ليبراليو تونس يرون نتائج الانتخابات مؤيدة للتغيير لا للدين

اعتبروا أن الناخبين عاقبوا الأحزاب العلمانية

TT

أكدت الأحزاب السياسية الليبرالية التونسية، التي برزت كمنافس قوي في الانتخابات، أن نجاحها خفف من الانتصار القوي للإسلاميين، وقدمت في الوقت ذاته بعض الدروس لحلفائها من الأحزاب العلمانية في المنطقة.

فسر علمانيو تونس نتائج الانتخابات، الأولى في الربيع العربي، بأنها دعوة للتغيير، وليس بالضرورة تبنيا للشريعة الدينية، لكنهم حذروا في الوقت ذاته من أن الناخبين كانوا يتطلعون إلى معاقبة الأحزاب العلمانية التي بدت كأنها تختار صراعا مع الدين.

وكانت الرسالة العاجلة لكل الليبراليين في مصر وليبيا، وفي مناطق أخرى من المنطقة، بحسب منصف المرزوقي، الناشط الحقوقي الذي حل حزبه تاليا لحزب النهضة الإسلامي في الانتخابات البرلمانية، أن «تجنبوا أي شيء قد يبدو كأنه حرب مدنية بين العلمانيين والإسلاميين».

ومع اكتمال النتائج، أمس، قال الليبراليون إن نصف الأصوات ذهبت لصالح حزب النهضة، والنصف الآخر للأحزاب العلمانية في انتخابات المجلس التأسيسي، وسيقوم هذا المجلس بحكم البلاد وكتابة دستور جديد بعد إسقاط نظام زين العابدين بن علي. وحصل أقوى حزبين ليبراليين من الناحية الآيديولوجية، أحدهما هو حزب المرزوقي، ما يقرب من ربع الأصوات، أما باقي الأصوات العلمانية فحصلت على الأحزاب الأقل آيديولوجية، وبعضها قومي.

ربما كانت المفاجأة الأبرز بالنسبة للقوى الليبرالية هنا وفي المنطقة ككل، الانهيار المفاجئ للحزب الذي كان حتى وقت قريب من حامل اللواء والمنافس الرئيسي لحزب النهضة، الحزب الديمقراطي التقدمي. وفي الوقت ذاته، أكد حزب النهضة التزامه بالنمط الغربي في الحقوق الفردية، وتعهد بالتعاون مع العلمانيين، وكان الحزب الديمقراطي التقدمي قد اختتم حملته الانتخابية موجها الاتهامات لحزب النهضة بالتلاعب بالناخبين لدعم أجندة ثيوقراطية خفية.

وأثار الهجوم، على ما يبدو، غضب الناخبين، لأن الحزبين الليبراليين اللذين نجحا اختارا مهادنة حزب النهضة، وعدم الإساءة إليه، ويجري حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، مشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال المرزوقي: «نحن ندين بنجاحنا لحقيقة أننا تحدثنا مع العلمانيين، فكل منا يأتي من خلفية تعنى بحقوق الإنسان، وسنواصل النضال من أجل الحريات المدنية، لكننا لن نحارب الإسلاميين، فنحن لا نريد حربا آيديولوجية بين العلمانيين والإسلاميين». وأضاف: «رسالتنا إلى الإسلاميين كانت (نحن مع الإسلام كدين للدولة)، ولكن ينبغي علينا أن نكون غاية في الحذر؛ لأننا لن نتخلى عن نضالنا من أجل الحريات المدنية، ومن ثم فأنا على يقين تام بقدرتنا على تعزيز حقوق الإنسان وحقوق المرأة.. إلخ، دون قتال ضد الإسلاميين».

بيد أن هذه الآراء لم تحظ بموافقة كل الليبراليين التونسيين، حيث عقد بضع مئات مظاهرة، الثلاثاء، للاحتجاج على ما قالوا إنها تقارير بشأن مخالفات انتخابية ارتكبها حزب النهضة، بما في ذلك التقارير التي تفيد بأن أعضاء النهضة قدموا الهدايا للناخبين، مثل خراف عيد الأضحى. وتقول ريم البنا (30 عاما)، ممثلة: «نحن نعلم أنهم يحصلون على أموالهم من قطر». ونفى حزب النهضة ادعاءات الليبراليين أنه تلقى أموالا من أي دولة خليجية، لكن سياسيين ليبراليين آخرين ممن نجحوا في الانتخابات، اتفقوا على أن نتائج الانتخابات أثبتت تعزيز السياسة غير التصادمية.

من جانبه، عبر إلياس فخفخ، المدير التنفيذي في شركة لقطع غيار السيارات، والذي أصبح مدير حملة التكتل، عن اعتقاده أن الناخبين أيدوا حزب النهضة لا بسبب الدين، بل بسبب مصداقيته كقوة للتغيير، فمؤسسو الحزب يملكون تاريخا هو الأطول والأكثر إيلاما من المعارضة للنظام الديكتاتوري، مشيرا إلى أن مؤسسي الأحزاب الليبرالية الناجحة كانوا معارضين متمرسين أيضا.

وأرجع فخفخ المشكلة إلى التمزق بين هويتهم، كعرب ومسلمين، وتطلعاتهم لتقليد الغرب، وقال في كلمته في مقر التكتل الذي يعلو مطعما للوجبات السريعة: «لدينا مشكلة انفصام في الشخصية في تونس».

* خدمة «نيويورك تايمز»