شابان مسيحيان قضيا في أحداث ماسبيرو يثيران شجن المصريين

«مينا دانيال» فقدته والدته.. و«مايكل مسعد» لن يُزف إلى خطيبته

آخر صورة لمينا دانيال خلال مظاهرة شبرا قبل التوجه لمنطقة ماسبيرو حيث قضى نحبه («الشرق الأوسط»)
TT

الدماء تغطي كل مكان في أرجاء المستشفى القبطي بشارع رمسيس بوسط القاهرة، صوت البكاء والعويل يصم الآذان، الطابق الأرضي يتجمع به نحو 500 شخص يبحثون عن أقاربهم الذين أصيبوا أو قضوا جراء الاشتباكات التي شهدتها منطقة ماسبيرو بين متظاهرين مسيحيين وقوات من الجيش.

على السلم الداخلي للمستشفى يجلس قس بملابسه الكهنوتية السوداء وقد بلل بكاؤه لحيته، شاب فقد عزيزا يخرج من باب المشرحة محمولا بعد أن أصيب بنوبة إغماء إثر تعرفه على جثة من فقده.. حركة دؤوبة بين الجثث للتعرف عليها وسط رائحة الموت التي تزكم الأنوف.

مينا دانيال شاب مصري في الخامسة والعشرين من عمره، له ابتسامة جذابة وشكل مميز بشعره الطويل، كما تظهر صوره التي نشرها أصدقاؤه على صفحة خاصة أنشأوها على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، لكن شتان بين صورته المنشورة وجثته الملقاة على الأرض في المستشفى القبطي الذي امتلأت ثلاجة حفظ الموتى به بالجثث.. مينا يرقد بملابس تحول لونها إلى الأحمر القاني.. لون الدماء التي شكلت بقعة كبيرة تحت رأسه.

والدة مينا ما زالت لا تصدق أن نجلها مات، ملابسها تخضبت بدمائه، بقع من الدماء جفت على وجهها، ظلت تبكي وتردد: «هاتفضلي عطشانة للدم يا مصر.. امتى تشبعي من دم ولادك يا مصر».

تعددت الروايات عن كيفية مقتل مينا الذي يطلق عليه أصحابه «جيفارا حركة شباب من أجل العدالة والحرية»، البعض يقول إنه أصيب برصاص الجيش في الرأس، بينما يقول آخرون إن مدرعة سحلته حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، بينما يقول فريق ثالث إنه تعرض لإطلاق نار من بلطجية لا أحد يعلمهم.. تلك الروايات التي لن يحسمها سوى تقرير الطب الشرعي.

وتظهر صور مينا على صفحته على «فيس بوك» أنه كان أحد ناشطي ميدان التحرير، وله الكثير من الصور خلال مظاهرات ثورة 25 يناير، والمظاهرات المليونية التي تلت تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في شهر فبراير (شباط) الماضي.

وأنشأ أصدقاء مينا صفحة له على «فيس بوك» انضم لها حتى ظهر أمس أكثر من ثلاثة آلاف شخص.

أما مايكل مسعد، فهو شاب مسيحي كان يستعد للزفاف قريبا على خطيبته فيفيان مجدي، نزل للمشاركة في مظاهرة الليلة قبل الماضية لكن لن يعود أبدا.

المشهد الذي أدمى القلوب هو الصورة التي تناقلتها عدة مواقع مسيحية لفيفيان وهي تجلس بجوار جثة مايكل الملقاة وسط ثلاث جثث أخرى في مرأب إحدى البنايات بمنطقة ماسبيرو، تمسك بيده وتبكي خطيبها الذي لن تُزف إليه أبدا.

فيفيان مجدي، صحافية بجريدة «وطني»، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «مايكل نزل للمشاركة في المظاهرة السلمية، لكنه توفي دهسا بالمدرعات، المنظر لا يصدقه عقل، ما الذي فعله مايكل حتى يموت بهذه الطريقة».

فيفيان كتبت على حسابها على موقع «فيس بوك»: «مايكل خطيبي حبيبي سابني لوحدي، أنا آسفة مليش مكان وسطيكم تاني، محدش يعزيني ولا عايزة حد يقولي حاجة، أنا السبب في إنه سابني لأني كنت ضعيفة مقدرتش أحميه من (..) الجيش، وأنتم السبب عشان لسه قاعدين هنا».