ساركوزي يدعو للصفح في ليبيا.. ويعتبر عمليات الناتو شارفت على النهاية

باريس تنحي باللائمة على القذافي وتؤكد أنه رفض «الشروط الجيدة» التي عرضت عليه مقابل استسلامه

ليبيات يحتفلن بمقتل القذافي بعد صلاة الجمعة في ساحة الشهداء في طرابلس أمس (رويترز)
TT

احتل الموضوع الليبي واجهة الأحداث في فرنسا، في اليوم الثاني لمقتل العقيد القذافي في ظروف ما زال يشوبها بعض الغموض. وتداخلت تصريحات أرفع المسؤولين، بدءا برئيس الجمهورية ومرورا بوزيري الخارجية والدفاع، ووصولا إلى المسؤولين السياسيين. وتتقاطع المواقف الرسمية عند نقطتين: التركيز على الدور الذي لعبته فرنسا في هذه الأزمة منذ البداية وتدخلها الحاسم الذي أتاح التخلص من القذافي، والثاني تصورها لليبيا ما بعد القذافي وللعلاقات التي يتعين أن تقوم بين باريس وطرابلس.

واغتنم الرئيس ساركوزي مناسبة إلقائه كلمة صباح أمس عن موضوع التنمية مع اقتراب قمة العشرين بداية الشهر المقبل من أجل دعوة الليبيين إلى «قلب صفحة» القذافي و«النظر إلى المستقبل مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجة للصفح والمصالحة».

واعتبر ساركوزي الذي لعب دورا أساسيا في الدفع نحو التدخل العسكري في ليبيا لحماية المدنيين أن العمليات العسكرية التي قام بها الحلف الأطلسي في ليبيا قد «وصلت إلى نهايتها». لكن وزير الخارجية آلان جوبيه لم يستبعد استمرار العمل ببعض «التدابير (الأمنية) المؤقتة» التي امتنع عن تحديد ماهيتها بانتظار أن يستتب الأمر نهائيا في ليبيا.

وكشفت مصادر عسكرية عن أن عددا من القطع البحرية الفرنسية والطوافات التي شاركت في العمليات العسكرية منذ البداية في طريقها إلى العودة إلى قاعدتها في مدينة طولون المتوسطية. وبحسب وزير الدفاع الفرنسي، فإن باريس عازمة على تخفيف حضورها العسكري مقابل الشواطئ الليبية «في الأيام والأسابيع المقبلة». وكانت الطائرات الفرنسية أول من قام بعملية عسكرية فوق ليبيا قبل أن يتسلم الحلف الأطلسي المهمة، كما أن فرنسا أرسلت «مع بريطانيا» طوافاتها للعمليات بعمليات قصف «حساسة» في ليبيا، فضلا عن مدها الثوار بالأسلحة في المنطقة المحيطة بطرابلس.

وأعلن جوبيه في حديث إذاعي أمس، أن القذافي رفض الاستسلام وفق «شروط جيدة» عرضها عليه الثوار إلا أنه «رفضها». ولم يوضح جوبيه لا طبيعة الشروط التي عرضت ولا القناة التي تم العرض من خلالها. ورغم أن باريس لم تذهب إلى حد انتقاد المجلس الوطني الليبي بسبب مقتل القذافي بعد أن قبضت عليه قواتها حيا، فإن جوبيه وجه للمجلس انتقادات غير مباشرة، إذ اعتبر أنه «كان من مسؤولية الشعب الليبي أن يعتقله ويسوقه أمام القضاء». وأردف الوزير الفرنسي قائلا: «غير أن الأمور سلكت مسارا آخر». وسبق للوزير الفرنسي أن أعلن عشية مقتل القذافي أن هدف التحالف وفرنسا من ضمن صفوفه «لم يكن قتل القذافي، بل إجباره على مغادرة السلطة. وكان القبض عليه ومحاكمته من مسؤولية المجلس الوطني».

وكان وزير الدفاع جيرار لونغيه قد سارع منذ أول من أمس إلى إبراز الدور الذي لعبه الطيران الفرنسي في التعرف على موكب القذافي وإعاقة تقدمه عن طريق إلقاء قنبلتين وزن الواحدة منهما 250 كلغ على مقدمة القافلة وعلى مؤخرتها مما أجبرها على التوقف وما سمح للمقاتلين أن يمسكوا بالقذافي. إلا أن مصدرا دبلوماسيا أجنبيا في باريس قال لـ«الشرق الأوسط» إن أفرادا من الفرق الخاصة الغربية التي تعمل إلى جانب الثوار هي التي ألقت القبض على القذافي. لكن هذه المعلومة لم يتم تأكيدها من مصادر مستقلة.