الصين بعد روسيا تؤشر إلى فقدان صبرها من النظام السوري.. وتدعوه إلى الوفاء بوعوده

مسؤول بعثي يعلن تشكيل لجنة قريبا لوضع دستور جديد.. وشعبان تنتقد بناء بعض الدول مواقفها على أساس تقارير إعلامية غير صحيحة

تشييع في حمص لمجند قتل أول من أمس على يد رجال الأمن
TT

في إشارة إلى أن صبر الصين، بعد روسيا، بدأ ينفد من النظام السوري، دعت وزارة الخارجية الصينية سوريا أمس إلى الوفاء بوعودها بإجراء إصلاحات ديمقراطية، وقال ليو وي مين المتحدث باسم وزارة الخارجية، خلال مؤتمر صحافي معتاد، إن «الصين تعارض العنف ولا تريد أن ترى المزيد من إراقة الدماء والصراع والخسائر في الأرواح». وقال ليو: «نعتقد أن الحكومة السورية يجب أن تنفذ بشكل أسرع وعودها بالإصلاح والبدء في أسرع وقت ممكن والشروع في عملية أكثر تمهلا وتشمل كل الأطراف.. ومن خلال الحوار حل القضايا بشكل ملائم».

وهي المرة الأولى التي تبتعد فيها الصين عن عقيدتها القائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية بخصوص سوريا حيث أوقع القمع الدامي للمتظاهرين أكثر من 2900 قتيل منذ بدء حركة الاحتجاج غير المسبوقة ضد النظام في مارس (آذار) بحسب الأمم المتحدة. وحتى الآن اكتفت الصين بدعوة «كافة الأطراف في سوريا إلى التحلي بضبط النفس وتفادي أي عنف». وتم التعبير عن هذا الموقف الجديد فيما بدأ رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين زيارة إلى الصين.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن في مقابلة نشرت الاثنين أن موسكو وبكين مستعدتان لاقتراح مشروع قرار في مجلس الأمن حول سوريا يكون «أكثر توازنا» من النسخة التي عرضها الغرب على التصويت، وتدين العنف من جهتي النظام والمعارضة. وقال لافروف لمجلة «بروفايل»: «نقترح اعتماد مشروع قرار متوازن يدين العنف من الجانبين». وأضاف «في الوقت نفسه يجب أن نطلب من الأسد مواصلة الإصلاحات التي بدأها». وتابع «إلى جانب ذلك يجب أن نشجع المعارضة السورية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات ومحاولة التوصل إلى اتفاق. نحن مستعدون مع شركائنا الصينيين لعرض مشروع القرار هذا».

وجاءت تصريحات ليو تكرارا لتصريحات الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في الأسبوع الماضي التي قال فيها إن زعماء سوريا يجب أن يتنحوا ما لم يتمكنوا من تنفيذ إصلاحات. وأثارت كل من روسيا والصين انتقادات من الغرب بعد أن تضامنا في الأسبوع الماضي لاستخدام حق النقض (الفيتو) في الاعتراض على قرار بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة صاغته دول أوروبية يدين سوريا بسبب عنفها في التعامل مع المحتجين.

ودافع ليو عن قرار الصين أمس قائلا إن مسودة القرار «هددت بفرض عقوبات». وأضاف أن هذا «ليس في مصلحة استقرار سوريا». وانتقدت الصين التي تتجنب بصفة عامة القيام بدور في الشؤون الداخلية للدول الأخرى الضغط الأجنبي على سوريا بعد مطالب من الأمم المتحدة وأوروبا للأسد بالتنحي قائلة إن مستقبل البلاد يجب أن يتحدد داخليا. وطلبت الصين من الدول الأخرى أكثر من مرة عدم التدخل ولم تدل بتصريحات تذكر منذ اندلاع الاحتجاجات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتزامنت دعوات الصين أمس مع إعلان مسؤول كبير في حزب البعث الحاكم في سوريا أنه سيتم «خلال يومين» تشكيل لجنة لإعداد دستور جديد للبلاد، كما ذكرت أمس صحيفة قريبة من السلطة في سوريا.

وقالت صحيفة «الوطن» إن الأمين القطري المساعد لحزب البعث محمد سعيد بخيتان تحدث عن «مشروع قرار رئاسي خلال يومين بتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد». وأوضح بخيتان خلال حضوره الاجتماع الدوري لمجلس اتحاد العام للفلاحين أن هذا الدستور الجديد «سيقره ثلثا مجلس الشعب ويطرح على الاستفتاء العام وهو ما سينظم الحياة السياسية في البلاد خلال المرحلة المقبلة».

وكان الرئيس السوري بشار الأسد تحدث في يونيو (حزيران) عن إمكانية إجراء تعديل يشمل عددا من مواد الدستور أو تغييره بالكامل، في إشارة إلى إمكانية إلغاء المادة الثامنة التي تنص على قيادة حزب البعث للبلاد. وأكدت صحيفة «البعث» الناطقة باسم الحزب (الحاكم) أن هذه اللجنة «ستنهي عملها قبل نهاية العام الحالي». وأضافت أن بخيتان أشار إلى وجود «استحقاقات انتخابية على مستوى الإدارة المحلية ومجلس الشعب»، موضحا أن حزب البعث «بدأ يعد نفسه لهذه الاستحقاقات ويدرس الخيارات التي سيعتمدها والتحالفات التي يفكر بتكوينها». وتحدث عن انعقاد مؤتمر قطري للحزب «من المقرر أن يلتئم» في الأسابيع القادمة «ستتبلور خلاله» هذه الأمور. من جهة أخرى، اعترف الأمين القطري المساعد لحزب البعث بوجود «شوائب بين أفراد حزب البعث»، موضحا أن «المرحلة المقبلة» تشبه «فرز الحنطة عن الحصى» بحسب صحيفة «الوطن».

وجاء ذلك في وقت عبرت فيه بثينة شعبان، المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية، عن أسفها «لبناء بعض الدول مواقفها على أساس تقارير إعلامية غير صحيحة»، مشيدة في الوقت ذاته بالموقفين الروسي والصيني في مجلس الأمن، معتبرة أن موقفهما «يشكل دعما كبيرا لإتمام عملية الإصلاح في سوريا». وجاء كلام شعبان خلال لقائها بوزير خارجية ماليزيا أنيفا أمان، في العاصمة الماليزية أمس، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أمس.

وذكرت «سانا» أن «أمان أكد رفض ماليزيا أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في سوريا»، مؤكدا دعم بلاده «للإصلاحات التي تقوم بها القيادة السورية استجابة لتطلعات الشعب السوري».

وأضافت الوكالة أن شعبان وضعت أمان «في صورة حزمة الإصلاحات التي قامت وتقوم بها القيادة السورية وتأثير هذه الإصلاحات على مستقبل سوريا مجددة التأكيد على أن سوريا ماضية بطريق الإصلاح ومصرة على إعادة الأمن والاستقرار».

وقالت شعبان في مؤتمر صحافي عقدته مع وزير الخارجية الماليزي، «إن الزيارة تهدف إلى وضع المسؤولين الماليزيين في صورة حقيقة ما يجري في سوريا وخاصة بعد التحريف الكبير الذي تعتمده وسائل إعلام عربية وأجنبية بهدف الإساءة لسورية» مؤكدة أن «القيادة السورية ماضية في تنفيذ الإصلاحات».

وحول تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حول الأوضاع في سوريا، قالت شعبان: «كنا نتمنى لو أن أردوغان بنى تصريحاته على أسس واقعية بدل أن يعتمد على ما يراه ويقرأه في وسائل الإعلام». وأضافت: «كنا نتوقع أن تدعم تركيا مسيرة التعددية الحزبية والديمقراطية في سوريا بدلا من أن تدلي بتصريحات تحريضية لتأجيج الوضع».