تونس: «النهضة» ترشح حمادي الجبالي لرئاسة الحكومة.. والغنوشي يطمئن قيادات البورصة

4 أسماء متداولة لرئاسة الجمهورية: المرزوقي وبن جعفر والمستيري والسبسي

راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي لدى وصوله إلى المقر المركزي للحزب في تونس العاصمة أمس (أ.ب)
TT

أعلن حمادي الجبالي، أمين عام حركة النهضة الإسلامية، التي فازت بأغلب مقاعد المجلس الوطني التأسيسي التونسي، أن الحركة رشحته لتولي رئاسة الحكومة التي سيشكلها المجلس خلال الأيام المقبلة.

وقال الجبالي، في تصريحات لإذاعة «إكسبريس إف إم» التونسية الخاصة، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، إن الحركة «قررت منح نصف المقاعد التي حصلت عليها في المجلس التأسيسي إلى نساء ناشطات في الحركة محجبات وغير محجبات».

وأضاف أن «النهضة» سترشح منصف المرزوقي (66 عاما) أمين عام حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية»، ومصطفى بن جعفر (71 عاما) أمين عام حزب «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» (يساريين معتدلين)، إلى رئاسة الجمهورية. وفي غضون ذلك يتداول أيضا اسم أحمد المستيري، المعارض التاريخي للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وعضو المجلس التأسيسي لعام 1956.

ولم يستبعد الجبالي أن ترشح الحركة أيضا الباجي قايد السبسي (85 عاما) رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية الحالية لمنصب رئيس الجمهورية، خلفا للرئيس المؤقت فؤاد المبزع. كما أعلن الجبالي رفض حركة النهضة «التام» الدخول في أي تحالف مع القائمة المستقلة (تيار العريضة الشعبية للعدالة والحرية والتنمية)، التي يرأسها محمد الهاشمي الحامدي، صاحب قناة «المستقلة» التي يوجد مقرها في لندن، من دون ذكر للأسباب. وسبق للحامدي الانتماء إلى حركة النهضة عندما كانت محظورة في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، قبل أن ينسحب منها جراء خلاف بينه وبين الغنوشي.

وأعلنت حركة النهضة مساء أول من أمس الثلاثاء فوزها «بأكثر من أربعين في المائة من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي» الذي سيتولى صياغة دستور جديد للبلاد تجرى على أساسه في وقت لاحق انتخابات رئاسية وتشريعية. وأظهرت نتائج أولية للانتخابات تقدم «النهضة»، يليها حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية»، ثم «التكتل من أجل العمل والحريات» و«العريضة الشعبية للعدالة والحرية والتنمية».

وقال حسين الجزيري، عضو المكتب السياسي لحزب النهضة، لـ«الشرق الأوسط» حول ترشيح الجبالي لمنصب رئيس الحكومة «نحن كما أعلنا في برنامجنا اعتبرنا منذ البداية أن الحزب الذي سيفوز بأكثر المقاعد هو الذي سيكلف تشكيل حكومة، فذكر اسم الأخ الجبالي هو مسألة طبيعية».

وقال الجزيري إنه لا توجد أطراف بعينها سيتم العمل معها، لكن العمل سيبدأ بالأساس مع حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية»، و«التكتل من أجل الحريات والعمل»، لتشكيل الحكومة كخطوة أولى.

وعن الخلافات المحتملة داخل المجلس التأسيسي، قال إنه لا يتوقع خلافات فيه، مشيرا إلى أن جو التوافق واضح منذ البداية. وأضاف «طبعا سنجد تيارا في المجال الاقتصادي متمكنا أكثر من تيار آخر، وفي العلاقات الخارجية قد نجد طرفا ما له أولويات. كذلك هنالك استحقاقات وطنية في التعليم والثقافة والمالية». وزاد قائلا «لكن هناك توافقا جليا حول مسألة أولوية التشغيل وإقامة التوازن بين الجهات وتحقيق الأمن، وإنعاش الاقتصاد، وتأسيس مسار ديمقراطي حقيقي تكون الدولة فيه حامية للحريات الحقيقية، وهذا جوهر مطالب الثورة».

ومن جانبه، قال سمير ديلو، عضو المكتب التنفيذي لـ«النهضة»، لـ«الشرق الأوسط»، إن ترشيح الجبالي هو تأكيد على أمر معمول به دوليا، وهو أنه في كل الديمقراطيات يكلف الحزب الفائز بإجراء مشاورات لتشكيل الحكومة. وعن الاحتجاجات التي شهدتها تونس على النتائج الأولية للانتخابات، قال ديلو إن ذلك يندرج في إطار حرية التعبير. وحول المصاعب التي يمكن أن تواجه الائتلاف الحكومي المنتظر، قال إن «المصاعب تبقى موجودة حتى في حالة انفراد حزب بتشكيل الحكومة، فما بالك بحكومة وحدة وطنية؟».

ومن جهته، قال راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإسلامي، إنه «من الطبيعي» أن يشكل الحزب الحاصل على الأغلبية، الحكومة الانتقالية القادمة. وأوضح الغنوشي، في مقابلة مع إذاعة «إكسبريس إف إم» التونسية، ردا على سؤال بشأن تشكيل الحكومة «(النهضة) ستنال نصيبها في روح من التنازل والإيثار، (لكن) الحزب الحاصل على الأغلبية هو الذي يشكل الحكومة، هذا هو الوضع الطبيعي». وتابع الغنوشي أن مختلف الإجراءات التي تلي الانتخابات وصولا إلى تشكيل الحكومة الانتقالية «يجب أن تتم في أقصر وقت ممكن لا يزيد على شهر».

وأكد الغنوشي أن حزبه يؤيد قيام تحالف وطني واسع، وقال «نحن بدأنا حتى من قبل الانتخابات التشاور مع كل القوى السياسية التي عارضت بن علي، ولا نستثني منها أحدا»، مشيرا، في هذا السياق، إلى ترحيبه بالتشاور مع الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب العمال الشيوعي التونسي. وأضاف «هذا موقف مبدئي. نحن مع التحاور من أجل تحالف وطني يفرز حكومة ديمقراطية».

وردا على سؤال بشأن من سيتولى منصب الرئيس الانتقالي خلفا لفؤاد المبزع، قال الغنوشي «شخص ناضل ضد الديكتاتورية» من دون أن يحدد أي اسم. وأضاف «الأمر لم يحسم ولا يزال قابلا للتشاور».

وكان الغنوشي اجتمع أمس مع مسؤولين تنفيذيين بالبورصة التونسية ليبعث برسالة مفادها أن الحكومة التي جاءت بها الثورة ستكون صديقة للسوق. وبذل الغنوشي جهدا كبيرا لطمأنة العلمانيين ومجتمع الأعمال القلق من احتمال سيطرة الإسلاميين على الحكم، وأنه لا يوجد ما يدعو للخوف.

ولم يصل الإسلاميون إلى السلطة في المنطقة منذ فازت حركة حماس الفلسطينية بالانتخابات عام 2006. ويدرك زعماء تونس الجدد أنهم بحاجة ملحة إلى معالجة مشاكل الفقر والبطالة التي تفاقمت منذ قيام الثورة، حسبما ذكرت «رويترز». وقال مسؤول كبير بحركة النهضة إن الغنوشي التقى أمس بمسؤولين من البورصة التونسية ليبعث برسالة مفادها أن البورصة مهمة للغاية، وأنه يؤيد زيادة الإدراجات «لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي وتنويع الاقتصاد التونسي».

وارتفع أمس مؤشر بورصة تونس الذي انخفض بشدة عند استئناف التداول بعد انتخابات الأحد مدفوعا بأخبار الاجتماع، وزادت الأسهم 1.13 في المائة في الساعة 10.34 بتوقيت غرينتش.

وأمام حشد من المبتهجين من أنصار الحركة الليلة قبل الماضية، وعد أحد مسؤوليها بأن يقتسم الإسلاميون السلطة مع العلمانيين وأن يجروا تغييرات جذرية. وقال عبد الحميد الجلاصي، مدير الحملة الانتخابية، في مقر الحركة إنه ستكون هناك استمرارية لأن «النهضة» جاءت إلى السلطة من خلال الديمقراطية وليس الدبابات. وتابع أن حركته عانت من الديكتاتورية والقمع، والآن هناك فرصة تاريخية لتذوق طعم الحرية والديمقراطية.

وقبل أن يتحدث بقليل غنت مرشحة غير محجبة من الحركة أغنيات لبنانية وتونسية على المسرح. وتقول الحركة إن ضم المرشحة غير المحجبة يثبت اعتدالها. ويسعى الغنوشي جاهدا إلى تأكيد أن حزبه لن يلزم المجتمع التونسي أو ملايين السائحين الغربيين الذي يقضون عطلاتهم على شواطئ البحر المتوسط بقواعد أخلاقية معينة، ويشبه نهجه بنهج رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الإسلامي المعتدل. ومن خلال حملة ممولة جيدا، استغلت الحركة بشكل كبير رغبة المواطنين التونسيين في التمكن من التعبير عن عقيدتهم بحرية بعد سنوات من العلمانية المفروضة بالقوة.

من جهة أخرى، قال الغنوشي، إن «التعريب أساسي»، وإنه «ضد التلوث اللغوي» رغم تشجيعه على تعلم اللغات الأخرى. وأوضح «التعريب أساسي، ونحن عرب»، مضيفا «أصبحنا نصف عربي نصف فرنسي (فرانكو آراب).. هذا تلوث لغوي»، مضيفا أنه مع ذلك «نحن نشجع تعلم اللغات خصوصا أكثرها حيوية من دون أن نفقد هويتنا».

وبعد أن أشار إلى «حرص الفرنسيين الكبير على لغتهم» مثلا، قال الغنوشي إن «من لا يعتز بلغته لا يعتز بوطنيته. ينبغي أن يدرس ملف التعليم وطنيا لأن عناصر الهوية الوطنية ليست شأن طرف واحد». ودعا في هذا الصدد إلى تنظيم «استشارة وطنية بمساهمة كل المختصين لتحديد سياسة» في هذا المجال، مضيفا «انتهت مرحلة المكاتب المغلقة التي تحدد مصير البلاد».

من جانب آخر، وحول دور المساجد التي يقول خصوم «النهضة» إنها تستغلها للدعاية الحزبية، قال الغنوشي «لا ينبغي للمساجد أن تكون منابر لأحزاب، ويجب تحييدها عن الأحزاب والتحزب»، بيد أنه أكد مع ذلك أن «خوض الإمام في مسائل سياسية ليس محرما، فهو ينبه ويوجه الناس في خطبه، لكن من دون أن ينتصر أو ينحاز لحزب دون آخر أو لشخص دون آخر».

وهناك شبه إجماع في تونس على الإبقاء على الفصل الأول من دستور سنة 1959 في الدستور الجديد. وينص الفصل على أن «تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها».