مدارس السعودية: سلطان الخير يسكن قلوبنا إلى الأبد ويبقى في كل شبر بأرجاء الوطن

حصة تاريخية بين معلم وطالب

اجماع سعودي على فقد الأمير سلطان بن عبد العزيز (تصوير: بندر بن سلمان)
TT

سلطان يسكن قلوبنا إلى الأبد، يبقى في كل شبر من أرض الوطن، صاحب الأيادي البيضاء والمواقف الإنسانية، من أول المبادرين في دعم كل القضايا الإنسانية التي تحتاج المساعدة، ذكره الكبير والصغير، الغني والفقير.. سيرة عطرة حافلة بالمنجزات والعطاء تحدث عنها معلمو المدارس مع طلابهم، يتذكرون صورة كانت وما زالت عالقة في أذهانهم إلى الأبد.

بعد أن وجه وزير التربية والتعليم بتخصيص الحصة الأولى في جميع مدارس التعليم العام للبنات والبنين، يوم أمس، للحديث عن مناقب ولي العهد، فقد خيم الحزن في المدارس السعودية، وبانت على وجوه المعلمين والطلاب آلام، متذكرين منجزات أمير الخير وسلطان الخير، الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، رحمه الله، الذي ستبقى أعماله الإنسانية شاهدا حيا على مآثره الطيبة التي سوف تبقى محفورة في الذاكرة والوجدان.

وتبادل معلمو المدارس حديثهم مع طلابهم عن دور سلطان الخير في خدمة دينه ومليكه ووطنه، ودوره الرائد في دعم العمل التربوي والتعليمي، من خلال الهيئات واللجان المختلفة التي تشرفت برئاسته وعضويته، معبرين عن مشاعرهم الحزينة، مؤكدين على العرفان له بما قدمه، وتعزيز اللحمة الوطنية.

وتطرقت المدارس لدوره، رحمه الله، في خدمة دينه ومليكه ووطنه وإنجازاته على الصعيد العربي والإسلامي، كما تمت إتاحة الفرصة للطلاب للتعبير عن مشاعرهم في هذا المصاب الجلل، وتوجيه الطلاب للدعوات الصادقة له بالرحمة والمغفرة, كما تم توزيع مطويات ونشرات توضح سيرته وإنجازاته، طيب الله ثراه.

نائب وزير التربية والتعليم، فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، يقول: «عندما نتأمل مسيرة الراحل وسعيه نحو عمل الخير أينما كان، يجعلنا نقف مترحمين أمام مدرسة خيرية إنسانية، حتى وإن رحل، لا تزال باقية تشهد له نتائجها وثمارها التي لن تتوقف بإذن الله, فقد كان، رحمه الله، داعما لمسيرة التعليم في المملكة وأحد رموزها».

وأضاف ابن معمر لقد كانت لسلطان الخير أياد بيضاء امتدت لتعانق العالمية في دعم الأعمال الخيرية والإنسانية, ولم تقتصر على المملكة فقط, فملامسته عن قرب لقضايا العالم العربي والإسلامي وحاجة أبنائه، لتوفير خدمات اجتماعية تكفل لهم حياة كريمة، بما فيها تقديم التعليم الأمثل, كانت أحد الهموم التي عاشها وعمل على بذل كل ما من شأنه أن يضمن لهم توفير احتياجاتهم الأساسية.

وكما ذكر أيضا الدكتور خالد بن عبد الله السبتي، نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنين، «لقد كان لرحيل الأمير سلطان بن عبد العزيز، يرحمه الله، بالغ الأثر في نفوس أبناء وبنات هذا الوطن، نتيجة ما بذله في خدمة دينه ومليكه ووطنه، وما بذله في أعمال الخير التي بقيت شاهدا على ما وهبه الله من نبل وسماحة وإنسانية، مؤمنا بأن ما كان يقدمه هو واجب إنساني لا يمكن الحياد عنه, تاركا للناس رسالة مؤداها أن عمل الخير ليست له حدود، وهو ما سيبقى لصاحبه في قلوب الناس الداعين له والمترحمين عليه، وسيبقى أثرها بإذن الله له في ميزان حسناته, وإن جميع ما تسطره الأقلام وتتحدث عنه الألسن في حق سلطان الخير ليس وليد اليوم, ولكن الأسى والحزن الذي يملأ قلوبنا في رحيله حتم علينا أن نقف متذكرين وصابرين أمام هذا المصاب الجلل».

نورة بنت عبد الله الفايز، نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنات، تقول: «إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل، مؤمنين صابرين ومحتسبين مصابنا في أمير القلوب، وهي أقدار الله ولا راد لقضائه».

وزادت: «إن المتأمل لسيرة الأمير سلطان، رحمه الله، يجد ذلك الفضل الذي وهبه له الله، والناس شهداء الله في أرضه، الذين لهجت ألسنتهم بذكر مناقبه والدعاء له - رحمه الله - وما ذاك إلا نتيجة الأثر الذي تركه في نفوس الناس، فقد كان رجل دولة بذل نفسه لخدمة دينه ومليكه ووطنه، وتقلب في العمل السياسي والوطني، إضافة إلى ما عرفه الناس عنه من بذل وعطاء في أعمال الخير التي تعددت وجوهها وتعدت منافعها, رحم الله أمير الخير وأسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا لله راجعون».

من جانب آخر يقول الاختصاصي النفسي، سليمان بن حميدي الزايدي، نائب المشرف العام على مستشفى الأمل في محافظة جدة: «إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا سلطان لمحزونون».

ويضيف: «بدأ العقل ينقب في مناقبك سلطان الخير.. أجابته أفعال سلطان من الصحاري والوديان من بلاد الخير، بلاد الحرمين، أرض العطاء، فقالت لي القفار رحل سلطان المحميات الذي زرع الأمل في غزلان الجزيرة ووعولها. من الصحاري بدأ عقلي ينقب فوجدك يا سلطان.

في جدران المنازل رفعت عيني فردت صخور البيوت ولسان حالها في داخلي أرامل لمتهم أيادي سلطان بعد شتاتهم وقلة حيلتهم. في الساحات رميت بناظري فصاح اليتامى أين أنت يا سلطان؟ فقلت في المحاكم وقضايا المعسرين، فصاح المحتاجون أين أنت يا سلطان؟».

ويستطرد نائب المشرف العام على مستشفى الأمل: «رحل سلطان البلاد تسبقه بإذن الله أعمال خير.. رحل سلطان الحب وقد ترك الأثر والمآثر، في كل شبر وفي كل مكان عند كل شخص، كل من قابلت يذكر في داخله موقفا مشرفا لسلطان الخير.. فقد كان لي شرف لقائه يوما للسلام عليه وكان عنده زوار من أعيان إحدى الدول العربية, وأنا في طريقي للسلام خطر في بالي أن أذكر له أمرا في نفسي, وحينما تشرفت بالسلام عليه، رحمه الله، وقد تهلل وجهه بالابتسامة التي لا يجيدها غيره، قلت له قدمت للسلام عليك، وقبلت جبينه، وهذا شرف لي، حينها تذكرت أمرا وحاجة فذكرتها له، فقال، رحمه الله، ألم تكن كاتبها؟ قلت لا.. هي الآن بدرت بخاطري، قال وعلام أوجه؟ فخجلت من نفسي، فقال اكتبها، وأشار لشخص حوله بأن يدون حاجتي، وذهبت من عنده وكأنه قضى حاجتي, فقال من بمكتبه اكتب ما قلته للأمير، فقلت له ابتسامته وكرمه أنسياني حاجتي وخرجت شاكرا ومقدرا ومعترفا بجميل فضله».

يا سلطان الخير ليس للعقل مكان، فالعواطف لفراقك تغمرها عصارة العيون لنذرفها دما يقطع القلوب، وذلك هو حال كل الشعب، وما هذا إلا لحبك يا سلطان، رحمك الله وغفر لك.

جموع مصلين في بيت الله بمكة يرفعون أيديهم بالدعوات.. وفي مدينة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جموع.. وفي كل مساجد المملكة جموع تبيحك وتدعو لك وتسكب العبرات.

ويستطرد الزايدي: «يا أبا متعب، يا ملك القلوب، يا حبيب الشعب، مصابك مصابنا وحزنك أحزننا، يا ليت قلبي يحمل عنك مرضك فأفديك، وهذا لسان حال شعبك.. بكيت سلطان فزاد بكاؤنا، ونقول لك دام مجدك وعلا سلطانك، ونحن كلنا سلطان لك، وعون لك، وجنود بين يديك، والله لو خضت بنا البحر لخضناه، يا أبا متعب لا هم لملك نحن شعبه، طابت أيامك وطال عمرك بالصحة والعافية». وأضاف: «يا نايف المجد سلم كتف شال أخاه، سلم حب رأينا معناه، حزنك والله يؤلمنا، نعزيك ونشاركك في العزاء، ونألم كما تألم، وما سلطان إلا أبونا، فإن كان فقدك لأخيك ألما، ففقدنا لوالدنا سلطان وجد أصاب قلوبنا».