درعا الأولى بين المدن السورية في أعداد الضحايا.. ومعارضون: ماضون حتى النهاية

شاب «درعاوي» على صفحته في «الفيس بوك»: أي مواطن تعود أصوله لتلك المدينة يعتبر متهما في نظر النظام

TT

تعتبر مدينة درعا التي انطلقت منها شرارة الانتفاضة قبل أن تنتقل إلى بقية المدن السورية، والتي تم اقتحامها مرات عديدة، واجتاحتها دبابات الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد، الأخ الأصغر للرئيس السوري، من أكثر المدن التي قدمت قتلى للانتفاضة بعد أن قارب عددهم الـ627 شخصا ما عدا آلاف الجرحى الذين وقعوا في ساحات التظاهر. وبالإضافة إلى الأضرار المادية التي لحقت بالمدينة وشملت الحقول والمزارع والبساتين والمنازل والسيارات الزراعية، حيث أشعلت عناصر فرقة ماهر الأسد النار في تلك الممتلكات بقصد التخريب والانتقام من الأهالي المطالبين بحريتهم، فرض النظام السوري حصارا قاسيا عليهم، شمل المواد الغذائية والأدوية وغيرها من مستلزمات الحياة، محولا المدينة إلى ثكنة عسكرية تنتشر فيها دبابات الجيش وسيارات الأمن وحواجز للتفتيش.

ويكتب شاب «درعاوي» غادر المدينة في منصف شهر مايو (أيار) الماضي على صفحته على موقع «فيس بوك»: «أصبحت المواطن الذي تعود أصوله إلى مدينة درعا، متهم في نظر النظام السوري لمجرد امتلاكه هذا الانتماء». ويضيف: «لقد تم إلقاء القبض علي، على أحد الحواجز في ريف دمشق فقط لأن بطاقة هويتي التي قام عنصر الأمن بالاطلاع عليها تحتوي على مكان ولادتي، مدينة درعا، مع العلم أني لست مطلوبا واسمي لم يكن على القوائم التي يحملها هذا العنصر».

المدينة التي تعد من أقدم المدن العربية، وتقع في جنوب سوريا بالقرب من الحدود الأردنية - السورية، استمرت في التظاهر ضد نظام الأسد رغم كل الجراح والآلام التي مرت بها. هذا ما يجعل خبراء متابعين للثورة السورية يجدون فيها «مؤشرا لصمود الشارع السوري المنتفض واستمراره في مواجهة آلة القمع الشرسة التي يستخدمها النظام ضده». ويشير معارض سوري يعيش في الداخل إلى أن «الحل الأمني الذي اتبعه الرئيس بشار الأسد لم يجدِ نفعا، فالمتظاهرون لم يتعبوا ولم ييأسوا رغم شعور التخلي الذي يشعرون به تجاه الدول العربية والمجتمع الدولي، وإنهم مصرون على متابعة ثورتهم حتى سقوط النظام».

ويرجع المعارض الذي رفض الكشف عن اسمه هذا الإصرار عند المتظاهرين إلى عدة عناصر أبرزها «القمع المتمادي الذي مارسه النظام السوري ضد شعبه لما يزيد على 40 عاما، سواء في عهد الأسد الأب (حافظ) أو في عهد بشار الابن، مما جعل المجتمع السوري يملك طاقة هائلة للانتفاض على النظام الاستبدادي، ومن ثم فإن المجازر الراسخة في ذاكرة الشعب السوري وآلاف المفقودين في أقبية السجون، هذا كله تراكم مع الوقت وانفجر في لحظة واحدة، ولا يمكن إخماده أبدا». ويضيف المعارض: «السوريون يعلمون جيدا أنهم في حال تراجعوا عن احتجاجاتهم سيعود النظام أقسى مما كان وسيذيقهم أبشع صنوف الإذلال وسوء المعاملة».

كما يلفت المعارض السوري إلى أن «المتظاهرين لم يعد لديهم ما يخسروه، فهم يقدمون أرواحهم في سبيل ثورتهم، أما النظام، ففي كل يوم يخسر الكثير، سواء بالاستنزاف الاقتصادي أو العسكري أو بنفاد رصيده السياسي لدى معظم دول العالم، حيث أعلن بعضها، أن بشار الأسد فقد الشرعية وعليه أن يرحل».