتب سوري من الموقف اللبناني الممتنع، أوضح أن «عتب القيادة السورية هو على بعض السياسيين الذين يتأرجحون بموقفهم مما يحصل في سوريا».

وكان سفير لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة نواف سلام وفي كلمته خلال جلسة التصويت على القرار حول سوريا في جلسة مجلس الأمن، قال: «اسمحوا لي أن أكرر أمامكم اليوم أن لبنان، وإزاء ما تعيشه سوريا من أحداث، يهمه أن يؤكد أنه يتمسك بالدفاع عن سيادة هذا البلد العربي الشقيق ووحدته أرضا وشعبا وعن أمن جميع أبنائه وسلامتهم»، مضيفا: «وإذ نعبر عن حزننا الكبير لسقوط الضحايا، كل الضحايا، في هذا البلد الشقيق، فإن لبنان وانسجاما مع الموقف الذي سبق واتخذه في الثالث من شهر أغسطس (آب) الماضي بالنسبة للبيان الرئاسي، وحماية لوحدته واستقراره، يمتنع اليوم عن التصويت على القرار الذي كان معروضا أمامنا».

بدورها، وصفت حركة «التنمية والتجدد» التي يرأسها عضو تكتل «لبنان أولا» النائب محمد كبارة، الموقف اللبناني الرسمي في مجلس الأمن بـ«المخجل والمتخاذل». وأضافت: «إن الحركة تؤكد أن عدم التصويت ما هو سوى موقف مؤيد ومشارك بجريمة القتل المستمرة بحق الشعب السوري المناضل، فالحياد بين القاتل والقتيل هو دعم للقاتل، كما أن الخروج عن الإجماع العربي الذي تأكد في اجتماع الجامعة العربية هو موقف منحاز لنظام الأسد، ولا شيء يمكن أن يبرر ذلك سوى الخنوع لقوى الأمر الواقع، فلبنان جزء لا يتجزأ عن محيطه وعالمه العربي وهو مع الربيع العربي وكل المحاولات التي تجره الماضي، أي نحو المحور البعثي الفارسي ستبوء بالفشل لأن هذا منطق التاريخ، والتاريخ لا يعود إلى الوراء».